النخلة هل تنافس برميل النفط في السعودية؟

توجه لإنشاء هيئة عليا لتطوير النخيل والعناية بشؤونها * 23 مليون نخلة تضع المملكة في المرتبة الأولى عالمياً لإنتاج التمور * صنف من أشجار النخيل في السعودية رفيقة إنسان الجزيرة العربية منذ مئات السنين

TT

* المشرف على مركز الأمير سلطان لأبحاث البيئة والمياه والصحراء: النخيل مورد اقتصادي مهم وصناعات عديدة يمكن استثمارها من مكونات الشجرة.

* رغم أن السعودية تعتبر الأولى بين دول العالم في مجال إنتاج التمور إلا أن ذلك لم يمنع السعوديين في الوقت الحاضر من الحرص على الاهتمام بالعناصر الزراعية الملائمة للبيئة الصحراوية الجافة وعلى رأسها أشجار النخيل حيث بدأ مؤخراً توجه جاد من قبل الجهات المعنية والمزارعين بالاهتمام بتطوير زراعة النخيل وأساليب تصنيع منتجاتها وتشجيع البحوث العلمية التي تساعد في العناية بهذه الشجرة التي تعتبر مورداً اقتصادياً ومتنـزهاً طبيعياًَ وبإمكانية تحويل ثمرتها وكافة مكونات الشجرة إلى صناعات جديدة. ولعل ابرز الاهتمامات في هذا الجانب الحديث هو التوجه لإنشاء هيئة عليا لتطوير النخيل والعناية بشؤونها.

الزميل بدر الخريف من مكتب جريدة «الشرق الأوسط» بالرياض رصد حجم هذا الاهتمام بالنخلة في الوقت الحاضر والجهود التي تبذل لاستمرار السعودية في تصدر دول العالم وريادتها في مجال إنتاج التمور وتطوير زراعة النخيل وأساليب تصنيع منتجاتها وتشجيع البحوث العلمية التي تساعد في هذا التطوير والاهتمام بهذه الشجرة فكانت هذه الحصيلة.

لعل اللافت هذه الأيام في السعودية وفي ظل الحديث عن ندرة المياه وقلة الأمطار ودعوات البعد عن زراعة محاصيل شرهة للمياه كالقمح والشعير وبعض الفواكه الموسمية التوجه الجاد من قبل المسؤولين عن مراكز البحوث الخاصة بالنخيل للاهتمام بهذه الشجرة التي كانت رفيق السعوديين في أيام الفقر والعوز وحتى ظهور النفط وتكوين الدولة الحديثة وما تبعه من توسع زراعي كبير لإنتاج محاصيل جديدة لم يعهدها السعوديون من قبل وتسبب ذلك في استنـزاف موارد مائية كبيرة لحساب منتجات زراعية كان بالإمكان استيرادها من الخارج.

وقد أعاد السعوديون مؤخراً الاهتمام الذي كان الأجداد يولونه لشجرة النخيل التي كانت موردهم الوحيد قبل عقود ولعل أبرز هذا الاهتمام موافقة وزير الزراعة السعودي الدكتور عبد الله بن عبد العزيز بن معمر على دراسة تشكيل هيئة عليا لتطوير أشجار النخيل والعناية بشؤونها وتكليف فريق في وزارته يضم خبراء وباحثين من المركز الوطني لأبحاث النخيل والتمور في الإحساء (شرق السعودية) بالتنسيق والتعاون مع مقترح مركز الأمير سلطان لأبحاث البيئة والمياه والصحراء بشأن دراسة إنشاء هيئة عليا لتطوير أشجار النخيل والعناية بشؤونها وتزامن هذا الاهتمام مع بدء نشاط أول وزارة مستقلة تعنى بشؤون المياه بعد أن كانت تابعة لوزارة الزراعة مما يعني أن البلاد بدأت في تصحيح أوضاع ظلت لعدة عقود مسلّمات لجعل البلاد دولة زراعية في ظل ظروف طبيعية وموارد مائية صعبة واستخدمت فيها أساليب للحصول على مياه الري بتكلفة عالية وعلى حساب المخزون المائي الذي لم تتوفر بعد معلومات دقيقة وموثقة عن حجمه حيث تستحوذ الزراعة على حوالي 90 في المائة من حجم استهلاك المياه في البلاد.

