* القسم الثاني: الخلفية التاريخية لبرنامج الأمم المتحدة للتفتيش على الأسلحة

TT

1 ـ أصدر مجلس الأمن الدولي التابع للأمم المتحدة ـ إبَّان التسعينات من القرن العشرين وتحديدا في شهر أبريل (نيسان) عام 1991 بعد انتهاء حرب الخليج مباشرةً ـ سلسلة من القرارات (راجع المربع أدناه) بإنشاء جهازين هما مفوضية الأمم المتحدة الخاصة UNSCOM والوكالة الدولية للطاقة الذرية IAEA بغرض القيام بمهمة نزع ترسانة العراق من الأسلحة الكيماوية والبيولوجية والنووية والصواريخ الباليستية.

أُصدرت هذه القرارات بموجب نصوص الفصل السابع لميثاق الأمم المتحدة وهو الآلية التي تخوِّل مجلس الأمن الدولي صلاحيات استخدام القوة العسكرية لتطبيق قراراته.

2 ـ كما ورد في قرار مجلس الأمن رقم 687 فإن برامج العراق الكيماوية والبيولوجية والكيماوية تشكل خرقا لالتزامات العراق تحت المواثيق والاتفاقيات التالية:

* بروتوكول جنيف لعام 1925 والذي يحظر استخدام الأسلحة الكيماوية البيولوجية

* اتفاقية الأسلحة البيولوجية والسامة والتي تحظر تطوير أو تصنيع أو تخزين أو الحصول على أو الاحتفاظ بالأسلحة البيولوجية.

* معاهدة منع انتشار الأسلحة النووية NPT والتي تحظر على العراق تصنيع أو الحصول على أي أسلحة نووية بأي كيفية.

3 ـ أََََلزم قرار مجلس الأمن الدولي رقم 687 العراق بتقديم إفصاحات عن جميع مظاهر برامج أسلحة الدمار الشامل التي بحوزته...

خلال خمسة عشر يوما وأن تقبل بإتلاف أو مصادرة أو تَحييد أسلحته الكيماوية والبيولوجية وبرامجه النووية وكافة الصواريخ الباليستية التي يبلغ مداها أكثر من 150 كم، تحت إشراف دولي. ولكن العراق لم يقدم أي إفصاحات كافية في الموعد المحدد.

إن العراق قد قبِل قرارات مجلس الأمن ووافق على التعاون مع مفوضية الأمم المتحدة الخاصة UNSCOM. إلا أن تاريخ العراق مع هيئات التفتيش التابعة للأمم المتحدة اِتَّسَم بالتعويق المُتصل.

* عدم التعاون العراقي مع الأمم المتحدة 4 ـ أبلغ الرئيس السابق لمفوضية الأمم المتحدة الخاصة UNSCOM ريتشارد بتلر مجلس الأمن في يناير عام 1999 أن لجنة عراقية حكومية رفيعة المستوى كانت قد اتخذت قرارا في سنة 1991 بألاَّ تعطي المفتشين إلا قسماً من الأسلحة والمكونات وخطوط الإنتاج والمخزونات المحظورة. ومن ثَمّ خلصت المفوضية إلى أن سياسة العراق تقوم على ما يلي من أفعال:

* أن تسلم جزءا وليس كل ما لديها من اسلحة ومخزونات وفقط تلك الأقل تطوراً

* أن يحتفظ بقدرات الإنتاج والوثائق اللازمة لإحياء البرامج عندما تسمح الظروف

* إخفاء الحجم الحقيقي لبرنامجه التسلحي بما في ذلك مشروع الغاز العصبي VX وإخفاء أعداد وأنواع الرؤوس الحربية البيولوجية والكيماوية المُعدة لتحملها الصواريخ طويلة المدى

* التكتُّم على وجود برنامج للأسلحة البيولوجية 5 ـ في ديسمبر 1997 أحاط ريتشارد بتلر مجلس الامن بأن العراق قد خلق صنفا آخر من المواقع أطلق عليها مواقع «رئاسية» أو «سيادية» وصرح بأن مفتشي مفوضية الأمم المتحدة الخاصة UNSCOM سيمنعون من دخولها من الآن فصاعداً. إن بنود وقف إطلاق النار عام 1991 لم تنص على مثل هذا الشر المُحَدِّد. ولكن العراق رفض بعد ذلك.

