السعودية تقدم نموذجا في المساعدات الاقتصادية والإنسانية والقروض للعالمين العربي والإسلامي

TT

تحتل السعودية مكانة فريدة ومتميزة في مجال تقديم العون والدعم والمساعدة والمساندة للشعوب العربية والاسلامية والصديقة واعانة حكومات تلك الدول على توفير النماء والازدهار لابناء تلك الشعوب ومواجهة ما تتعرض له من أضرار وكوارث. واتسعت أعمال الدعم والعون والمساندة في عهد خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبد العزيز، فقد احتلت السعودية المركز الاول بين الدول في مجال تقديم المساعدات الخارجية، وفقا لارقام رسمية صدرت عن المؤسسات والمنظمات المتخصصة نتيجة لما تخصصه من نسب عالية من دخلها الوطني للمساعدات الخارجية سواء للدول أو المجتمعات أو المؤسسات والمنظمات المتخصصة.

وشملت برامج المساعدات السعودية جميع المجالات تقريبا، منها الزراعية، والاقتصادية، وبناء المدارس والمعاهد والجامعات والمستشفيات والمستوصفات، وانشاء الجمعيات الاسلامية، أو المساهمة في اتمام اقامة تلك المنشآت.

خلال الفترة الممتدة من 1973 وحتى 2000 بلغت قيمة المساعدات التي قدمتها السعودية للدول النامية 582 مليار ريال (155 مليار دولار). وشكلت نسبة أربعة في المائة من المتوسط السنوي من اجمالى الناتج الوطني وهي النسبة الاعلى بين جميع دول العالم. وشمل هذا الدعم مساعدات غير مستردة وقروضاً انمائية ميسرة استفادت منها 37 دولة نامية. وحرصا من حكومة خادم الحرمين الشريفين على مساعدة هذه الدول أسقطت السعودية ديونا بلغت 5.22 مليار ريال استفادت منها 11 دولة من الدول النامية والاقل نموا. كما قدمت في الاعوام الاخيرة جملة من المساعدات الاخرى لبعض الدول الاسلامية في مجالات اسلامية بلغت اكثر من ثلاثة مليارات ريال استفادت منها مجموعة كبيرة من الدول الاسلامية وعشرات المساجد والمدارس والمعاهد والجامعات والجمعيات الاسلامية واستخدمت في ترميم وانشاء عدد من المستشفيات والمستوصفات.

كما اتخذت المساعدات السعودية اشكالا اخرى، من أهمها مسارعتها في مد يد العون والنجدة ماديا وعينيا للدول العربية والاسلامية والصديقة التي تضررت من الكوارث الطبيعية مثل: الزلازل والامطار والفيضانات والجفاف وغيرها من الاسباب كالحروب.

ولم تقتصر تلك المساعدات سواء المادية او العينية على ما تقدمه الدولة فحسب بل شملت تشكيل لجان شعبية لاستقبال تبرعات المواطنين النقدية والعينية. ولضمان وصول تلك المساعدات لمستحقيها اقامت السعودية جسورا جوية وبحرية لايصالها الى المناطق المتضررة في الدول العربية والاسلامية. واشتملت تلك التبرعات والمساعدات على النواحي المادية والعينية كمواد الاغاثة مثل الاغذية ومواد الايواء والادوية وما تحتاجه الحياة المعيشية للمتضررين. وعندما دعت الحاجة أقامت السعودية مستشفيات ميدانية في الاماكن المتضررة أمدتها بالاطباء والاجهزة الطبية والادوية. ولم تقف المساعدات السعودية عند المساعدات الآنية حال وقوع الكوارث بل تعدت الى اعادة اعمار وبناء المدن والمناطق المتضررة بكامل مرافقها، وبالتالي ازالة اثار تلك الكوارث التي يطول تأثيرها في الغالب. بالاضافة الى المشاركة في الوقاية من وقوع بعض الكوارث قبل حدوثها كالجفاف. ومن هذه الاعمال في هذا الجانب اقامة برامج وبناء مشروعات استثمارية زراعية. ولعل البرنامج السعودي لتزويد الساحل الافريقي بالمياه مثال على ذلك حيث أعلنت السعودية خلال مؤتمر القمة الاسلامي الثالث الذي عقد في مكة المكرمة عام 1981 تخصيص مبلغ مائة مليون دولار لتنفيذ مشروعات لحفر الابار والتنمية الريفية في دول الساحل الافريقي المتضررة من الجفاف. وتلى ذلك تقديم مبالغ اضافية للتوسع في هذا البرنامج بلغت ثلاثين مليون دولار. وقد وصلت المساعدات السعودية للدول المنكوبة بالكوارث الطبيعية الى نسب عالية قياسا بما يقدم ويصل للدول المتضررة من مساعدات دولية حيث وصلت نسب المساعدات السعودية أكثر من 58 في المائة من جملة المساعدات الدولية ولم تنخفض في دول أخرى عن 70 في المائة.

