هل ترى أن فكرة تعديل الدستور الجزائري المطروحة حاليا مرتبطة حصريا بانتخابات الرئاسة المقررة في ربيع 2014؟

لا.... فكرة التعديل تأتي استجابة لتطور المجتمع ووعد الرئيس بمجتمع ديمقراطي حقيقي

TT

أولا، لا بد من الإشارة إلى أن فكرة التعديل الدستوري تأتي استجابة للتطور الملحوظ الذي يعرفه المجتمع الجزائري على كافة الأصعدة السياسية والاجتماعية والتنموية، كما تأتي تنفيذا لوعد قطعه الرئيس عبد العزيز بوتفليقة بالانتقال إلى مجتمع ديمقراطي حقيقي ودولة مدنية حديثة، تتساوى فيها الفرص بين جميع أطياف المجتمع الجزائري.

الرئيس بوتفليقة بالدعوة إلى قراءة جديدة في محتوى الدستور، أراد أن يؤكد ذلك الحرص والالتزام الذي قطعه منذ بداية المسيرة الموفقة، التي تعكسها الحصيلة الإيجابية لمشاريعه التنموية التي أخرجت الجزائريين من ضيق المحنة إلى فضاءات التطور، والأمن والنماء والتصالح والبحبوحة المالية. ولهذا فالذين يحاولون ربط هذا التعديل الدستوري بانتخابات 2014 إنما ينطلقون من نظرة ضيقة ورؤى محدودة وهوس تحزبي.. لتغطية فشلهم المسبق في حكم الشعب الجزائري الذي لن يقبل العودة به مرة أخرى إلى زمن الفوضى والانتحار.

وإن كان لا بد من توضيح حول أهمية هذا الفصل بين فكرة التعديل الدستوري والاستحقاق الرئاسي القادم، فإنه ينبغي الاعتراف أن دولة كبيرة في حجم الجزائر، قدمت في الماضي أمثلة رائعة في استعادة استقلالها وتقدم حاليا نماذج رائعة في ممارسة الديمقراطية الشعبية، لهي في أشد الحاجة اليوم إلى إدخال جملة من التعديلات في نظام الحكم والفصل بين السلطات وترقية الأداء الجمعوي، وتحسين الخدمة العمومية وشفافية المعاملات الاقتصادية وفتح المجال أمام حرية المنافسة العامة، وتطوير البحث العلمي. كل هذا لا يتأتى دستوريا إلا بإدخال جملة من التعديلات الطفيفة على مواد الدستور حتى يكون منسجما مع تطلعات الشعب الجزائري من جهة، ويستجيب من جهة أخرى لمعطيات التطور الكمي والنوعي الذي تعرفه البلاد في كافة المجالات الحيوية، وفي مقدمتها ترقية حقوق الإنسان والحقوق الأخرى المرتبطة به. ولهذا فلا علاقة ألبتة بين الدعوة إلى تعديل دستوري وموعد انتخابات 2014.. اللهم إلا في أذهان الذين يبحثون عن أي مشجب يعلقون عليه فشلهم المسبق في هذا الاستحقاق الوطني المهم.

أعتقد جازما أن لا أحد من الجزائريين مستعد اليوم للعودة إلى فترة ما قبل رئاسة بوتفليقة، التي كانت نارا وجحيما وبؤسا وإرهاقا. ولا أعتقد أن الجزائريين، الذين عقدوا مثل هذه المقارنة والمقاربة بين عهد الفتنة والشقاق، وعهدة النماء والوحدة والمصالحة، سينجرون نحو دعوات الآخرين الذين كانوا سببا مباشرا أو غير مباشر في ما حدث قبل 1999.

الشيء الجميل في الشعب الجزائري، مهما تنوعت آراء أفراده وتباينت منطلقاتهم العامة والخاصة، أنهم يتوافرون على قدرة فائقة تسمح لهم بالتفريق ما بين الوفاء للوطن والتنكر له. لقد كشف تعلقه بثورته ورموز وطنه من راية مرفرفة ودولة مصونة وأرض معطاء، أنه لن ينجر مرة أخرى إلى الانسياق نحو الوهم والانغلاق.

الرئيس بوتفليقة، بشهادة العام والخاص، في الداخل والخارج، أبلى في سبيل إحداث هذه النقلة النوعية البلاء الجميل. وتمكن في زمن قياسي من إطفاء نار الفتنة وإصلاح ذات البين وتحريك الماكينة الإنتاجية وتوسيع دوائر العمل واتساع رقعة العطاء الإنتاجي، والقضاء على الدين الخارجي، واستعاد للجزائري تلك الكرامة والأنفة التي كادت أن تضيع إلى الأبد بحجة ممارسة اللغو التحزبي والمروق السياسي والشعوذة المعارضة.

الدستور الجديد ينبئ بميلاد الجمهورية الجديدة التي يحلم بها المجاهدون والشهداء والوطنيون الأحرار، في كل مواقع العمل والعطاء. ومن هنا يصر الرئيس بوتفليقة على أن يدون التاريخ الإنساني اسمه في سجل الخالدين، حيث أوفى أمام شعبه ما عاهد الله عليه وما بدل تبديلا.

أنا متأكد أن التعديل الدستوري القادم، على الرغم من أن لا صلة مباشرة له بالانتخابات الرئاسية المقررة عام 2014، سيكون الهدية الجميلة جدا التي سيتلقاها الشعب الجزائري وهو يعيش أجواء نشوة النصر لثورته المظفرة واحتفالات خمسينية استقلاله الرائعة جدا. وختاما، لا أظن إلا الخير في شعب ووطن، ما دام على رأسه مجاهد وفي جيشه مجاهدون.

* نائب رئيس المجموعة البرلمانية لحزب «جبهة التحرير الوطني» (صاحب الغالبية في المجلس الشعبي الوطني الجزائري). أحد أبرز الداعين إلى ترشح بوتفليقة لولاية رئاسية رابعة