سامي الخطيب.. كان يفكر بزوجة المستقبل رغم علاقته بفتاة أخرى

الوزير السابق والنائب الحالي في البرلمان اللبناني قال لـ«الشرق الأوسط» إن السياسي يضطر لاتقان فن الكذب والإقناع ونفى أن يكون بطل تزوير

TT

الوجه الآخر للوزير السابق والنائب الحالي في البرلمان اللبناني سامي الخطيب لا يتناقض كثيراً مع الوجه السياسي الذي يتميز به. «انا بطبيعتي احب الحياة واحب الناس ولي مجموعة كبيرة من الاصدقاء. وانا حريص ان اختار اصدقائي بعناية، كما اعشق الكلمة والشعر العربي. ويعشق الخطيب صوت فيروز كما يطرب لأم كلثوم وعبد الوهاب. «لم اعد اطرب للمغنين الجدد وقد يكون ذلك بسبب تغيير رغباتنا او آرائنا الفنية او انشغالاتنا بالشأن العام والهموم التي تتراكم». يتأثر بالكثير من الفنون ولا يرى فناً محايداً انما ينحاز احياناً الى الرقص التعبيري التي تقدمه مدرسة موريس بيجار ويعود الفضل في هذا الانحياز الى تأثره بأول «كوريغراف عربي» عمل مع بيجار وهو وليد عوني، شقيق نسيمة زوجته. ولا يرى الخطيب في الرقص العربي «سوى هز البطن والأوراك» الذي لم يتطور برأيه، كما لا يهوى الرقص الغربي الحديث «الذي طرأ على بيئتنا اللبنانية، بعد ان طغت على حياتنا الحضارة الاوروبية والاميركية بشكل كبير ومؤثر».

* بمن تأثر سامي الخطيب في طفولته وهل عاش طفولة صاخبة؟

ـ تأثرت بوالدي الذي كان برتبة صف ضابط، ولم اعش طفولة صاخبة بسبب الضائقة الاقتصادية التي كنا نعيشها في الاربعينات والخمسينات. وكنا نعيش على الراتب الشهري الذي كان يتقاضاه الوالد من وظيفته وهو يكفي فقط لمصروف المنزل والتعليم، وبالكاد كنا نحصل على ربع ليرة لبنانية في الاسبوع، لنشاهد فيلم سينما قبل ظهر كل أحد في مدينة زحلة في البقاع حيث كنا نقطن. عندما كان والدي رئيس المخفر فيها، وكان اقصى طموحنا حضور فيلم او مسلسلات كانت تعرضها السينما لزورو على حصانه الابيض او «فلاش غوردن» الذي كان يطلق النار على اشعة «الليزر»، او مسلسلات الفضاء والمخلوقات الغريبة التي كانت تقتحم الارض، وكان هاجسنا من اسبوع الى اسبوع عندما يسجن زورو في البحث عن السبيل لانقاذه من سجنه. ونبقى متأثرين ومستفزين حتى نطمئن الى مصيره. وكنا نطيع الاهل ونقوم بكل ما يطلب منا من اعمال ونأكل ما تقدمه الوالدة من اصناف الطبخ حتى ولو لم نكن نحبه لنضمن السماح لنا في متابعة المسلسل في الاسبوع الذي يلي، حتى لو اقتضى الامر مساعدة الوالدة في الاعمال المنزلية من كنس ومسح الارض والجلي.