واعتبر الدكتور عبد الملك بن عبد الرحمن آل الشيخ، المشرف على مركز الأمير سلطان لأبحاث البيئة والمياه والصحراء، أن المركز مستعد للمشاركة في أية خطوات تنفيذية أو مشروعات بحثية تهدف إلى زيادة إنتاجية النخيل وتحسين المواصفات النوعية لأصنافه وزيادة الرقعة المزروعة والتوصل إلى صناعات جديدة تستثمر فيها الثمرة والبذرة والأوراق وكافة مكونات الشجرة. لما لذلك من مردود ايجابي لتحسين الدخل لشريحة اعرض من المواطنين مقارنة ببعض المحاصيل الحقلية الشرهة للمياه مثل القمح ورأى في حوار مع «الشرق الأوسط» أن تبني وزارة الزراعة لفكرة دراسة إنشاء هيئة عليا لتطوير أشجار النخيل والعناية بشؤونها يعكس مدى الحرص على النهوض بمقومات الزراعة الأساسية المستندة على البحوث العلمية، وخاصة العناصر الزراعية الملائمة لبيئتنا الجافة وعلى رأسها أشجار النخيل معرباً عن أمل مركز الأمير سلطان لأبحاث البيئة والمياه والصحراء أن تتحقق الطموحات بتشكيل الهيئة المقترحة مشيراً إلى أن المركز سيقوم بالتعاون والتنسيق في هذا الشأن مع الجهات المختصة والمهتمة بالنخيل في السعودية وخاصة المركز الوطني لأبحاث النخيل والتمور في الإحساء والمركز الوطني لبحوث النخيل في جامعة الملك فيصل.

وأوضح الدكتور آل الشيخ أن بلاده تحتل حالياً المرتبة الأولى بين دول العالم في مجال إنتاج التمور حيث وصل الإنتاج العام الماضي إلى 780 ألف طن، كما بلغ عدد أشجار النخيل فيها إلى 23 مليون نخلة تنتج 300 صنف وبالإمكان التوسع في زراعة النخيل التي تعتبر مورداً اقتصادياً ومتنـزهاً طبيعياً وتمتاز باحتياجاتها المائية المنخفضة وتحملها للجفاف والملوحة وإمكانية التوصل إلى صناعات جديدة تستثمر فيها الثمرة والبذرة والأوراق وكافة مكونات الشجرة.

ومن جانبه يرى الدكتور ناصر بن عبد الله الرشيد أحد المهتمين بأبحاث النخيل أن نخلة البلح تعد من أعظم الأشجار أهمية لإنسان الجزيرة العربية بوجه خاص وللمشرق العربي بوجه عام، فقد تكونت بينه وبينها روابط وثيقة منذ مئات السنين، ولم يفصم عراها ما استجد من تقنيات أدت إلى توطين أشجار ونباتات أخرى في تلك المناطق، إذ بقيت هي الشجرة الأولى بدون منازع، بل استخدمت التقنيات الحديثة في تحسينها وتحسين إنتاجها، وكلما تقدمت العلوم زاد الاهتمام بها وذكر نقلاً عن مصادر ودراسات تناولت موضوع النخيل بان أهمية النخلة في الأزمنة الماضية تنبع، ليس لأنها ـ فقط مصدر الغذاء الرئيسي للإنسان، ولكن لأنها تمنحه فوائد عديدة يصعب حصرها. موضحاً أن إنسان الجزيرة العربية اعتمد بعد الله ـ في معظم شؤون حياته ـ على النخلة، فمنها مأكله ومسكنه، ولا أظن أن شجرة على وجه البسيطة خدمت هذا الإنسان مثلما خدمته النخلة. إذ استفاد من كل جزء من أجزائها، وفي جميع مجالات حياته.

وتزخر النخلة بإمكانات هائلة يمكن الاستفادة منها بشكل واسع، ولا تقتصر تلك الاستفادة على جزء محدد، بل يمكن الاستفادة من جميع أجزائها بدءاً من جذورها الضاربة في أعماق التربة إلى ذروتها السامقة في عنان السماء

* أجزاء النخلة

* وأشار الدكتور الرشيد إلى أن جذور النخيل تخرج من قاعدة الجذع في مجاميع كثيفة تقدر بالمئات، فتمتد في أعماق التربة إلى مسافة تتراوح ما بين 12 إلى 21 متر أو أكثر، وتكون الجذور أول ما تنطلق من النخلة بيضاء لينة برؤوس مدببة لكي تخترق التربة بسهولة، ومن ثم تتحول إلى اللون الأحمر، ثم إلى اللون البني الفاتح، ثم إلى اللون البني القاتم، وكلما ازداد عمر الجذر ازداد قوة ومتانة.

