هل يمكن القول إن أداء المرأة كان إيجابيا بعد أكثر من سنة من دخولها مجلس الشورى؟

لا.. ما أسمعه عن الأداء غير مشجع وهناك مشكلة في التعاطي الإعلامي

TT

حول مسألة نجاح أو فشل المرأة السعودية في مجلس الشورى أصدقكم القول إنني، وإن كنت من المشتغلين بالرأي العام، أظنها مسألة يصعب الحكم لها أو عليها إلا بإعلام نشط ونابه ومفتوح ينقل للرأي العام السعودي مشاركات وقضايا ومشاريع المرأة وحضورها في مجلس الشورى. كذلك فإن الحكم للتجربة لها أو عليها بحاجة إلى دراسة سوسيولوجية لدور المرأة في العمل النيابي - إن جاز القول - للتعريف المعرفي بدور المرأة سلبا أو إيجابا في مجلس الشورى.

لكن ما دمنا نحن هنا كإعلاميين ومشتغلين بالرأي العام، تصلنا معلومات شحيحة في ظل سياسة المجلس الغريبة بتحجيم دور الإعلام مقارنة بالدورات السابقة، فإن باستطاعتنا القول للأسف إن تجربة المرأة في مجلس الشورى ليست بالمنتجة. وبحسب ما يصلنا من أعضاء وزملاء في المجلس فإن المشاريع التي تتقدم بها النائبات غير منتجة للمرأة، ولا تهتم بالمجمل بقضاياها الحقيقية مجتمعيا، علاوة على ضعف أساليب التواصل أو «اللوبي» في القضايا التي يطرحنها مع أعضاء المجلس.. ولا أحد يعرف السبب ربما. وأكثر ما يمكن وصفه هنا هو طبيعة التعاطي المجتمعي الذي يفصل بين الرجل والمرأة. فطبيعة العمل في مجلس الشورى قائمة بالمجمل على مسألة «اللوبيينغ» (Lobbying)، أو «التواصل» بين الأعضاء، وبالأخص في المواضيع التي يريد الأعضاء تمريرها على المجلس. وهذه بكل تأكيد مسألة أنقصت بل أضعفت - دعنا نقل - من دور المرأة كثيرا، علاوة على ضعف حالة المشاركة في مجلس الشورى وهي متوقعة في ظل تخوف المرأة من تجربة المشاركة للمرة الأولى.

الغريب في نظري أن المرأة لم تستخدم الإعلام بالشكل المطلوب ليكون في صالحها كقوة ضاغطة تعزز من حضورها في المجلس، وتقلّص من هيمنة الرجل على قبة المجلس، وممارسة دور أكثر إيجابية وإنتاجا. صحيح أن «كوتة» (حصة) المرأة المنتجة محدودة في مجلس الشورى، وهذا سبب آخر لغياب وضعف المشاركة وقلة إحساس الشارع السعودي بها، لكني هنا أقول إنه حتى حضور المرأة في الإعلام غير منتج هو الآخر، باستثناء ما يسرب من معلومات عن جلسات المجلس، وإن تغطيات الإعلام الضعيفة لحضور المرأة في المجلس في أول دورة ليست بالمؤثرة، ومَن يقول عكس ذلك يغالط نفسه ويزيف الحقيقة ويغش الرأي العام ويضلل صانع القرار.

لا أعرف حقيقةً لماذا المرأة متخوفة من الحضور الإعلامي كأداة ضغط على الأعضاء وعلى لجان المجلس ومداولات قبة المجلس!!.. لا أعرف سببا لذلك إلا إذا كانت هناك تعليمات وتحذيرات من إدارة المجلس بعدم الظهور في وسائل الإعلام، وهو ما لا أعرف سببا للاستسلام له.

لقد كنت فعلا أتوقع أن تكون المرأة صاحبة حضور مؤثر، بل ومحطة تحوّل في عمل مجلس الشورى، لكن للأسف لم يكن هناك من إنتاجات يلمسها الشارع السعودي. ولا أظن، ومن خلال أعضاء المجلس، بوجود شيء من التخطيط الذكي في طرح المشاريع أو الأساليب الذكية والمقنعة نيابيا لأعضاء المجلس، ناهيك عن إدارة المجلس التي تواجه حرجا كبيرا في التعاطي مع القضايا التي تطرحها المرأة.

صحيح هناك من يشير إلى وجود النساء في اللجان كنائبات لرؤساء اللجان في المجلس، ولكن هذه يهيمن عليها الذكور في كل لجنة بعدد لا يقل عن ستة إلى سبعة أعضاء، معظمهم يعرف بعضهم بعضا، وبمقدورهم التطويح بأي مشروع قد تتقدم به المرأة للجنة العامة في المجلس.

في الحقيقة كنت أتوقع أن تستخدم النائبات في المجلس الإعلام ذراعا نافذة لتعزيز حضورهن وتأثير ذلك على ما يطرحه أعضاء المجلس من طروحات مضادة على مشروعات المرأة لكي يعرف الشارع السعودي جهد وفكر ومساهمات المرأة، على الأقل، لتكوين رأي عام إيجابي تجاههن ورفع سقف «كوتة» المرأة في الدورات القادمة عبر إقناع صانع القرار بأن هناك إنتاجية منتجة لوجود المرأة في المجلس.

اليوم كثير من نائبات المجلس يبررن فشل مشاريعهن ومقترحاتهن في المجلس باغتيالها من قبل الذكور خاصة أنهم يشكلون ثلتي أعضاء المجلس، لكن هذا سبب غير مبرّر لو مارست المرأة دورها - كما قلت - في الانفتاح على أعضاء المجلس بتجييش أكبر قدر من الأعضاء الذكور للوقوف معها في مشاريعها وطروحاتها. بل إنني لا أرى سببا وجيها في ذلك ما دمن نائبات لهن نفس الحقوق وعليهن نفس الواجبات داخل المجلس. وحتى وإذا افترضنا جدلا أن هناك حظرا للمرأة وغيرها من الأعضاء الذكور في الظهور في وسائل الإعلام من قبل إدارة المجلس، فالتقصير في ذلك على النائبات اللواتي لا يرفعن رؤوسهن فيشاركن خارج المجلس في الإعلام لإجبار الأعضاء وإدارة المجلس على التعاطي بحذر، وبلا تحزبات، مع ما جرى التعارف عليه في وريقات المجلس الصغيرة، والترتيبات المسبقة عند الاطلاع على موضوعات مجلس الشورى مسبقا.

في ظل أوضاع كهذه أجزم بأن مشاركة المرأة في مجلس الشورى مجرد «شو» (عرض) للأسف لم يخدم الشارع السعودي بكل تأكيد، وذلك - كما أسلفت في السابق - علاوة على نقص شجاعة النائبات في استخدام الإعلام لصالحهن، حتى وإن كان الأمر حظر إدارة المجلس للظهور الإعلامي للأعضاء.

صحيح أن مسألة نصاب المرأة غير المتوازن مع الأعضاء الذكور صحيحة.. لكن في ظل الوضع الحالي لا أستطيع أن أقول بدور المجلس المنتج والإيجابي للمجتمع.. ولله الأمر من قبل ومن بعد.

* عضو سابق في مجلس الشورى السعودي وإعلامي وأكاديمي