وتوج خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبد العزيز المواقف السعودية ازاء أشقائها بالمبادرة التي أعلنها بتوجيه منه الامير عبد الله بن عبد العزيز ولي العهد ونائب رئيس مجلس الوزراء ورئيس الحرس الوطني في مؤتمر القمة الاسلامي السادس في داكار باعفاء ثماني دول أفريقية من الدول الاعضاء في منظمة المؤتمر الاسلامي ذات الدخل المنخفض من تسديد القروض الحكومية التي سبق ان حصلت عليها من السعودية في سنوات ماضية. وبلغ مجموعها 300 مليون دولار.

وتأتي هذه المبادرة اسهاما من حكومة خادم الحرمين الشريفين بهدف تخفيف معاناة الشعوب الافريقية التي واجهت فترة طويلة من الجفاف وانخفاض المحاصيل الزراعية ومستوى المعيشة مما جعل حكومات هذه الدول غير قادرة على توفير الموارد المالية اللازمة لسداد الديون المستحقة. وساهمت الامكانات التي تتمتع بها السعودية فى دعم جهود تنمية العمل العربي والاسلامي في كافة المجالات ومنها التنموي والاقتصادي. ولم يكن مجال المساعدات والمعونات المباشرة بمختلف اشكالها القناة الوحيدة في هذا السبيل، فهناك قنوات ومجالات أخرى مثل الاتفاقيات الثنائية واللجان المشتركة التي تعقدها السعودية مع شقيقاتها الدول العربية والاسلامية، ادراكا منها لاهمية التعاون بين الدول العربية والاسلامية وما يعود به هذا التعاون من خير ونماء على الفرد والجماعة. والى جانب هذه القناة يأتي انشاء السعودية للصناديق الداعمة لبرامج التنمية في البلدان العربية والاسلامية والصديقة عبر ما تقدمه من قروض ميسرة حينا وما تقدمه عبرها من قروض غير مستردة أحيانا. كما وجه خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبد العزيز بأن تتحمل المملكة العربية السعودية كافة تكاليف اصلاح وترميم قبة الصخرة والمساجد في القدس الشريف امتداد للايدي البيضاء في سبيل كل عمل يحقق الخير للامة العربية والاسلامية في مشارق الارض ومغاربها.

وبقي القول اخيراً أن السعودية وهي الدولة التي قامت اسسها على الاسلام عقيدة ومنهاج حياة، لم تدخر جهدا في سبيل خدمة المسلمين في شتى بقاع الارض. فقد وظفت امكاناتها الاقتصادية الى جانب امكاناتها الاخرى على كافة الاصعدة لدعم التنمية والاستقرار والسلام في كافة الدول العربية والاسلامية بل في العالم أجمع ولم تجعل فى ذلك منة بل هو استشعار للواجب الاسلامي وللشرف في خدمة الاسلام والمسلمين. ان النهج السعودي كان ولا يزال وسيبقى يجسده قول خادم الحرمين الشريفين «ان المملكة العربية السعودية دولة عربية اسلامية يهمها ما يهم العرب والمسلمين وتحرص على تضامنهم وجمع كلمتهم وتسهم بكل طاقاتها فيما يعود عليهم بالخير».