هل تتوقع أن تشكل الانتخابات الرئاسية المقبلة بداية جديدة لمصر؟

نعم .. لمصلحة «حزب الكَنَبة».. وستشهد تغيير واقع الأحزاب السياسية

TT

ثمة محاولات لاحتشاد القوى المناوئة لتيار الإسلام السياسي خلف مرشح واحد خلال الانتخابات الرئاسية المقبلة، إلا أنها ضعيفة بسبب التباين والاختلاف في المواقف بهذا الشأن. فالتيار المدني أثبت بما لا يدع مجالا للشك عجزه عن التماسك والتوحّد بشأن معظم القضايا المثارة على الساحة السياسية مما يجعل التفافه خلف مرشح مناوئ لتيار الإسلام السياسي ضعيف الاحتمال. ولقد حاولت قوى ورموز وطنية كثيرة منتمية للتيار المناوئ لتيار الإسلام السياسي إقناع شخصيات راغبة في خوض الانتخابات الرئاسية باختيار مرشح واحد كي لا يتكرّر «سيناريو» انتخابات الرئاسة 2012، وذلك عندما تفتّت أصوات التيار المدني بين ثلاثة مرشحين هم عمرو موسى وحمدين صباحي وخالد علي، الأمر الذي أدى في النهاية إلى فوز مرشح تيار الإسلام السياسي على الرغم من حصول مرشحي التيار المدني على أكثر من سبعة ملايين صوت من أصوات الناخبين. ولعل إصرار حمدين صباحي وخالد علي على الترشح يعد تكرارا لـ«سيناريو» الانتخابات الرئاسية السابقة، ويجسد الواقع السياسي المصري الذي لم تعد فيه لآيديولوجية المرشحين الكلمة الفصل في نتائج الانتخابات. تعذُّر اتفاق القوى المناوئة لتيار الإسلام السياسي على مرشح واحد أدى إلى تباين واختلاف مواقفها وانقسام الحزب الواحد والحركة السياسية الواحدة حول المرشحين. ووضح ذلك جليا في مواقف حركة «تمرّد» الشبابية والأحزاب الناصرية واليسارية واليمينية، فانقسموا ما بين مؤيدين للمشير عبد الفتاح السيسي، المتوقع خوضه الانتخابات، والسياسي الناصري حمدين صباحي.

وربما يرجع تعذّر اتفاق القوى والحركات والأحزاب المناوئة لتيار الإسلام السياسي على مرشح رئاسي واحد تحتشد خلفه، إلى الحالة الاستقطابية الحادة التي تعيشها مصر في المرحلة الأخيرة من جانب قوى داخلية وخارجية تؤثر بشدة في مواقف وقرارات النخب السياسية المهيمنة على المشهد السياسي، والقادرة على التأثير السريع على توجّهات التجمعات السياسية التقليدية.

ويمكن القول إن المشهد الانتخابي الرئاسي الضبابي، الآخذ في التشكل في مصر، لن تتحكم فيه الأحزاب والقوى المدنية التقليدية، التي لا تترك فرصة أو موقفا واحدا دون أن تؤكد عجزها عن اتخاذ موقف موحّد في أي قضية سياسية محوَرية، مثل الانتخابات الرئاسية. وهذا الأمر ليس جديدا على تلك القوى بطبيعة الحال، بل يعد من موروثات الماضي التي لم تتمكّن بعد من التخلص منه، والعمل وفقا للمعطيات الجديدة في المجتمع المصري.

وأرى أن الكلمة الفصل والمؤثرة في حسم نتيجة الانتخابات الرئاسية المقبلة ستكون لكتلة تصويتية ضخمة، لم تُضبَط يوما ما بممارسة العمل السياسي أو الاهتمام بالشأن العام قبل «ثورة 30 يونيو (حزيران) 2013»، هي المسماة بـ«حزب الكَنَبة» الذي لعب الدور الأبرز في الإطاحة بنظام جماعة الإخوان الإرهابية، وما زالت هذه الكتلة متماسكة، ولم تصل إليها أمراض التشرذم التي تعاني منها القوى المدنية التقليدية.

والمؤكد أن الأحزاب والقوى المدنية المناوئة لتيار الإسلام السياسي لن تكون ذات تأثير قوى لترجيح فرص مرشح بعينه على حساب آخر. وأعتقد أن «حزب الكَنَبة» الشهير سيدفع بمرشحه (المشير عبد الفتاح السيسي) نحو القصر الجمهوري من جولة الانتخابات الأولى، وبنسبة قد تتجاوز 70 في المائة من إجمالي عدد الناخبين.

وإذا كان لدي يقين بأن الانتخابات الرئاسية المقبلة في مصر ستكون بداية جديدة لدولة جديدة، فلدي اليقين نفسه بأنها ستكون بمثابة إيذان بتغيير واقع القوى والأحزاب والتيارات السياسية التي تتصدّر المشهد السياسي منذ سنوات، وأثبتت أنها مريضة بالانقسام ومدمنة للفشل وعاجزة عن التأثير أو التأثر.

لهذا استبعد من دون تردّد إمكانية احتشادها خلف مرشح واحد مناوئ لتيار الإسلام السياسي، حتى الآن، وإذا ظهرت مستقبلا، أي قبل إجراء الانتخابات الرئاسية، محاولات لهذا الاحتشاد، فستظل ضعيفة وليس لها قدرة على التأثير في المجريات الخاصة بالانتخابات أو تغيير دفتها إلى اتجاه غير متوقع.

* إعلامي وناشط سياسي مصري