ويتكون الجذر الواحد من نسيج ليفي أملس نسبياً. يلتف هذا النسيج على قلب الجذر الذي يتكون من قضيب دقيق، ولكنه صلب بالنسبة لما يحيط به من الأسلاك الليفية، وتنتشر عليه الجذور الدقيقة «الشعيرات الجذرية» التي تقوم بعملية الامتصاص وقد تكون الجذور من اقل أجزاء النخلة فائدة للإنسان، إذ أن الاستفادة منها كانت مقتصرة على جمع تلك الجذور (خاصة الغضة) أثناء حرث الأرض القريبة منها واستخدامها كعلف للحيوانات.

* جذوع النخل

* أما جذع (ساق) نخيل التمر فهو خشبي، أسطواني غير متفرع، مغطى بليف ينمو على قاعدة الجريد ليحميه من العوامل الجوية. ينمو الجذع فوق التربة ويصل ارتفاعه إلى حوالي 25 متر، وهو المحور الرئيسي للنخلة. يبدأ نمو الجذع من برعم طرفي مخروطي الشكل يحوي أوراقاً صغيرة، في إبط كل منها برعم صغير، يختزن الجذع كمية كبيرة من النشأ تستهلكها النخلة في فصل الصيف عند تكوين الثمار الناضجة، ويمكن الاستفادة من جذوع النخيل في أمور كثيرة، حيث تستعمل كقواعد لحمل سقوف المباني والأكواخ، كما تستخدم كعوارض لإسناد سقوفها، وكبراويز أو إطارات للأبواب والشبابيك، وتوفيراً للجهد والمواد فإن جذوع النخل تستخدم كدرج لسطوح المباني، حيث تمال على الجدران ويعمل فيها فروض (حزوز) على سطحها العلوي فتصبح كدرجات يمكن الصعود بواسطتها إلى السطوح بسهولة ويسر. إضافة إلى ذلك يمكن تشريح الجذوع إلى شرائح سميكة فيعمل منها الأبواب لتميزها بالصلابة والمتانة ومقاومتها للعوامل البيئية، إذ تستخدم في الأبواب الخارجية للقصور والقلاع، ويمكن فلق الجذوع إلى نصفين وتجويفها من الداخل لكي تستخدم كميازيب لتصريف السيول من سطوح المنازل.كما يستفاد من الجذوع في مجال الزراعة فمن المعلوم أن الاستفادة من جذوع النخيل لا تقتصر على المباني فقط، ولكن يمكن أن تستخدم بأغراض متعددة في الزراعة، حيث تستخدم كأعمدة للآبار فتركب عليها أدوات إخراج الماء، مثل المحال «دولاب يركب عليه حبل رفع الماء» والغروب «دلاء كبيرة تسحب بواسطة الحيوانات الكبيرة مثل الإبل»، كما تستخدم الجذوع كداعمات للأحواض ـ تعرف باللزا ـ التي يصب فيها الماء من الغروب، إضافة إلى أنه يمكن تشريح الجذوع وحفرها من الداخل واستخدامها كقنوات لنقل الماء داخل المزرعة، كما تستخدم الجذوع كوقود، حيث تقطع جذوع النخل إلى قطع صغيرة وتجفف، ومن ثم تستخدم كوقود في المنازل للطبخ والتدفئة عند الحاجة، وعند عدم توفر الحطب، كما أن هناك استخدامات أخرى للجذوع، فعندما تجف جذوع النخل وتتفتت فإنها تؤخذ وتطحن إلى مسحوق ناعم يوضع عادة في مهاد الطفل لكي يحميه من البلل عند التبول أو التلوث ببرازه، فيمثل دور حفائظ الأطفال في وقتنا الحاضر.

