وهل تتوقع أن تعتمد مصر السيسي مواقف حاسمة وواضحة إزاء المشاريع الإقليمية غير العربية المتنافسة في المنطقة؟

لا... الرئيس سيبحث عن علاقات إقليمية ودولية تحقق المصلحة الوطنية

TT

تحقيق إنجاز في الملفات الداخلية يتطلب وجود دور قوي لمصر على الصعيد الخارجي يعرف كيف يتعامل مع المشاريع الموجودة في المنطقة بما يصب في المصلحة المصرية العليا. وعلى أي حال، لن تكون السياسة الخارجية هي العلامة البارزة الوحيدة في أولويات عهد الرئيس الجديد.. نحن نواجه مشاكل محددة ومركبة أيضا. أنا شخصيا لا أرى الاقتصاد والأمن من المسائل الداخلية فقط.. العالم اليوم عالم واحد متصل بعضه ببعض، وجزئية الاقتصاد تحديدا لا يمكن أن نفصلها عن الملف الخارجي، فالاقتصاد عبارة عن استثمارات ورؤوس أموال، وفي الغالب هو استثمار أجنبي..

وهذه الاستثمارات تتوقف على العلاقات الخارجية والأمن. ومن دون علاقات خارجية واضحة ومدروسة وأمن مستقر ومطمئن للآخرين، لا يمكن تحقيق أي تقدم يذكر في جلب الاستثمارات وإنعاش الاقتصاد. أعتقد أن إعطاء الأولوية لمثل هذه الملفات يمكن أن يضع مصر على الطريق الصحيح.

وإذا كان الرئيس الجديد يضع في أولوياته الملف الأمني، فلا بد أن يضع في أولوياته العلاقات الخارجية، لأنهما مرتبطان جدا بعضهما بعضا.. يعني الاقتصاد مرتبط بالاستثمار، والاستثمار سوف يأتي برؤوس أموال عربية وأجنبية. فالأمن عامل مؤثر في جذب الاستثمار، لكنه ليس العامل الوحيد، فمن الممكن أن يكون هناك أمن، لكن لا يوجد استثمار. فلا بد إذا كان الرئيس سيعمل على الموضوع الأمني، أن يعمل في الوقت نفسه على تحسين العلاقات مع الدول الأخرى، سواء على المستوى الإقليمي أو الدولي، للحصول على مزيد من الاستثمارات.

وأعتقد أن الرئيس الجديد سيبحث عن علاقات إقليمية ودولية تصب في المصلحة الوطنية المصرية. فلو تم تحقيق إنجاز في الملفات الداخلية بالطريقة التي أشرت إليها، أي الاستثمار والأمن، فمن الممكن أن يتحقق التقدم لمصر في المجال الاقتصادي.. أي إنه لو تمكن الرئيس عبد الفتاح السيسي من تحقيق علاقات خارجية جيدة مع الأمن، فسوف تكون هناك فرصة كبيرة لإعادة الاستقرار الاقتصادي.

ولا يمكن، بطبيعة الحال، التركيز فقط على المشاكل الموجودة في المنطقة، لكن في رأيي لا بد أن يسير الاهتمام بالمنطقة وبدول الجوار وببقية العلاقات الخارجية، مع إيجاد اهتمام أكبر بالإمكانات التي تحوزها مصر من أجل سرعة إنعاش السوق المصرية. فمصر تعد واحدة من كبرى أسواق العالم، وقد تكون واحدة من أكبر 15 دولة في العالم كسوق للشركات الكبيرة، فضلا عن موقع جغرافي وسطي جيد مقبول، وسوف تكون سوقا للسلع الخدمية الاستهلاكية بشكل كبير. وأيضا لو قلنا أن خمسة في المائة فقط من الشعب المصري لديه قدرة شرائية عالية، فهو أيضا سوق كبيرة للسلع الكمالية والرفاهية. إذن، هو سوق للسلع الرخيصة والغالية.

والمشكلة الوحيدة التي تقابل الاقتصاد الآن ليس ضبط الوضع الأمني فقط؛ بل ضبط الأسعار داخليا، وتضخم الأسعار أصبح مشكلة كبيرة جدا.. الدولة تلعب دورا كبيرا فيه، فعندما ترفع الدولة أسعار السولار والبنزين، إذن هي سوف ترفع الدعم ومن ثم سوف ترفع الأسعار. وعندما ترفع الدولة المصرية أسعارها في الكهرباء وغيرها.. فإن كل ذلك يجعل الشركات تعاني وعجلة الاقتصاد سوف تسير ببطء.

فالمسألة تحتاج إلى عدم رفع التكاليف على المواطن والشركات، حتى لا تعاني من البداية مع مرحلة جديدة من الاستغناء عن العمالة وعدم استقبال عمالة جديدة. فلا بد أن يدرك الجميع أن مصر سوف تمر بفترة فيها معاناة بطبيعة الحال، لكن المهم جدا ألا تكون هذه المعاناة كبيرة.

نحتاج للنظر إلى الداخل بعمق.. نحتاج إلى رؤية اقتصادية جديدة وخطاب سياسي للشعب واضح ودقيق حتى يتقبله المصريون بشكل كبير، خاصة في مسألة زيادة الأسعار، فمثلا لا تأتي الدولة وترفع أسعار خدمة معينة، مثل السولار والبنزين، من دون أن تعرف تأثير ذلك على المواطن البسيط، وعلى السيارات ونقل البضائع لمحافظات مصر.

فمصر الآن الأسعار فيها تتوحش بشكل كبير، والأسعار زادت في الفترة الأخيرة 20 في المائة رغم أن الحكومة تدعي زيادتها عشرة في المائة فقط، فهو بالنسبة للحكومة متوسط عام، إنما السلع الرئيسة والخدمات زادت بشكل كبير مثل الكهرباء.

* عضو الهيئة العليا لحزب الوفد