السماح لمفتشي المفوضية الدخول لأي من تلك المناطق الرئاسية الثمانية. إن غالبية هذه القصور المزعومة ما هي في حقيقتها إلا منشآت تكون جزءا لا يتجزأ من الإجراءات التمويهية الهادفة إلى إخفاء مواد تسليحية (انظر الصورة).

* التخويف 6 ـ عند وصول المفتشين للعراق بدا من الواضح أن العراقيين سيلجأون لمجموعة من الأساليب (بما فيها التهديدات الجسدي والإرهاب النفسي للمفتشين) لكي يمنعوا الـ UNSCOM والـ IAEA من إتمام المهمة التي كُلَّفُوها.

7 ـ وكرد فعل لتلك الأحداث أصدر رئيس مجلس الامن عدة بيانات يناشد فيها العراق الامتثال لإجراءات نزع الالتسلح والرقابة التي تعهد العراق بالالتزام بها.

* عرقلة التفتيش 8 ـ أنكر العراق ضلوعه في برنامج للأسلحة البيولوجية والكيماوية حتى يوليو عام .1995 وفي نفس هذا الشهر اعترف العراق أنه أنتج وسائط بيولوجية علي مستوى صناعي في الحكم. وبعد فرار حسين كامل في أغسطس 1995 (وهو زوج ابنة صدام حسين الذي كان يشغل منصب المدير العام لهيئة التصنيع الحربي) نشر العراق أكثر من مليوني وثيقة متعلقة ببرامج أسلحة الدمار الشامل وإعترف بضلوعه في برنامج بيولوجي أسفر عن نشر أسلحة بيولوجية مكتملة. واعترف العراق أيضا بإنتاج 183 رأسا بيولوجية إضافة إلى احتياطي من الوسائط (المواد الوسيطة) يملأ عددا من الرؤوس يفوق هذا العدد بكثير.

9 ـ حاول العراق عرقلة جهود الـUNSCOM لتقصي حجم برنامجه للتسلح البيولوجي.

وابتدع العراق وثائق مزورة تبرر حيازته وسائط زراعة البكتيريا والتي كان استوردها أواخر الثمانينات خصيصاً لإنتاج جرثومة الجمرة الخبيثة ووسُم البوتولونيوم وعلى الأرجح لإنتاج وباء الطاعون حيث تدعي الوثائق المزورة أن الشركة العامة للأدوية والمعدات الطبية والتسويق الدوائي كانت قد استوردت تلك المواد بغرض توزيعها على المديريات الصحية المحلية. كما فرض العراق ايضا الرقابة على الوثائق والأبحاث العلمية التي قدمت الى فرق التفتيش الدولي بحيث مَحت كافة ما في تلك الوثائق من إشارات لأفراد (علماء ومسؤولين) مهمين أو لأسلحة أو لوسائط تستخدم في الإنتاج.

10 ـ ولم يقدم العراق إلى الآن أي وثائق عن إنتاج الوسائط أو ما يلي مرحلة الوسائط من تكوين الأسلحة، كما قام العراق منفردا وبصورة غير قانونية بتدمير بعض أسلحته البيولوجية بين عامي 1991 و1992 مما جعل مهمة إحصاء تلك الأسلحة مستحيلة. إضافة إلى ذلك قام العراق بإزالة كل الأدلة والآثار عن برنامج تسلحه البيولوجي من موقع هام في منطقة المثنى وهو محطة الأبحاث والتطوير وموقع لإنتاج وتسليح رئيسي للأسلحة والوسائط الكيماوية في العراق بما في ذلك إزالة أدلة في قسم السموم ومزرعة حيوانات التجارب ومحطة تعبئة الرؤوس الحربية.

11 ـ رفض العراق تقديم إيضاحات أكثر عن برنامجه أثناء التفتيش في عامي 1997 و1998 وحصر المناقشات مع المفتشين فيما سبق طرحه من موضوعات. وفي عام 1998 تدخل طارق عزيز بنفسه في عملية التفتيش مصرحا بأن برنامج الحرب البيولوجية أكثر سرية وأكثر انغلاقا من باقي برامج أسلحة الدمار الشامل وقلل من أهمية البرنامج البيولوجي حيث قدم العراق برنامج إنتاج الأسلحة البيولوجية على أنه جهد شخصي من جانب حفنة من العلماء المُضَلَّـلِين.

