مشاكل سيدات الأعمال أكثر القضايا شيوعاً في المحاكم السعودية

فيصل يماني: بدأنا الخطوة بافتتاح قسم للمحاميات.. ولا يوجد ما يمنعها من مزاولة مهنة القضاء * نادية عبد العزيز: المحامية السعودية تتميز عن نظيراتها في الخارج بملكتها الفقهية منذ نشأتها

TT

كثيراً ما نسمع او نقرأ عن المشاكل التي تعاني منها المرأة السعودية، سواء كان ذلك على الصعيد العملي في التعاملات التجارية او على الصعيد الاجتماعي من حيث تقسيم الارث وتملك المال والمطالبة بالحقوق الشرعية وغيرها.. حيث اتضح أن إنشاء قسم للمحاميات يتبع مكاتب احمد زكي يماني للاستشارات القانونية بجدة جاء كإعلان عن رصد ظاهرة تستحق الاهتمام بما يبينه من ارتفاع واضح في معدل القضايا النسائية في المحاكم السعودية، لا سيما أن مشاكل سيدات الاعمال تعد من اكثر القضايا شيوعاً. وحول كيفية تطبيق الدور القانوني الفعلي للمحامية، في الوقت الذي لم يسمح لها بتكملة مهامها والترافع أمام المحاكم، جاء حوارنا مع كل من المدير العام والمستشار القانوني المحامي فيصل احمد زكي يماني مدير مكاتب أحمد زكي يماني (مستشارون وقانونيون) والمحامية نادية عادل عبد العزيز، العاملة في نفس المكتب.

تطرق الحديث معهما الى معرفة مدى ابعاد الرؤية في تنفيذ مكتب المحاماة وأهمية الدور الذي يؤديه وما يقدمه من خدمات للسيدات السعوديات

* بداية كان الحديث مع المحامي فيصل أحمد يماني، فكانت الحصيلة التالية:

* ما الدافع الرئيسي وراء افتتاحكم قسماً خاصاً بالمحاماة للسيدات بادارة نسائية؟

ـ الدافع هو نشوء الكثير من القضايا او المشاكل القانونية التي واجهتنا والتي تخص السيدات انفسهن، وكون المرأة دوماً تفضل أن تحكي لامرأة مثلها تتفهمها جيدا وتشرح لها ظروفها بحرية اكثر وبالذات في المسائل الشخصية، كان ذلك وراء تبنينا بافتتاح المكتب النسائي، لا سيما الخلافات الاجتماعية المتعلقة بقضية الطلاق والمشاكل التي تواجهها مع اسرتها، فهذا من جانب يجعلها تفضل ان تستمع اليها سيدة مثلها. وهدفنا الاساسي من افتتاح مكتب للسيدات هو تجنيب المرأة السعودية من الوقوع في المشكلة، حيث نجد أن الكثير من النساء هن من يوقع نفسه في المشاكل وذلك لإساءتهن تفسير بعض القرارات.

* ما هي طموحاتكم؟

ـ نسعى الى ان يتزايد عدد المحاميات السعوديات في مكتبنا الى 20 محامية، ومن أجل تحقيق ذلك قررنا تدريب بعض المحاميات المتخرجات حديثاً على اساس البدء في مجال مهنة المحاماة.

* ما الشروط الواجب توفرها في المحامية التي تود الالتحاق للعمل معكم؟ ـ اولا تشترط الخبرة وهذا امر صعب بين المحاميات السعوديات، وربما تكون قد المت بها من خلال عملها مع المؤسسات او الجمعيات الخيرية في مجال المحاماة، ولكن الاهم ان تكون لديها شهادة المحاماة من جامعة معترف بها. ولا نكتفي بان تحمل شهادة شريعة بل لا بد من دراستها للقانون، والسبب ان السيدة تستطيع ان تترافع في مجال الاعمال والمجال التجاري الذي تواجهه الكثير من السيدات .