* السعف وفوائده

* ويمثل السعف الجزء الأخضر من النخلة، وهو الجزء الذي يقوم بعملية التمثيل الغذائي. يتكون السعف من ثلاثة أجزاء هي الجريد والخوص والكرب، وهناك استخدامات كثيرة، سواء للسعف بشكل عام أو لكل من الخوص والجريد والكرب كل على حدة. أما السعف بكامله فيستخدم في إقامة الجدران والسقوف والأكواخ، وكحواجز فاصلة بين البساتين، وكأسوار محيطة بالأكواخ، كما يستخدم لوقاية الفسائل المغروسة حديثاً، حيث يلف حولها لوقايتها من التقلبات الجوية. وقد يهرس السعف ليستخدم كسماد لبساتين النخل، أما السعف الأخضر فيستخدم في أعمال الزينة، وفي إزالة التربة عن الحيطان والسقوف، كما يستخدم في صناعة الأعلاف للحيوانات.

أما الجريد ويطلق هذا الاسم على السعف المنزوع منه الخوص، وهي محور السعفة فله استخدامات كثيرة منها في مجال المباني، حيث يستفاد من الجريد في تسقيف المنازل، فوق عوارض من الخشب، وتربط عليها بواسطة حبال من الخوص أو الليف، وكونها على هيئة جريد تعطي جمالاً متميزاً للسقوف، أفضل منها فيما لو كانت بالخوص. كما يمكن استخدامها كقواطع أو جدران أو سقوف، وذلك بعملها على هيئة ألواح تربط مع بعضها البعض او عن طريق تسييخها بواسطة جريد انحف منها كما يمكن استخدامه في مجال الأثاث، حيث يستخدم الجريد في صناعة الأثاث المنزلي، مثل أسّرة النوم والكراسي والمناضد ومهود الأطفال والسلال وأقفاص الطيور بأحجام مختلفة، كما تصنع منها أوعية نقل التمر عند صرام النخيل. إضافة إلى استخدامات أخرى كعصي لتوجيه الدواب وسياقة الإبل، أما الجريد الأخضر فيستخدم كعصي لضرب المذنبين من قبل السلطة، ويتميز هذا النوع من العصي بأنه يؤلم، ولكنه لا يحدث أية أضرار في جسم المعاقب. كما يستخدم الجريد في بعض البلدان الساحلية في صناعة القوارب الخالية من المسامير لأنها لا تصدأ ولا تتآكل نتيجة لتعرضها للماء، ويتم صناعة هيكلها من الجريد المربوط مع بعضه البعض بواسطة حبال من الخوص أو الليف.

أما الخوص فينـزع من السعف ويستخدم مباشرة ـ منذ قديم الزمان ـ في أغراض وصناعات عديدة تلبي المتطلبات اليومية لكثير من المجتمعات، وفي وقتنا الحاضر اصبح استخدام الخوص كنوع من الفنون الجميلة، حيث ينسج بمقاسات وألوان مختلفة تناسب الغرض الذي أعدت من أجله.

ويوجد الخوص المستعمل في صناعة الخوصيات على أشكال متعددة، ويمكن تقسيمه إلى أربعة أنواع، هي: خوص سعف القلب، وخوص سعف النواد، وخوص سعف الخوافي، وخوص السعف العادي.

وللخوص العديد من الاستخدامات في مجال البناء، وعلف الحيوانات كما يستخدم كوقود أو كمادة لإشعال النار خصوصاً عندما يكون جافاً فانه يشتعل بسرعة ويمكن نسج الخوص على هيئة سفيف وتشكيله إلى عدد كبير من الاشكال لتفي بأغراض متعددة مثل صناعة الأوعية وفيها يتم صناعة انواع مختلفة الاشكال والاحجام من أوعية الخوص تتراوح ما بين الزنانيل الكبيرة التي يجنى فيها التمر إلى القفف الصغيرة والسلال إضافة إلى المناقل وهي أوعية خاصة تستخدم لنقل الطين والرمل على ظهور الدواب كما يصنع من الخوص الخصف (القلل) وهي أوعية تستخدم لتخزين التمور وتكون عادة ذات أحجام وسعات مختلفة.