12 ـ وفي نفس الأحيان حاول العراق المضي قُدُماً في برنامج تسلحه الذرِّي عن طريق حملة منظمة لتضليل مفتشي الـ IAEA. ففي عام 1997 أعلن مدير وكالة الطاقة الذرية الدولية أن أعمال الوكالة تعاني من «إعاقة شديدة سبب إصرار العراق على سياسة تعتمد الإخفاء والتقليل من الأهمية والحجم الحقيقيين لبرنامجه الذري».

* إنجازات التفتيش 13 ـ بالرغم من أسلوب السلطات العراقية في التعامل معهما تمكنت كل من مفوضية الأمم المتحدة الخاصة UNSCOM وفريق العمل التابع للوكالة الدولية للطاقة الذرية IAEA من إحراز إنجازات قيمة في اكتشاف والكشف عن برنامج العراق للأسلحة البيولوجية كما تمكنتا من تدمير كميات كبيرة من الأسلحة الكيماوية والمخزونات والصواريخ إضافة إلى تفكيك البنية التحتية لبرنامج العراق النووي.

14 ـ ورغم جهود الـ UNSCOM في أعقاب طرد العراق الفعلي لمفتشي الامم المتحدة بقيت هناك مسائل هامة مُعلقة في ما يخص نزع التسلح. ويلخص تقرير ريتشارد بتلر رئيس الـUNSCOM الذي قدمه لمجلس الأمن الوضع في ما يلي:

* فيما يتنافى مع مطلب تدمير الأسلحة من الرقابة الدولية «قام العراق منفردا وفي الخفاء بتدمير كميات كبيرة من الأسلحة والمواد المحظورة على نطاق واسع».

* كما مارس العراق إخفاء البضائع موضع الحظر ومن بينها الأسلحة بهدف التغطية على التي تنتهك قرارات مجلس الأمن.

ومفاد ما صرح به بتلر هو أن الممارسات المُعَرقِلة للعراق كان لها «أثر كبير على أداء المفوضية في شأن نزع السلاح العراقي».

* سحب المفتشين من العراق 15 ـ بنهاية سنة 1998 دخلت الـ UNSCOM في مواجهة عنيفة مع الحكومة العراقية التي رفضت التعاون مع المفوضية. وكانت كل من الولايات المتحدة والمملكة المتحدة قد أوضحتا للعراق أن أي تقاعس عن إسداء التعاون الكامل مع فرق التفتيش سيجعل من القيام بعمل عسكري ضد العراق أمراً حتميا. طُلِب من ريتشارد بتلر إفادة مجلس الأمن عن الوضع فأفاد أنه بعد سلسلة من المواجهات المباشرة والرفض المنتظم من قبل العراق للتعاون لم تعُد باستطاعة الـUNSCOM أداء مهمة نزع السلاح التي انتُدِبَت لأدائها. وكنتيجة مباشرة لذلك، تَمَّ سحب المفتشين يوم 16 ديسمبر وبدأت كل من الولايات المتحدة والمملكة المتحدة عملية «ثعلب الصحراء» بعد ساعات من سحب المفتشين.

* الوضع منذ عام 1998 16 ـ لم يحدث أي تفتيش بتفويض من الأمم المتحدة في العراق منذ .1998 وفي محاولة للضغط على العراق كي ينصاع لواجبات نزع السلاح والمراقبة أصدر مجلس الأمن الدولي القرار رقم 1284 في ديسمبر 1999 الذي أنشأ مفوضية الأمم المتحدة الرقابة والتحقق والتفتيش الـUNMOVIC كهيئة تَخْلُف الـUNSCOM. كما طالب القرار رقم 1284 العراق بمنح الـUNMOVIC حق «الدخول المباشر وغير المشروط والتفتيش غير المُعترَض لكل المناطق والمنشآت والمعدات والسجلات ووسائل النقل»، كما أوضح القرار الخطوات التي يتعين على العراق اتخذها لكي يصل في النهاية إلى تعليق ثُمَّ رفع العقوبات المفروضة عليه كمقابل لاتباعه تلك الخطوات. وأهم اجراءين يدلان على إنصياع العراق يجب أن يكونا التعاون الكامل مع مفتشي الأمم المتحدة والسماح للمفتشين بالتفتيش على كل المواقع والعاملين والوثائق فوراً دون أي شروط ودون أي إعاقة.

