هل كان انسداد آفاق عملية السلام تحت رعاية واشنطن السبب الرئيس للتوصل إلى المصالحة؟

لا.. المفاوضات والملف السياسي برمته شأن فلسطيني

TT

مثلت حالة الانقسام على الساحة الفلسطينية جراء انقلاب حماس في قطاع غزة يوم 14-7-2007 سبع سنوات عجافا أصابت القضية الفلسطينية في مقتل. ولقد أدى الانقسام إلى أضرار بالغة، تمثلت في إضعاف الموقف الفلسطيني بمواجهة الاحتلال الإسرائيلي وأدت إلى خلق حالة المستفيد الأول والأخير منها إسرائيل والخاسر الوحيد الشعب الفلسطيني، كما زادت من معاناة الشعب الفلسطيني. ورغم بذل مصر جهودا مضنية منذ اليوم الأول للانقسام فإنها تعثرت بسبب تعنت حماس ومماطلتها. ورغم أن مصر توصلت إلى ورقة للمصالحة عام 2009 وقعتها حركة فتح... رفضت حركة حماس توقيعها وظلت هذه الورقة مطوية حتى تاريخ 4-5-2011 حين وقعت حركة حماس وباقي الفصائل الفلسطينية على ما سمي «اتفاق القاهرة» وفي فبراير (شباط) عام 2012 جاء «إعلان الدوحة» ليتمم «اتفاق القاهرة» الذي فعل مرة أخرى في القاهرة. مع هذا لم يتحرك «اتفاق القاهرة» و«اتفاق الدوحة» خطوة واحدة نتيجة لأعذار ومبررات غير موضوعية ساقتها حركة حماس تمثل هروبا من تنفيذ ما جرى الاتفاق عليه. وها قد جاء الآن «اتفاق غزة» ليعلن أنه جرى التوصل إلى آليات تنفيذية لتنفيذ «اتفاق القاهرة» و«إعلان الدوحة» تمثلت في تشكيل حكومة اتفاق وطني برئاسة الرئيس محمود عباس، في غضون خمسة أسابيع، من الكفاءات والتكنوقراط للتحضير للانتخابات التشريعية والرئاسية والمجلس الوطني، وعلى أن يحدد الرئيس محمود عباس موعد الانتخابات المتزامنة التشريعية والرئاسية والمجلس الوطني الفلسطيني بعد ستة أشهر على الأقل من تشكيل الحكومة بالتشاور مع الفصائل الفلسطينية. وتضمن أيضا تفعيل اللجنة الخاصة بمنظمة التحرير الفلسطينية، وتفعيل لجنتي الحريات والمصالحة المجتمعية.

طبيعي اليوم أن يستبشر المجتمع الفلسطيني والأمة العربية بهذا الاتفاق الذي جرى التوصل إليه والذي في حالة الالتزام به وتنفيذه سينهي السنوات السبع العجاف، وسيعيد وحدة الشعب الفلسطيني المفقودة... فيجعله أكثر قدرة على مواجهة الاحتلال الصهيوني، ويعيد القضية الفلسطينية إلى مكانتها ويزيد من قوة التفاوض الفلسطيني مع الجانب الإسرائيلي، وسيؤدي إلى رفع المعاناة التي عاناها الشعب الفلسطيني جراء الانقسام ويجدد أطره التنفيذية والتشريعية.

في المقابل، المستغرب في هذا الأمر أن تقرر الحكومة الإسرائيلية وقف المفاوضات مع الجانب الفلسطيني - مع العلم أن هذه المفاوضات متوقفة أصلا - وتلوح بفرض عقوبات على الشعب الفلسطيني... وكأن هناك عقوبة أشد من عقوبات الاحتلال. والمستغرب أيضا أن يعلن نتنياهو رئيس الوزراء الإسرائيلي أن على الرئيس أبو مازن أن يختار بين السلام مع إسرائيل والمصالحة مع حركة حماس.. وتنسى إسرائيل أنه لا علاقة بين الأمرين.

لقد تجاهل رئيس وزراء إسرائيل أن المصالحة الفلسطينية هي شأن فلسطيني خالص، ولا شأن لها ولا لغيرها به، وأن المصالحة منذ أيام هي في صالح المفاوضات.

ولكن عندما لا يكون لدى رئيس وزراء إسرائيل النية ولا الرغبة في السلام، بل يضع العراقيل أمام كل محاولة لتحقيق السلام العادل والشامل، فإن هذا يؤكد للرأي العام العربي والعالمي أن إسرائيل ما زالت ترفض السلام العادل والشامل. وهنا نسأل نتنياهو لماذا لم يفرج عن الدفعة الرابعة من الأسرى كما هو متفق عليه في المفاوضات التي تنتهي خلال يومين من الآن؟ لماذا لم يفعل، بوجود الرعاية التفاوضية الأميركية، ما أدى إلى فشل هذه المفاوضات رغم أن الجانب الفلسطيني قدم كل ما هو مطلوب منه من الحلول لتحقيق السلام المنشود؟

إلى متى ستظل إسرائيل تماطل وتحتل أراضي دولة فلسطين والمجتمع الدولي يتفرج؟

إسرائيل تدفع المنطقة بأسرها إلى الهاوية بمواصلتها سياستها العدوانية المتمثلة في استمرار الاستيطان وبناء جدار الفصل العنصري، وتهويد القدس وانتهاك حرمة الأماكن المقدسة وفي مقدمتها المسجد الأقصى المبارك، وحصار قطاع غزة برا وبحرا ومواصلة المداهمات والاعتقالات والقتل والعدوان.

على إسرائيل أن تنصاع لقرارات الشرعية الدولية وللقانون الدولي وأن تنسحب من أراضي دولة فلسطين، العضو المراقب في الأمم المتحدة، بدلا من البحث عن مبررات وذرائع واهية لا طائل من ورائها... وهي تعلم أنها لم تعد تنطلي على أحد.

* سفير فلسطين لدى مصر ومندوبها الدائم لدى الجامعة العربية