* المرأة والقضاء

* هل تعتقد ان تصل الى حد ان تصبح السعودية قاضية؟

ـ بالتأكيد، وما المانع في ذلك؟ اذ لا يوجد ما يقف أمام المرأة من مزاولة مهنة قاضية. والآراء التي اخذناها من باب الفقه بصورة عامة في المذاهب الاربعة لا تمنع المرأة من تولي القضاء، وهذا الامر قد حصل في القرون الماضية بتولي المرأة المسلمة مهام القضاء.

* ما هي توقعاتك لنجاح القسم النسائي في مكتبكم؟

ـ اتوقع نجاحه 100% لأنه يخدم فئة في المجتمع نسبتها ما فوق 50% كون السيدات يملكن العقار والاستثمار وفي نفس الوقت يواجهن مشاكل كثيرة. والقسم النسائي اسس لخدمة السيدات وتقديم استشارات قانونية بطريقة مريحة وميسرة وتسعى للهدف.

* هل تتوقعون قرارات بالسماح للمحاميات بالترافع أمام المحاكم؟ وما وجهة نظركم؟

ـ الموضوع يدرس من قبل وزير العدل وليس لدينا علم اذا كان هناك قرار سوف يصدر في القريب العاجل ام لا، ولكن الذي نعرفه انه موضوع يدرس حالياً، وان تمت الموافقة عليه فهذ امر يريحنا كثيرا لأن السيدة المحامية تصبح لديها المقدرة على الترافع عن موكلتها في القضية وبذلك تريحنا من الاستعانة بالمحامي الرجل. وقد يكون هناك اعتراض على ذهاب المحامية الى المحكمة والجلوس في مجلس القضاء ونحن لدينا علم بأن الكثير من السيدات يذهبن الى المحاكم بشأن قضايا شخصية وتقوم امام القاضي وتتحدث معه مباشرة، ولكن يبقى أنه بدلا من ان تذهب هي بنفسها تقوم المحامية بدلا عنها بهذا الدور، فما المانع في ذلك؟ اي اننا ابدلنا صوتها بصوت امرأة أخرى وهي المحامية التي تولت قضيتها ولنعتبرها احدى قريباتها مثلا فهي من يوصل المشكلة للقاضي وتعرضها بشكل اوضح وتسهل عليه فهم القضية ومداركها بينما صاحبة المشكلة احيانا ليس لديها المعرفة القانونية الواسعة عكس المحامية التي تعلم بالثغرات واين مخارجها ومداخلها وتوضح لهم الامور من دون اي التباس.

* كم عدد المحاميات العاملات في المكتب؟

ـ لأنه قسم جديد توجد فيه حاليا المحامية نادية عبد العزيز ومحامية أخرى سوف تبدأ معنا قريباً، بالاضافة الى وجود عدد من المحاميات المتعاونات والبعض بدأنا باجراء المقابلات الشخصية معهن ليباشرن العمل قريباً.

* كيف تجدون الاهمية بفتح قسم لتدريس القانون ضمن الدراسات الاكاديمية للبنات في السعودية؟

ـ هذا امر يهمنا كثيرا لا سيما انهم سمحوا لها بأن تمارس مهنة المحاماة، وعلى المسؤلين في القطاع التعليمي الشروع في تدريس منهج القانون في الجامعات والاكاديميات السعودية كي تتخرج السعودية بالمام بالانظمة في بلادها سواء الشريعة او حتى الانظمة التي تخص الدول الغربية، مع العلم بأن قسم البنات في جامعة الملك عبد العزيز يدرس القانون على استحياء في كلية الاقتصاد والادارة عن مبادئ القانون الاداري والقانون التجاري ونتمنى ان يطور هذا العلم ويصبح قسماً مستقلاً بذاته.