17 ـ وخلال السنوات الثلاث الماضية سمح العراق لـIAEA بالقيام بتفتيش سنوي لمجموعة من المواد النووية (يورانيوم طبيعي ومُنَضَّب وثالثٍ مُخَصًّبٍ تخصيبا ضعيفا) مما دعا بعض البلدان والمعلقين الغربيين الى أن يستنتجوا خطأً أن العراق منصاع لواجبات نزع السلاح النووي والرقابة المفروضين عليه. ولكن كما أوضحت الـIAEA في الأسابيع الأخيرة أن التفتيش السنوي لا يكفي «كبديل لإجراءات التحقق التي تشترطها قرارات مجلس الأمن» 18 ـ كما أعلن الدكتور هانز بليكس الرئيس التنفيذي للـUNMOVIC والدكتور محمد البرادعي المدير العام للـ IAEA أنه في غياب الحملات التفتيشية يكون من المستحيل التحقق من التزام العراق بمطالب الأمم المتحدة لنزع التسلح والرقابة. وفي ابريل 1999 قالت مجموعة من الخبراء المستقلين العاملين بالأمم المتحدة انه «كلما طالت فترة توقف عمليات التفتيش والرقابة أصبح التطبيق الكامل لقرارات مجلس الأمن أصعب ويزيد من خطر احتمال أن يتمكن العراق من إعادة بناء برامج تسلحه المحظورة مرة أخرى». 19 ـ إن مغادرة المفتشين أضعف قدرة المجتمع الدولي على مراقبة وتقييم محاولات العراق المستمرة لإعادة بناء برامج تسلحه الكيماوية والبيولوجية والنووية والصواريخ الباليستية إضعافا كبيراً.

* القسم الثالث

* العراق تحت حكم صدام حسين 1 ـ يحُد جمهورية العراق كل من تركيا وإيران والكويت والسعودية والأردن وسورية والخليج. يبلغ عدد سكانه نحو 23 مليون نسمة من أعراق وأديان مختلفة. حوالي 77% من سكانه هم من العرب من بينهم حوالي 17% من المسلمين السنة وهم الذين يسيطرون على الحكومة أما الـ60% الآخرين فهم من الشيعة إضافة إلى 20% من الأكراد. أما الـ3% الباقية فتتكون من الآشوريين والتركمان والأرمن والمسيحيين واليزيديين.

2 ـ يتسيد الحياة العامة في العراق حزب البعث (راجع الصندوق بالصفحة التالية) ولكن السلطة الفعلية بأكملها تتجمع في أيدي صدام حسين ودائرة المقربين منه. وتعد قبيله صدام حسين وعشائرها هم أكثر أتباعه ولاءً حيث يسخرهم لتنفيذ أوامره حتى لأعضاء الحكومة.

3 ـ يستخدم صدام حسين الزعامة والعنف لتحفيز أنصاره وللسيطرة أو اقتلاع أعدائه. والمكافآت التي قد يمنحها إما أن تكون في صورة مناصب أو أموال أو تسهيلات للحصول على بضائع. يتولى كل من جهاز صدام الأمني الكبير وشبكة حزب البعث المسؤولية العليا داخل المجتمع العراقي حيث ينتشر مرشدوهم في الدوائر الاجتماعية والحكومية والعسكرية.

ويمارس صدام التعذيب والقتل وأشكالا أخرى من التنكيل ضد أعدائه سواء كان هؤلاء أعداء حقيقيين أم كانوا مجرد مشتبه فيهم. ولا يستهدف صدام أعداءه فقط بل يستهدف ايضا عائلاتهم وأصدقاءهم وزملاءهم.

