هل يجد التيار المدني مصلحة له في أن لا يكون له مرشّح في هذه الانتخابات؟

لا .. أصحاب المصلحة لا مرشح لهم.. مع أنه لا تعريف لمصطلح التيار المدني

TT

أولا.. لا بد من تحديد ما يعنيه مصطلح التيار المدني في مصر. لقد ظهر هذا المصطلح وأطلق بعد «ثورة 25 يناير (كانون الثاني)» 2011، من دون أن يكون له مضمون حقيقي، ومن دون كينونة واضحة المعالم. وأصبح كل شخص يبحث عن دور أو مكان في المعترك السياسي، وغير منتمٍ للتيارات والجماعات المنظمة، مثل الإخوان المسلمين والتيارات السلفية أو التيارات الأخرى، مثل الحزب الناصري وخلافه، يصف نفسه بمثل هذا التوصيف.

أي أن كل من هو خارج مثل هذه الكيانات أطلق على نفسه اسم «التيار المدني»، من دون هوية واضحة.. الحقيقة أننا كلنا مدنيون. الشعب المصري كله مدني. وبالتالي، لا يوجد تعريف أو توصيف دقيق لمصطلح التيار المدني، يكون قائما بذاته سياسيا، حتى الآن.

من يقدم مرشحا للانتخابات الرئاسة أو البرلمانية أو حتى المحلية، هي الكيانات السياسية. وما يعرف بـ«المجتمع السياسي» الذي يضم أحزابا سياسية وتنظيمات واضحة المعالم تعمل في الشارع ولها كوادر ولها تنظيم ولها نشاط معروف ومحدد. وبالتالي لا يمكن أن تطلق على شريحة محددة من هذه الكيانات اسم «تيار مدني»، وشرائح أخرى بأنها ليست كذلك.

ففيما عدا المؤسسة الدينية، والمؤسسة العسكرية، فإن كل التيارات والأحزاب الأخرى يمكن أن تطلق عليها «مدنية»، وعليه، يمكن أن تقول إن حمدين صباحي من التيار المدني، وهو مرشح لانتخابات الرئاسة، على الرغم من أنه مؤيد أصلا لخارطة الطريق. وعلى أي حال، من مصلحته أن يكون مرشحا، ليس من أجل أن ينجح في الانتخابات، ولكن لكي يعطي للمنافسة على الرئاسة مصداقية، ويعطي معنى لباقي استحقاقات خارطة الطريق.

وكذلك هناك أحزاب مؤيدة لخارطة الطريق وللإجراءات التي بدأت منذ الثالث من يوليو (تموز) الماضي، وإذا تقدمت بمرشح لها، فإن الأمر لا يزيد عن رغبتها في محاولة إنجاح باقي بنود خارطة الطريق نفسها.

على أي حال أرى أنه لن يفوز في الانتخابات الرئاسية المقبلة، إلا القائد العام للقوات المسلحة، في حال ترشحه، أما باقي من سيتقدمون للترشح، مثل صباحي، فسيحرصون على أن تكون الانتخابات الرئاسية ذات مصداقية، وكما قلت، ليس من أجل الفوز، وإنما من أجل الوجود والاستمرار في المشهد الحالي بمصر.

ولذلك أعود وأقول إنه لا يوجد توصيف سياسي لـ«التيار المدني» في مصر، ولكن توجد اتجاهات تطالب بأن تكون مصر دولة مدنية، ومن هؤلاء أيضا الناس الموجودون في مظاهرات في الشوارع.. وهم لن يترشحوا ولن يذهبوا للانتخابات، لأنهم مستمرون في المظاهرات والمسيرات التي ينظمونها، ويرفضون العملية برمتها، ولا يعترفون بشرعيتها من الأساس. مثل هذا الاتجاه، حين تتحدث معه عن الانتخابات الرئاسية، يقول لك: هذه ليست انتخابات، ولكنها «انقلاب». وحين تتحدث معه عن خارطة الطريق، يقولون لك: إنه لا يوجد شيء اسمه خارطة لطريق، وإنما هذا اختطاف للرئيس (السابق محمد مرسي) وعزله. وتقول لهم: سنعمل دولة ودستورا، يردون قائلين: لا.. أنتم قتلة.

الفكرة أن التيار المسيطر في مصر والتيار الذي في السلطة حاليا، من دون شك، هو القوات المسلحة والذين حولها. يمكن أن تقول إن الباقين يتعلقون بأذيالها. وحتى نكون واقعيين، فإن انتخابات الرئاسة ستجري في إطار الخطة التي أعلنت في الثالث من يوليو، حتى تستكمل شكلها القانوني، ويجري تقنين ما حدث.

والمرشح في هذه الانتخابات، والذي سيفوز فيها معروف. شخص له زخم موجود وناس تنزل تدعو له وتغني له في الشوارع. ولكن لا بد أن يكون هناك مرشحون آخرون من أجل استكمال الشكل الديمقراطي، على الرغم من أن انتخابات الرئاسة كانت في خارطة الطريق، أصلا، بعد انتخابات البرلمان. لكن انعكست الآية في هذا الأمر.

وبالتالي، أي مرشح آخر، سواء تيار مدني أو غيره، سيأتي لاستكمال الديكور. وانتخابات 2014 ستكون، في رأيي، أقرب ما تكون لانتخابات 2005 التي فاز فيها الرئيس الأسبق حسني مبارك بأغلبية كبيرة.

* مدير المركز الدولي للدراسات المستقبلية والاستراتيجية