* القضايا الأكثر شيوعا

* ما هي أبرز العوامل التي ساهمت في ازدياد معدل ارتفاع القضايا في المحاكم؟

ـ المرأة السعودية تواجه في بلادها مشاكل كثيرة وتوجد عوائق كبيرة تحد كثيراً من حل مشكلتها بنفسها، مما يساهم في خلق عدد كبير من القضايا مقارنة بغيرها من السيدات المقيمات في الخارج لا سيما أن العوامل الاجتماعية والقيود، من عادات وتقاليد، في البلاد الاجنبية تكاد تكون ملغية وبامكانها ان تمارس حياتها هناك بشكل افضل حسب ما تنصه قوانين البلاد التي تعيش بها، ما يساهم في حل قضياها وترافعها عن نفسها اذا كانت محامية.

* ما اكثر المشاكل التي تواجهكم في قضايا النساء؟

ـ مشاكل سيدات الاعمال هي من اكثر القضايا شيوعاً في المحاكم، خاصة ان السيدة تضع ثقتها في أناس غير أهل للثقة كالمعقبين لدى الدوائر الحكومية حيث ان عدداً كبيراً منهم لا يملك الخبرة في كيفية الاجراءات القانونية ما يؤخر لها اعمالها ويسبب لها خسائر مادية، فبدلا من أن تنجز معاملاتها خلال شهر تمتد في يد المعقب الى الشهرين او الثلاثة. كما ان العقود التجارية بينها وبين الوكيل من اهم الامور التي تقع فيها والتي يصعب عليها فهمها، إذ لا بد ان يشمل التوكيل ادق التفاصيل المعنية ويجب أن يغطي العقد التزامات العمل والتزامات الطرف الاخر معها كي لا تترك للموكل فرصة التلاعب في اموالها وبدون علمها.

* كم تصل نسبة قضايا النساء مقارنة بالرجال في مكتبكم؟

ـ الامور تختلف، فالمرأة مشاكلها موجودة ولا استطيع ان اقارنها بكمية مشاكل الرجل ولكن هناك نسبة عالية جداً من النساء يواجهن مشاكل قانونية.. وما استطيع ان اقوله هو أن نوعية القضايا مختلفة، وتعتبر مشاكل السيدات الى حد كبير متشابهة وفي نطاق معين وهي الاسري والتجاري. ولكن الرجال تتباين الخلافات في ما بينهم وتتعلق غالبيتها في الامور التجارية في ما يتعلق باستثماراتهم او شركاتهم الخاصة سواء داخل السعودية او خارجها. والمرأة لم تصل بعد الى هذا الحد من الخلافات او ربما ليست بعدد كبير من هذا النوع.

* أما حوارنا مع المحامية نادية عادل عبد العزيز فكانت حصيلته كالتالي:

* هل حققت المرأة السعودية مكانتها لخوض مجال القانون والمرافعات القضائية؟

ـ المرأة السعودية طموحة بطبعها وهذا ما نلمسه في مجالات عديدة، والمجال القانوني لا تختلف فيه ولديها نفس الطموح .. ومن يعمل في مجال القانون شغله الشاغل نصرة العدالة.

* كيف تصفين دورك كمحامية؟ ـ المحامية مهمتها تمثيل صاحب الحق للمطالب بحقه المشروع بحكم أن لديها المؤهلات والخبرة المناسبة للقيام بذلك بعد دراسة قضيته وإيجاد الحلول القانونية الشرعية.

* ما الفرق بين المحامية السعودية ونظيرتها في الخارج؟

ـ المحامية السعودية لا تختلف عن نظيرتها في الخارج بل تتميز عنها بملكتها الفقهية التي تبلورت منذ نشأتها في بلادها.

* ما اكثر المعوقات التي تقف في طريق المرأة كي تحقق دوراً ريادياً؟

ـ لا يمكن لأي امراة في العالم ان تحقق دورها الريادي إن لم تكن هي مؤمنة بهذا الدور، والتاريخ الإسلامي يشهد باسماء لامعة لنساء غيرن مجرى التاريخ رغم الظروف.. فقضية المرأة تكمن في ايمانها الداخلي بدورها في المجتمع، وأي معوقات يمكن التغلب عليها بالصبر والكفاح.