4 ـ ويدأب صدام على التأكد أنه ليست هناك مراكز قوى أخرى غيره في العراق فلطالما سحق أحزاب ومجموعات عرقية قد تكون حاولت التكريس لنفسها مثل الشيوعيين والأكراد. أما أعضاء المعارضة العراقية في الخارج فقد كانوا دائما عرضة لمحاولات الاغتيال من جانب أجهزة الأمن والمخابرات العراقية.

5 ـ يشكل ضباط الجيش قسما هاما من شبكة المرشدين الحكومية. وأي شكوك تحوم حول الضباط بان لهم طموحات غير خدمة الرئيس تؤدي إلى الإعدام الفوري. ولذلك أصبح من عادة صدام اتخاذ إجراءات وقائية دورية تجاه اولئك الذين يَعتقد انهم قد يكونون موضع شبهة للتآمر عليه.

* القمع الداخلي، الأكراد والشيعة:

6 ـ اتبع صدام برنامجا طويل الأمد لاضطهاد الأكراد العراقيين بما في ذلك استخدام الأسلحة الكيماوية. وأثناء الحرب مع إيران عين صدام إبن عمه علي حسن المجيد نائبا له عن المنطقة الشمالية. وأثناء عامي 1987 ـ 1988 قاد المجيد حملة «الانفال» التي شنت هجمات على القرى الكردية. وفي تقدير منظمة العفو الدولية أن ما يقدر بحوالي 100000 كردي قتلوا أو اختفوا في هذه الفترة.

7 ـ بعد حرب الخليج سنة 1991 ثار الأكراد في شمال العراق على حكومة بغداد وكان رد فعل النظام العراقي أن قتل وسجن الآلاف منهم مما خلق نكبة إنسانية حيث فرَّ ما يزيد على مليون كردي إلي الجبال وحاولوا الهرب من العراق.

8 ـ وما زال مسلسل اضطهاد الأكراد العراقيين مستمرا إلا أن الحماية التي تقدمها منطقة الحظر الجوي ساعدت في الحد من أكثر ممارسات النظام شراسة. أما خارج هذه المنطقة فإن نظام بغداد ما زال مستمرا في سياسة الاضطهاد والتخويف.

9 ـ استخدم النظام العراقي الأسلحة الكيماوية ضد الأكراد ويبرز ذلك في الهجوم الذي شنه على حلبجة عام 1988 (راجع الفقرة رقم 9 من الفصل الثاني بالقسم الاول). إن التهديد غير المعلن بالجاهزية لاستخدام الأسلحة الكيماوية ضد الاكراد وآخرين إنما هو أحد الاسس الهامة في محاولات صدام أن يبقي السكان المدنيين تحت السيطرة.

10 ـ دأب النظام على محاولة إقتلاع السكان الأصليين من الأكراد والتركمان من المناطق الخاضعة لسيادته لكي يضعف المطالبة الكردية بالمنطقة الغنية بالنفط حوال مدينة كركول الشمالية في المقام الأول. وينتزع النظام بالقوة الجبرية الأكراد والسكان الآخرين من غير العرب إلي الولايات الشمالية الثلاث دهوك وأربيل و السليمانية التي هي تحت السيادة الواقعية للأكراد. وحسبما صرح مقرر مفوضية الأمم المتحدة لحقوق الإنسان الـ UNHRC الخاص بالعراق أن 94000 نسمة قد طُردوا منذ عام .1991 وصادر العراق أراضي زراعية مملوكة للاكراد وأعاد توزيعها على العرب العراقيين كما عرضت حوافز على العرب الجنوبيين للانتقال إلى منطقة كركوك.

11 ـ بعد ثورة عام 1979 التي خلعت الشاه في إيران كثَّف صدام من حملته ضد الشيعة العراقيين لخوفه من أن يشجعهم النظام الشيعي الجديد في إيران.

12 ـ وفي أعقاب حرب الخليج اندلعت أعمال الشغب في مدينة البصرة الجنوبية غُرَّة مارس 1991 ثُمَّ انتشر الشغب بسرعة في مدن أخرى من جنوب العراق التي أغلبية سكانها من الشيعة. وكان رد فعل النظام أن قتل الآلاف منهم وحاول الكثيرون من الشيعة الفرار إلى إيران والسعودية.