الجدير بالذكر أن صناعة الخوص أصبحت في وقتنا الحاضر فناً يدرس في معاهد الفنون الجميلة حيث تطورت استخداماتها من احتياجات الإنسان التقليدية في الأزمنة الغابرة إلى تحف ذات اشكال وألوان زاهية ونقوش جميلة وذات أغراض متعددة تضيف إلى المنازل مسحة جمالية، إضافة إلى إمكانية الاستفادة من الخوص في المراوح، والحبال، والمكانس، والقبعات والمظلات الواقية، والخلاء (أعواد تخليل وتنظيف الأسنان) حيث تحتاج فقط إلى تقطيعها بالطول والعرض وبأحجام مناسبة وما يميزها أن سمكها مناسب للمسافات بين الأسنان وتعد من أفضل ما استخدم في هذا المجال أما الكرب فيطلق على الجزء السفلي من سعف النخيل الذي يتصل بجذع النخلة ويأخذ شكل المثلث تقريباً ويستفاد منه في أمشاط شعر النساء حيث يكسر إلى قطع صغيرة ثم يدق ويطحن فيخرج منه مسحوق على هيئة مسحوق ناعم لونه بني أو زهري يخلط هذه المسحوق مع مساحيق وسوائل عطرية ويمشط به شعر رأس المرأة، كذلك يستخدم الكرب في تعلم السباحة حيث ينظم عدد منها على هيئة حزام يربط حول جسم المتعلم فيساعده على الطفو فوق سطح الماء إلى أن يتعلم السباحة، كما يستخدم كطوافات لشباك صيد السمك ونظراً لصلابة الكرب وتميزه بشدة حرارة النار فيمكن استخدامه كوقود.

* الليف

* ويشكل الليف غمد يحيط بجذع النخلة يعمل على وقايته من الصدمات الخارجية ومن اضرار الحيوانات كما يخفف من وطأة الحر والبرد لتميزه بخاصية عزل جيدة، ويكون الليف بالقرب من الجمارة طرياًَ وابيض مصفرا.

والليف عبارة عن نسيج محكم من أسلاك دقيقة يكون ناعماً عند نقطة اتصاله بالنخلة وخشناً عند الطرف البعيد ويوجد الليف في اصل كربة النخلة الذي يسمى جيب الليفة لذا فانه عند اقتلاع الليفة فلا بد من قطعها من جيبها على جانبي الكربه.

ويستفاد من الليف في العديد من الاستخدامات في مجال صناعة الحبال والمكانس حيث يتم من خلاله صناعة العديد من أنواع الحبال والمكانس ذات الاشكال والاحجام والاستخدامات المختلفة حيث تتراوح ما بين الغليظة التي تستخدم في ربط السفن أثناء رسوها أو في إخراج المياه من الآبار إلى خيوط دقيقة لا يزيد قطرها عن عدة مليمترات مثل الدبارة وبشكل عام لا يمكن الاستغناء عن الحبال سواءً في الحضر أو البدو وكذلك تصفية السوائل حيث يستخدم الليف لتخليص السوائل مثل القهوة واللبن والسمن من المواد العالقة بها كما يستخدم الليف كإطار واق لبعض الأوعية من الاحتكاك والمحافظة عليها عند الاستعمال، كما يستخدم الليف في تنظيف الأواني المنزلية مثل أواني الطبخ والشرب والأكل وغيرها ويستخدم في تنظيف الأجسام خصوصاً الليف الناعم ولا شك انه يعد من أدوات التنظيف الجيدة، كما يستخدم الليف في حماية مجاري المياه كحواجز منظمة لجريان الماء، حيث يعمل على تماسك التربة ووقايتها من الانجراف، إضافة إلى فوائد أخرى في تكميم عذوق النخل لوقايتها من الطيور والقوارض والحشرات الضارة مثل الجراد كما يستخدم في تضليل فسائل النخل عند غرسها لوقايتها من حرارة الشمس في الصيف ومن البرد في الشتاء، كما يتميز الليف بسرعة اشتعاله نظراً لدقة نسيجه لذلك يستخدم في إشعال الحطب

* الجمار والكافورة

* يشكل الجمار القمة النامية للنخلة وهو عبارة عن أنسجة حديثة التكون (خلايا ميرستيمية) غضة وطرية وهشة وحلوة المذاق وخالية من الألياف يتغير طعمها كلما ابتعدت عن القمة، وتوجد في قلب النخلة والجمار بمكان المخ من جسم الإنسان إذا اصابتها آفة فتلفت هلكت النخلة.

