الملك فهد... منظومة الأمن تعني التطوير والتحديث والمسؤولية

TT

احتلت منظومة الامن بمفهومه الداخلي والخارجي المرتبة الاولى في اولويات اجندة خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبد العزيز.

وحينما نتحدث عن الامن فان وزارة الداخلية تعتبر من أولى المؤسسات التي شهدت السعودية قيامها، فتولت الوزارة عند إنشائها في العام 1350هـ الشؤون الداخلية للبلاد، وفي العام 1373هـ تركزت اختصاصاتها بصورة أكبر على الإدارة المحلية وقوات الأمن الداخلي والشؤون الأمنية. وعندما تولى خادم الحرمين الشريفين وزارة الداخلية في عام 1382هـ شهدت الوزارة خطوات تطويرية ملموسة تمثلت في الأنظمة الساعية للأخذ بالأساليب الإدارية الحديثة وتطوير القطاعات الأمنية، وكان من أبرز الأنظمة التي هدفت إلى التطوير نظام المناطق الصادر عام 1412هـ، الذي منح الوزارة دوراً أكبر في تحمل مسؤوليات الإدارة المحلية وتنميتها وضمان فعالية الرقابة الإدارية وأصبح عدد الإمارات بموجبه 13 إمارة.

أما القوات المسلحة فبعد التزايد الكبير في عدد الجيش السعودي وبعد أن تطورت أسلحته وتشعبت تنظيماته وتشكيلاته رأى جلالة الملك عبد العزيز رحمه الله إنشاء وزارة خاصة بشؤون الدفاع فصدر مرسوم ملكي في العام 1363هـ يقضي بإنشاء وزارة للدفاع والطيران، مهمتها تنفيذ السياسة الدفاعية التي يقررها القائد الأعلى للقوات المسلحة ومجلس الوزراء، وذلك بإعداد وتدريب وتجهيز القوات المسلحة للدفاع عن الوطن، بالإضافة إلى الإشراف على مصلحة الطيران المدني، ومصلحة الأرصاد الجوية، ومؤسسة الخطوط الجوية العربية السعودية.

أما وزارة الدفاع وبالرغم من أن الإمكانات المالية المتاحة كانت محدودة وقت إنشاء الوزارة وإلى عام 1382هـ، فقد حققت الوزارة إنجازات كثيرة، أهمها: تطوير أسلحة القوات المسلحة ـ ساهمت في حراسة خط الأنابيب والحدود الشمالية ـ ساهمت في حرب فلسطين العام 1368هـ ـ إنشاء الوحدات المظلية ومدارس عديدة في الجيش ـ إنشاء مستشفى الأمير منصور العسكري بالطائف ـ إنشاء مباني كلية الملك عبد العزيز، ومبنى الوزارة، ومدينة الضباط بالرياض، وعدة مبان بالطائف للوحدات العسكرية ـ إنشاء المصانع الحربية ومباني القاعدة العسكرية بالخرج ـ ابتعاث عدد كبير من الضباط لمختلف أنواع الدراسات ـ إنشاء برج للمظلات بالرياض ـ ساهمت الوزارة في حرب السويس عام 1376هـ ـ أقامت الوزارة العديد من المباني الحديثة في عدة مدن، وتم الانتقال إليها من القلاع والثكنات القديمة ـ إنشاء المدارس الثانوية والمدارس الابتدائية العسكرية في المنطقة الوسطى ـ إنشاء وتطوير سلاح الطيران الملكي ـ البدء في إنشاء سلاح البحرية. ومنذ العام 1382هـ بدأت مرحلة متقدمة في تاريخ القوات المسلحة فتحققت إنجازات شملت جميع القطاعات في مختلف مناطق المملكة مما جعلها تحقق تقدماً تمثل في 1 ـ إعادة تنظيم وزارة الدفاع والطيران ورئاسة هيئة الأركان العامة وإحداث قيادات جديدة للقوات البرية والجوية والبحرية والدفاع الجوي.