13 ـ وحاول بعض الشيعة المناهضين للنظام اللجوء إلى مناطق الاهوار في الجنوب للاحتماء بها. ولكي يتمكن صدام من إخضاع هؤلاء طفق ينفذ مشروعا ضخما لتجفيف تلك الاهوار بحيث تتمكن قوات المشاة العراقية من القضاء على المعارضين ونتيجة لذلك اضطر سكان المنطقة من الريفيين إلى الفرار أو أُجبروا على الانتقال إلى المدن الجنوبية أو عبر الحدود إلى إيران.

* حروب صدام حسين 14 ـ إضافة إلى توكيد سلطانه المطلق داخل العراق حاول صدام أن يجعل من العراق مركز القوة الوحيد في المنطقة. وأدى سعيه وراء هذه الأهداف للزجِّ بالعراق في حربين اعتدى فيهما على اثنين من جيرانه وهما إيران والكويت.

15 ـ ومع سقوط الشاه في إيران عام 1979 انهارت العلاقات بين العراق وإيران. وفي عام 1980 نقض صدام معاهدة حدودية كان قد وقعها مع إيران عام 1975 يعطي بموجبها إيران نصف ممر شط العرب. وبعدها بفترة قصيرة شن صدام غزواً شاملا على إيران وظن أنه يمكنه انتهاز فرصة حالة الضعف والعزلة والفوضى التي رأى أن الثورة خَلَّفتها في إيران. ونوى أن يحتل اراضي بما فيها تلك الأراضي التي كان قد تخلى عنها لإيران فيما مضى ليثبت موقعه كزعيم للعالم العربي. وظن صدام أن حملته هذه ستكون قوية وقصيرة إلا أن النزاع دارت رحاه لمدة ثمانية أعوام أطلق العراق خلالها 500 صاروخ باليستي على أهداف إيرانية من بينها مدن كبرى.

16 ـ وتقدر خسائر الحرب العراقية ـ الإيرانية في الأرواح بنحو مليون قتيل من كلا الجانبين. كما استخدم العراق الأسلحة الكيماوية استخداما مكثفا منذ عام 1994 في حربه ضد إيران حيث قتل نحو 20000 إيراني بغاز المستردة (يستخرج من نبات حبة الخلة) ومادتي التابون والسِّيرين العصبيتين وما زال يمتلك العراق كل هذه المواد.

ونظر مجلس الأمن الدولي في تقرير أعده ثلاثة من المتخصصين كلَّفهم الامين العام للأمم المتحدة. وبعد الاطلاع على التقرير أدلى رئيس مجلس الأمن ببيان يدين فيه استخدام العراق للأسلحة الكيماوية. وبذلك يكون العراق أول بلد في العالم يوصف بخرقه اتفاقية جنيف لعام 1925 والتي كانت قد حظرت استخدام الأسلحة الكيماوية.

17 ـ وبلغت تكلفة الحرب بين البلدين مئات المليارات من الدولارات ولم يجنِ العراق مكسبا من ورائها. وبعد انتهاء الحرب عاود صدام مسعاه السابق للريادة في الخليج واتبع سياسة إنفاق أموال طائلة على معدات عسكرية جديدة، ولكن العراق كان مُثقلا بالديون التي تحملها زمن الحرب وانخفاض أسعار النفط الذي هو الصادرة الكُبرى الوحيدة التي يصدرها العراق.

18 ـ بحلول عام 1990 عانى العراق من صعوبات اقتصادية حادة. وبحث صدام في سبل تضغط على الدول المنتجة للبترول لرفع أسعار النفط الخام بطريق خفض الإنتاج وإعفاء العراق من الأربعين مليار دولار التي كان اقترضها خلال حربه مع إيران. وقد قدمت الكويت بعض التنازلات في ما يخص الحد الأقصى للإنتاج ولكن صدام أنحى باللائمة على الكويت واتهمها برفع الإنتاج. وعندما أخفقت تهديداته وتوعداته غزا صدام الكويت في 2 أغسطس 1990 حيث ظن أن غزو الكويت قد يصبح مربحاً.