* ما هي هواياتك بالاضافة الى السينما؟

ـ اكثر ما استهواني منذ طفولتي رحلات صيد الطيور التي بدأتها بواسطة «النقيفة» وكنت ارمي العصافير بالحصى. وكافأني والدي عندما نلت الشهادة الابتدائية الاولى بهدية اعتبرها من اهم واثمن الهدايا وهي عبارة عن بندقية صغيرة للصيد، فرحت بها للغاية. واذكر ان صديقاً حميماً كان يرافقني في رحلات الصيد، غضبت منه كثيراً عندما اصاب هذا الصديق كلبي بالخطأ اثناء اطلاقه النار على «حجل»، فأخطأه وقتل الكلب. كما ان نفس الصديق كاد ان يودي بحياة حطاب على بعد مائة متر، عندما كان يطلق النار على «حجل» آخر فرّ بالقرب من الحطاب فأصابه وعلى الفور توارى صديقي وابتليت انا بالحطاب المسكين الذي طرح ارضاً فأسعفته.

* كيف يسترجع سامي الخطيب مرحلة الشباب؟

ـ عشنا شبابنا بالقلة والكبت والمعاناة التي ساهمت في صقل نفسي وتقوية ارادتي، ومع الاسف لم ينشأ اولادي كما تربيت وعوّضت عليهم بكل ما حرمت انا منه، لكن حياة الترف التي عاشها اولادي لم تعط النتيجة التي كنت اتوخاها لهم، علماً انهم والحمد لله نجحوا الى حد ما فبديع (ابنه الوحيد) حصل على ماجستير في علم البنوك في الولايات المتحدة الاميركية، وهو الان يحاول الاقتراب من السياسة، والبنات تزوجن وهن سعيدات باستثناء الثالثة الصغيرة التي لا تزال تتابع تحصيلها العلمي في مجال الهندسة في الولايات المتحدة ايضاً.

وعن تجربته الاولى بافشال انقلاب للحزب السوري القومي الاجتماعي عندما كان ضابطاً في عهد الرئيس الراحل فؤاد شهاب. يقول الخطيب: «كنت مع مجموعة من ضباط الجيش اللبناني عندما افشلنا محاولة انقلاب للحزب السوري القومي الاجتماعي، وتعلمت الكثير من سلبيات تلك التجربة وايجابياتها، وتعرفت على فكر انطوان سعادة «مؤسس الحزب القومي» وتأثرت به كثيراً. لكن افشالي لهذه المحاولة رغم تأثري بالفكر القومي كان للمحافظة على النظام وعلى الحكم الذي كنت جزءاً منه، وكنت في موقع الدفاع عن النظام الذي كانوا يحاولون اغتصابه، ولم اكن بمفردي في هذه المواجهة انما كنت جزءاً من التركيبة السياسية التي كانت مستهدفة في ذاك الوقت، وعلى رأسها رئيس الجمهورية فؤاد شهاب وقد اديت واجبي العسكري وسلموني التحقيق. فحققت مع جميع الذين كانوا ينفذون هذا الانقلاب، وقد تعرفت من خلال التحقيق على شخصية كل منهم وعلى ثقافتهم الحزبية وعلى فكرهم القومي ومستواهم الاجتماعي ولمست انهم فعلاً علمانيون وضد الطائفية وكانت مواقفهم السياسية في ذاك الوقت تختلف عن فكرهم القومي وانا كنت ضد موقفهم السياسي يومذاك لانهم تحالفوا مع الرئيس الراحل كميل شمعون ومع حلف بغداد وانا كنت ناصرياً ومع الرئيس فؤاد شهاب او بصورة اوضح شهابي مع الرئيس جمال عبد الناصر.