2 ـ إعادة بناء القوة البشرية للقوات المسلحة بتوسيع المؤسسات التعليمية والتدريبية العسكرية الجديدة، وإرسال البعثات العسكرية للالتحاق بالكليات والمعاهد المتقدمة في الخارج. 3 ـ إنشاء المدن العسكرية والقواعد الجوية والبحرية ومجموعات الدفاع الجوي ومباني مشروعات الكليات والمجمعات الطبية. 4 ـ بناء المستشفيات العسكرية الكبيرة وصيانتها وتشغيلها وتجهيزها بالمعدات الطبية المتقدمة، وإنشاء أسطول جوي للإخلاء الطبي، كما أنشئت أكاديمية طبية في المجمع الطبي في مدينة الملك فهد العسكرية. 5 ـ بناء نظم جديدة للدفاع تكون في مجموعها نظاماً دفاعياً متكاملاً. 6 ـ اعتماد برنامج التوازن الاقتصادي مع الدول المصدرة للسلاح وأنظمة الدفاع. 7 ـ توسيع القاعدة الصناعية للمصانع الحربية وتحويلها إلى مؤسسة عامة للصناعات الحربية. 8 ـ إنشاء إدارة عامة للمساحة العسكرية.

9 ـ إنشاء إدارة مركزية للأشغال العسكرية. 10 ـ إنشاء إدارات متخصصة تهتم بالجندي السعودي في القوات المسلحة لرفع الجانب الديني والمعنوي. 11 ـ تطوير الطيران المدني. ونمت القوات المسلحة السعودية بفروعها الأربعة (القوات البرية ـ القوات الجوية ـ القوات البحرية ـ قوات الدفاع الجوي) حتى انتقلت في الوقت الحاضر إلى أرقى مستوى لها منذ نشأتها حماية للمقدسات والوطن بإذن الله، ومشاركة في الجهاد من أجل القضايا الإسلامية والعربية، وليس أدل على كفاءة القوات المسلحة السعودية من صفحات النصر التي سطرها رجالها خلال حرب تحرير الكويت منذ وقوع الأزمة بغزو القوات العراقية للكويت الشقيقة في أوائل أغسطس العام 1990م، وحتى فبراير 1991م. ومشاركة القوات المسلحة السعودية في الحروب العربية الإسرائيلية، وإسهامها في حفظ الأمن والسلم الدولي. ومن ناحية أخرى، سارت خطط التنمية في القوات المسلحة جنباً إلى جنب مع خطط التنمية الوطنية في المملكة حيث كانت سياسات وبرامج التنمية تتم من خلال الميزانيات المخصصة للقوات المسلحة سنوياً ومن أهم مجالات إسهام القوات المسلحة السعودية في التنمية الوطنية إسهامها في مجالات التنمية الاقتصادية، والصناعية، والاجتماعية، والفكرية والثقافية والمعنوية والدينية والرياضية، والطبية والصحية، والإدارية والسياسية.

وامتداداً لحرص جلالة الملك عبدالعزيز رحمه الله على الحفاظ على الصورة التي قامت على الدولة وعدم اندثار علم جهادها وسجل كفاحها، رأت القيادة الحكيمة أن يتم تطوير مكتب الجهاد والمجاهدين إلى صيغة عصرية فصدر الأمر الملكي في العام 1374هـ، بتشكيل الحرس الوطني في سائر أنحاء المملكة، وخصصت له ميزانية مستقلة ، كما صدرت الأوامر واللوائح المنظمة لأعماله. ويمثل عام 1382هـ منعطفاً مهماً في تاريخ الحرس الوطني حيث بدأت الانطلاقة الكبرى من أجل الانتقال بالحرس الوطني من مجرد وحدات تقليدية من المجاهدين والمتطوعين وثكنات من الخيام إلى مؤسسة حضارية كبرى وصرح عسكري شامخ، ووجه من وجوه النهضة السعودية، عبر خطط طموحة طويلة وبرامج وسياسات ومشاريع وخطوات آجلة وعاجلة، فأعيد تشكيل جهاز الحرس الوطني العسكري والإداري ليصبح أكثر قدرة ومرونة على تحقيق تلك الطموحات التي اتخذت أربعة مسارات: الأول: توضيح الفكر الموجه للحرس الوطني والقائم على مبادئ العقيدة الإسلامية السمحة.

الثاني: إعادة التنظيم الشامل المستمر عمودياً وأفقياً.