19 ـ وحاول صدَّام أيضا أن يُبرر اجتياحه للكويت بمبررات أخرى حيث ادَّعى مثل سابقيه من حكام العراق أن الكويت بحكم انها كانت تابعة لنفوذ وُلاَةِ البصرة إبَّان الحكم العثماني فإن الكويت يجب أن تكون جزءا من العراق.

20 ـ وأثناء الاحتلال رفض العراق السماح للصليب الأحمر المكلف حماية المدنيين وتقديم المعونة لهم زمن الحروب. وكان الجيش العراقي يطبق عقوبة الإعدام إزاء الجرائم البسيطة مثل النهب وجمع الطعام.

21 ـ وفي محاولة لمنع العمل العسكري لطرده من الكويت احتجز الجيش العراقي عدة مئات من الأجانب (من بينهم أطفال) في العراق والكويت كما منع آلافا آخرين من المغادرة في خرق صارخ للقانون الدولي الذي ينص على حماية حقوق الإنسان. وقد وُضِع الرهائن كدروع بشرية في عدد من المواقع الاستراتيجية والعسكرية.

22 ـ وعند نهاية حرب الخليج أضرم الجيش العراقي النار أثناء فراره من الكويت في أكثر من 1160 بئر بترول مما كانت له آثار بيئية وَخِيمة.

23 ـ ما زال هناك أكثر من 600 أسير كويتي وأسرى آخرين مفقودين.

* انتهاكات حقوق الإنسان 24 ـ وهذا القسم يبني على تقارير انتهاكات حقوق الإنسان الواردة من مؤسسات دولية ذات مصداقية من بينها منظمة العفو الولية ومرصد حقوق الإنسان.

25 ـ ما زالت انتهاكات حقوق الإنسان مستمرة في العراق. فما زال هناك أُناس يُعتقلون بتهمة الاشتباه في ممارسة أنشطة سياسية أو دينية أو لأنهم أقرباء لأعضاء المعارضة. ويتم إعدام أُناس دون محاكمة ودون منحهم حق الدفاع أو التظلم أو الطعن بل وفي كثير من الأحيان يُمنع أقارب المُعدَمين من دفن ذويهم طبقا للشريعة الإسلامية. وأعدمت السلطات العراقية الكثير من السجناء.

26 ـ كما أصدر صدام عددا من المراسيم تنص على عقوبات شديدة للتهم الجنائية من بينها قطع الأطراف والوَسم بالنار وقطع الأذن ومظاهر التشويه الجسدي الأخرى كما يقطع لسان أي شخص يتهم بسب الذات الرئاسية.

* عائلة صدام 27 ـ لدى عدي ابن صدام غرفة تعذيب خاصة يطلق عليها اسم الغرفة الحمراء تقع على نهر دجلة وهي مخبأة كأنها محطة توليد كهرباء. كما كون ميليشيا في عام 1994 تستخدم السيوف في إعدام الناس على أعتاب منازلهم. كما قام بنفسه بإعدام معارضين كما فعل على سبيل المثال في اضطرابات البصرة في اعقاب حرب الخليج.

28 ـ إن أعضاء عائلة صدام هم أنفسهم خضعوا للتعذيب من بينهم ابن عمٍ لصدام اسمه علاء عبد القادر المجيد كان قد هرب إلى الأردن بسبب خلافات مالية مع النظام على حد ما ادعى.

عاد علاء إلى العراق عندما تعهد سفير العراق لدى الأردن علانية أن علاء لن يمسه سوء. ولكن كان في لقائه على الحدود طاهر حبوس رئيس إدارة جهاز المخابرات الذي اقتاده إلى مزرعة يملكها علي حسن المجيد ثم شُدَّ وثاقه إلى شجرة وقام بإعدامه اقرب أفراد اسرته إليه عملا بأوامر من صدام وتبادلوا الأدوار في إطلاق الرصاص عليه.

29 ـ لقد قُتل ما يقرب من أربعين قريبا لصدام من بينهم نساء وأطفال. كذلك قُتل حسين كامل وصدام زوجا ابنتي صدام اللذان كانا قد فرا إلى الأردن ثُم عادا بعد أن منحتهما الحكومة عفوا حيث أُعدما في فبراير .1996