هل غدا العنف الأسَري، ولا سيما ضد المرأة، في دول المنطقة ظاهرة خطرة.. أم ثمّة مبالغة في إثارتها؟

لا ... على الرغم من التقصير.. هناك نية مبيّتة وراء تضخيم الظاهرة إعلاميا

TT

إن العنف الأسري ضد المرأة - خصوصا - في دول الخليج العربي واقع وموجود، وما يعلن في الصحف وشبكات التلفاز مجرّد جزء من هذه الحوادث.

وفي اعتقادي إن مشكلة العنف بدأت من تواضع مستوى فهم الشريعة الإسلامية وسوء تطبيقها، ومن ذلك تفضيل الذكور على الإناث. إذ ما زال الكثير من الأسر يفضّل الذكور على الرغم من توافق الحياة بين الذكر والأنثى، وكنتيجة لذلك ينشأ الولد - أو الذكر - قاسيا ومتسلّطا. ومن ثَم تنتقل المرأة إلى أنظمة حكومية عقيمة لا ترى للمرأة أية حقوق، بل لا بد من وجود وكيل لها في العقود والامتلاك وحتى في الاستقدام.

أضف إلى ما سبق، أن بعض القضاة ساهموا - مع الأسف - في ظاهرة تسلّط الرجل، وذلك لدى نظَرهم حالات المشاكل الزوجية وتأخر القضاء في الفصل مما يجعل المرأة بين نارين.. نار زوجها وقسوته، ونار مجتمعها ونظرته السلبية إلى المطلقة أو المعلقة. وقد يكون العنف بسبب الإدمان على المخدّرات أو المشروبات الكحولية أو الأمراض النفسية مع وجود زوجة أب معقّدة نفسيا، وكم من أطفال فقدوا الحياة بسبب سوء المعاملة وإهمال الآباء.

وهنا أقول إنه لو طبّق المجتمع تعاليم الإسلام لأدرك كل واحد من أفراده حقوقه وواجباته. وبالنسبة إلى الموظفين الذين يعملون في سلك القضاء أرى أنهم لو تعاملوا مع القضايا التي تصل إليهم بالمستوى المطلوب من النزاهة والأمانة وتحمل المسؤولية، وطُبِّقت على المدانين أقسى العقوبات، لما تجرأ الرجال المدانون على الإضرار بالمرأة.

ولكن في المقابل، أنا لا أعتقد أن المجتمعات والمنظمات الغربية تفاعلت وتحمّست في طرح هذه القضية حماية للمرأة الخليجية أو رأفة بها، بل جاء تفاعلها وسيلة للتدخل في شؤون المرأة المسلمة، وسنّ القوانين والتشريعات المخالفة للإسلام، جاعلا من هذه القضية «ورقة ضغط» على الحكومات الخليجية لدفعها إلى التوقيع على الوثائق الخاصة بمؤتمرات بكين.

في هذا السياق، يجب أن نتذكّر أن في الولايات المتحدة الأميركية، مثلا، تُسجّل إحدى أعلى أكبر نسب حالات العنف الأسري سواء من الأب أو من الزوج، وتُسجّل أيضا نسبة عالية من حالات الوفاة جرّاء هذا العنف. والأسوأ أن الكثير من حالات الاغتصاب تجري عن طريق الأب أو زوج الأم وتستمر لعدة سنوات، ومع هذا لم يجر التفاعل معها إعلاميا بتلك الضجة والبهرجة والإثارة التي يلجأ إليها الإعلام الغربي عادةً مع أي خبر يتعلّق بالمرأة المسلمة، وبالأخص، في بعض دول الخليج.

إن الإعلام الغربي، مع الأسف، ينظر إلى دول الخليج نظرة الناقد الذي يبحث متعمدا عن أي تقصير ليباشر في تضخيمه وتجريمه. وشخصيا أعتقد - أيضا، مع بالغ الأسف - أن صحفنا المحلية أسهمت، بقصد أو من دون قصد، في إثارة هذه الظاهرة، مما جعل الإعلام الغربي يُقدم على تحريك هذه القضية.. ويعتبرها «ظاهرة خطرة».

وهنا أود القول إنه يمكن للإعلام المحلي من خلال الصحف والتلفاز لعب دور إيجابي في هذه المشكلة، والتقليص منها، وذلك بإسهامه في عدة أمور إيجابية، منها: تنظيم دورات لتعريف المرأة بحقوقها، لا سيما أن الشريعة الإسلامية كفلت لها الكثير من الحقوق التي تؤمّن لها حياة كريمة سواء كانت بنتا أو زوجة أو أما. وأيضا، المساعدة في إيصال المشاكل الأسرية التي تواجه المرأة من سوء تعامل من أي شخص أو عضل، أو جعلها معلقة من قبل الزوج، إلى المسؤولين مباشرة والعمل على سرعة إنهاء معاناتها.

* مسؤولة القسم النسائي في الندوة العالمية للشباب الإسلامي بالمملكة العربية السعودية.