الثالث: بناء القوة العسكرية على أحدث تقنيات العصر. الرابع: الدور الحضاري للحرس الوطني. وقد شهد المجال العسكري جهوداً واضحة في مجال التطوير والتحديث فتم التوقيع في العام 1394هـ على اتفاقية التطوير مع الجيش الأميركي والتي حولت الحرس الوطني من أسلحة وتشكيلات تقليدية إلى وحدات عسكرية متطورة وفق أحدث النظريات العسكرية تنظيماً وتسليحاً وتدريباً. وامتداداً لتطوير الجهاز العسكري بالحرس الوطني فقد انتقلت مهام أركان رئيس الجهاز العسكري بالحرس الوطني إلى عدة هيئات رئيسية. ويعمل الحرس الوطني على تطوير سلاح الإشارة فتم مؤخراً التوقيع على مذكرة تفاهم مع إحدى الشركات البريطانية المتخصصة لتنفيذ مشروع تحديث وتطوير الشبكة الشاملة لاتصالات الحرس الوطني . وكان قد تم التوقيع على اتفاقية مع الحكومة البريطانية في العام 1398هـ تتضمن تقديم أحدث أجهزة ومعدات الاتصالات السلكية واللاسلكية وتدريب الفنيين السعوديين على التشغيل والصيانة . ويضم الحرس الوطني قاعدة الإمداد والتموين وهي وحدة إسناد متطورة تضم مئات الفنيين السعوديين المؤهلين مع الآليات والمعدات المتطورة لتقوم بواجباتها على الوجه الأكمل عبر مساحة المملكة الشاسعة. ومنذ إنشاء مدارس الحرس الوطني العسكرية والفنية التي بدأت في العام 1384هـ، وهي تواكب تطور الحرس الوطني وتسد احتياجاته من الخريجين، ويبلغ عدد المدارس إحدى عشرة مدرسة. وتتولى كلية الملك خالد العسكرية تخريج ضباط الحرس الوطني على أعلى درجة من العلم والتخصص ، وهي إحدى صروح الحرس الوطني وواحدة من المنجزات الحضارية. وبدأت الكلية في تخريج الضباط المؤهلين والجامعين منذ عام 1404هـ. كما قام الحرس الوطني بإنشاء سلاح الفرسان ليتولى الحفاظ على التراث العربي الأصيل المتمثل في بث روح الفروسية . وبينما يقوم الحرس الوطني في إطار مهمته العسكرية ببناء قواته المسلحة لم يغفل مهمته في المجال الحضاري، وسارت المهمتان في خطين متوازيين تحقيقاً للنظرة الحضارية الشاملة في إطار العقيدة الصحيحة والشريعة الإسلامية الخالدة. وفي سبيل تحقيق رسالة الحرس الوطني في المجال الحضاري فإن جهاز الإرشاد والتوجيه يعمل على رفع الروح المعنوية وتقوية ولاء منسوبيه لدينهم والعناية ببيوت الله داخل المدن السكنية والمعسكرات والوحدات وتقديم المشورة الشرعية. كما تصدر مجلة الحرس الوطني شهرياً وهي مجلة عسكرية ثقافية وهي من أهم المطبوعات المتخصصة في العالم العربي، وتتولى إصدار المجلة إدارة العلاقات العامة بالحرس الوطني. كما ينظم الحرس الوطني سنوياً (المهرجان الوطني للتراث والثقافة) كما يولي اهتماماً بالجانب الرياضي لمنسوبيه. وعمل في الحرس الوطني على توفير أفضل الوسائل العلاجية والوقائية الحديثة لجميع منسوبيه، وكان إنشاء الإدارة العامة للخدمات الطبية بداية انطلاقة في المجال الطبي للحرس الوطني، حيث بلغ عدد المراكز الطبية والمستشفيات أكثر من 35 مركزاً، وتم افتتاح مستشفى الملك خالد في جدة العام 1402هـ، ومستشفى الملك فهد بالرياض العام 1419هـ، واستحدثت إدارة الطب الميداني، وأنشئت المدرسة الطبية العسكرية بالحرس الوطني. ويعد مركز الملك عبدالعزيز الطبي بالرياض أحد الصروح الطبية المتقدمة. كما تم إنشاء مركز الملك عبد العزيز للأورام بجدة.