* وكيف تسلمت قيادة قوات الردع العربية من العام 1977 وحتى العام 1983؟

ـ كانت تجربة مهمة في حياتي طورت معرفتي، ومكنتني من الاطلاع على الشأن العربي، وعلى الهموم العربية، ومواقف الدول العربية، وخصوصاً منها سورية التي كانت تشكل قواتها نسبة 90 في المائة من قوات الردع العربية، وساهمت ايضاً، في تعرفي على العديد من ضباط الجيش السوري وعلى المؤسسات السورية، وعلى نظام الرئيس السوري الراحل حافظ الاسد رحمه الله وبنيت علاقات متينة معه ومع القيادة السورية نتيجة الثقة المتبادلة، خصوصاً انني سبق ان كنت لاجئاً سياسياً في دمشق لمدة سنة ونصف السنة عام 1973، عندما وجهت اليّ تهمة من المحكمة العسكرية، بأننا تدخلنا في السياسة في عهد الرئيس الراحل فؤاد شهاب، وقد حوكمنا عشر سنوات غيابياً، ثم حوكمنا تحت قوس العدالة وبُرّئنا. ونتيجة البراءة جعلت هناك ثقة مزودجة من الرئيسين اللبناني والسوري الياس سركيس وحافظ الاسد، رحمهما الله، بشخصي، ليتم اختياري قائداً للردع كضابط لبناني موثوق به لبنانياً وسورياً وحتى عربياً، وكنت القائد الشرعي لتلك القوات. ونتيجة لهذه التجربة الناجحة كلفت في العام 1988 بتولي قيادة الجيش بالوكالة بمرسوم حكومي صادر عن حكومة الرئيس السابق للحكومة سليم الحص، بعد ان أنقسم الجيش على يد العماد ميشال عون. وقد تم اختياري ايضاً لأنني كنت اتقن السياسة جيداً ولا أمارسها.

* وهل اتقانك للسياسة دفعك لخوض غمارها؟

ـ بالفعل معرفتي بالسياسة جعلتني اخوض غمارها، وتسلمت في العام 1990 وزارة الداخلية في حكومة الرئيس عمر كرامي وكذلك في العام 1992 في حكومة الرئيس رشيد الصلح. التي اعدت للانتخابات النيابية التي تعطلت على مدى عشرين سنة بسبب الحرب اللبنانية.

* لكن يقال انك كنت بطلا في تزوير تلك الانتخابات ومهندساً محنكاً لها؟

ـ لم اكن بطل التزوير، والموجودون تحت قبة هذا البرلمان يعرفون من زوّر الانتخابات وانا فخور بإعداد انتخابات العام 1992، بعد ان كانت في عالم النسيان، ولم يكن هناك اي مقومات لاجرائها في وزارة الداخلية، ولم يكن هناك موظفون لذلك، وافتخر بأنني انجزت ما يشبه المعجزة بإعداد تلك الانتخابات لبلد كان غارقاً في الدمار طيلة عشرين عاماً، ولم يكن هناك ثقافة انتخابية لدى المواطنين ولا يعرفون الانتخابات، واضطررت لاجراء برامج تلفزيونية واعلانية في مختلف وسائل الاعلام لتوعية الناس بكيفية ممارسة حقهم الانتخابي، ولم يكن هناك هوية ولا بطاقة انتخابية ولا صناديق اقتراع، واعددت الميكروفيلم وكل ما يلزم لهذه الانتخابات التي اعتبرها نزيهة الى حد ما لأن المواطن بالكاد كان يعرف كيف ينتخب، فكيف يتقن التزوير، من هنا كنت اعتبرها نزيهة الى حد ما.

* ماذا عن القلب بعيداً عن السياسة؟

ـ أغرمت بفتاة بلجيكية تعرفت عليها اثناء دراستي في فرنسا، حيث كانت التجربة العاطفية الاولى لي، والتي انتهت بسرعة. اما الغرام الحقيقي والجدي فكان لنسيمة عوني الخطيب وهي قريبتي التي نشأت وتربت في عاصمة الشمال اللبناني طرابلس.

ولا اخفي اني كنت افكر بنسيمة وانا في فرنسا بالرغم من علاقتي بالفتاة البلجيكية، وفور عودتي من باريس تقدمت الى والد نسيمة لطلب يدها، بطريقة تقليدية. لم يكن بمقدرونا ان نقيم عرساً فخماً كما هو الحال عليه الآن في الفنادق، انما عقدنا القران في المحكمة، واقتصر الامر على حفل عائلي في منزل والدي في جب جنين حضره اهل القرية والقرى المحيطة بنا.