ونظراً لطعمه اللذيذ وخلوه من الألياف فيمكن أكله مباشرة في حالة الاستغناء كليا عن النخلة لان إزالته تعني موتها كما يمكن الاستفادة منه في عمل بعض المأكولات اللذيذة مثل: الحميس، وفيه يقطع الجماز إلى قطع صغيرة ويمزج مع اللحم والبصل والسمن والملح وبعض التوابل ثم يطبخ فيعطي طعاماً لذيذاً، والحلوى حيث يفرم الجماز ويضاف إليه السكر ويطبخ حتى يمتزج به السكر مكوناً الحلوى، مخلل الجماز، وفيه يقطع الجماز إلى قطع متوسطة الحجم (مثل قطع مخللات الخضار) ويوضع في محلول ملحي لبضعة أيام أو أسابيع، ثم يرفع من المحلول ويجفف قليلاً ثم يعفر بالتوابل ويحفظ بعد ذلك ليقدم كمخلل.

أما الكافورة فهي تشكل وعاء شماريخ أزهار النخلة المذكرة منها والمؤنثة وتتكون من غلاف نسيجي متماسك يكون مغلقاً حينما يخرج من النخلة لونه اخضر وملمسه خشن من الخارج أما من الداخل فسطحه أملس ولونه اصفر ضارب للخضرة تتميز الكافورة برائحتها العطرية النفاذة وطعمها القابض عند المضغ ومع ذلك يكون مقبولاًُ بسبب رائحتها الزكية.

وتستخدم الكافورة في بعض بلدان الخليج في استخراج ماء اللقاح وهو عبارة عن مستخلص منقوع الكافورة المقطعة فيكتسب بعض الروائح الزكية المنعشة التي تحتويها الكافورة، يستخدم هذا المستخلص في علاج الإسهال وفي تسكين مغص الأمعاء وقد يعطر به ـ في بعض الأحيان ـ ماء الشرب في فصل الصيف.

* العذق

* يتكون العذق الضغث (كما ورد في القرآن الكريم) من العرجون والشماريخ، والعرجون هو الجزء المتصل بالنخلة وينتهي بالشماريخ ويتراوح طوله ما بين 25 إلى 100 سم وتنشأ منه الشماريخ أما من نهايته أو في مجموعات منتظمة عليه تمتد في بعض الأصناف إلى منتصفة، وتختلف العراجين من حيث الطول والسماكة والقساوة والليونه حسب أصناف النخيل، أما الشمروخ فوظيفته حمل الأزهار والثمار ويتميز جزءه السفلي بأنه أملس ثم يصبح متعرجاً تنتظم عليه الأزهار.

تستعمل العذوق لعدة أغراض سواء كانت كاملة (عراجين وشماريخ) أم عراجين لوحدها، ومن تلك الاستخدامات مثلاً: غمر العراجين بالماء لمدة يومين ثم شقها إلى شرائح طولية لها أحجام وسماكات مختلف لتستخدم في نسج الأطباق الخوصية أما العذوق فتستخدم كمكانس ومقشات كما تستخدم للعديد من الاستخدامات المنزلية، وفي صناعة المفروشات القشية، كما تستخدم بعد تليينها بالماء وتحويلها إلى ألياف ـ بدقها على الصخور ـ في صناعة حبال قوية ومتينة إضافة إلى استخدام العراجين كوقود للطبخ والتدفئة.

* تصنيع مخلفات النخل

* ويمكن الاستفادة من مخلفات النخل مثل التمر والسعف اليابس والعذوق والليف في العديد من الصناعات التحويلية لكونها تحتوي على نسبة عالية من السيليلوز عالي الجودة ومن أهم تلك الصناعات ما يلي:

صناعة الحرير الصناعي، حيث وجد أن سعف النخيل يحتوي على سيليلوز عالي الجودة يضارع السيليلوز النقي وقد يوفر الاستغلال الامثل لهذه المادة مصدراً هاماً لصناعة الخل المستخدم في إنتاج الحرير الصناعي.

* صناعة الورق

* صناعة الفورفورال وهي مادة عضوية عديمة اللون أو مائلة إلى الصفرة طيارة غير قابلة للاشتعال وتستخدم في تصفية الزيوت الحيوانية، كما أنها مادة وسطية في صناعة النايلون، ومادة مذيبة لعدد من الأصباغ والمواد الملونة أو مزيلة لها، ومادة لإنتاج أنواع عديدة من الأصباغ والراتنجات.