من اين اكتسبت خبرتك في المحاماة؟

ـ خبرتي تبلورت من خلال تدربي في مكاتب محاماة بالخارج وبالمملكة وتحت اشراف اساتذة مهنيين في القانون والشريعة وكنت احضر كمستمعة في المحاكم بدولة مصر كي اتقن فن المرافعة في قضايا متنوعة تجارية ومدنية واحوال شخصية وقضايا ادارية وجنائية والمحامي الجيد هو القارئ الجيد في كل المجالات.

* ما هي أكثر القضايا التي تعترضكم؟

ـ ليست هناك قضية معقدة في نظري بل استطيع ان اقول ان اكثر ما يضيع الشخص حقه هو جهله بالانظمة نتيجة اتكاليته او اهماله او ثقته بمن هم ليسوا اهلاً لهذه الثقة.

* من ساندك وساعدك لدخول مجال المحاماة؟

ـ استطيع ان اقول بكل امانة اني مررت بثلاث مراحل: المرحلة الدراسية كان التشجيع فيها والمؤازرة من قبل والدي العزيزين، اما من اشعرني باهمية مهنتي فهو خالي المتميز الدكتور عبد العزيز محي الدين خوجة سفير السعودية بدولة المغرب حيث أن فكره الثاقب جعله يتوسم خيرا في خدمة المرأة في هذا المجال وساندني للتدرب في المكاتب الاستشارية في جدة التابع لمكتب احمد زكي يماني، أما المرحلة الثالثة وهي المرحلة العملية التي اصبحت فيها مؤهلة لممارسة المهنة فيعود الفضل فيها لمن وجهني وشاركني قراراتي ورفع من معنوياتي وهو زوجي المهندس احمد بابروك لايمانه باهمية عطاء المرأة ودورها في المجتمع.

* الترافع في المحاكم

* هل ستحققين المزيد من التقدم لو ان القانون السعودي سمح بالترافعات القضائية في المحاكم بالنسبة للمحاميات؟

ـ المرأة تتردد على المحاكم إن كانت طرفاً في قضية، وقد لا تجيد الدفاع عن نفسها، أو يتملكها الخجل او يمنعها أي مانع شرعي، واعتقد أن محاميتها في تلك اللحظة هي المتحدث نيابة عنها ملتزمة بحجابها الإسلامي كأي أمرأة أخرى صاحبة حق تقف أمام القاضي، فلا فرق كونها موكلة من شخص أو تمثل نفسها، لأنه في حقيقة الأمر قد تقف المحامية أمام القاضي لتمثل نفسها في قضية ما... وكون المحامية تمتلك المؤهل العلمي وتتفهم نفسية المرأة التي تمثلها هذا سيشجع عدداً كبيراً من النساء على اللجوء للعدالة والمحاكم في حل قضاياهن.

* ما الفرق بين المحامية المرأة والمحامي الرجل؟ ـ لا فرق في الوقت الحاضر بل قد تتميز المرأة احيانا بخبرتها وحمايتها العميلة باعتبار المحاميات أقلية يردن اثبات انفسهن.

* ما هي نصيحتك التي تقدمينها للمرأة السعودية قبل الخوض في معركة مع الرجل من ناحية المشاكل التي تقع فيها؟

ـ المرأة السعودية لا تعيش ما نسميه معارك ولله الحمد، بل هي مشاكل يفرضها واقع البشر وحياتهم اليومية وتعاملاتهم واختلاف أخلاقهم وطبائعهم ما يؤدي الى تولد هذه المشاكل، ونصيحتي لكل مواطنة أن تكون على درجة من الوعي بحيث تسلك في حل مشاكلها الطريق النظامي وتقي نفسها قبل وقوع المشكلة بالاحتياط والحذر مع حسن النية فما هو مكتوب لايمكن إنكاره والمؤمنون عند شروطهم.

* الى ماذا تسعين مستقبلاً؟

ـ طموحاتي الحقيقية أن أحصل على الدراسات العليا في مجال القانون والشريعة أتوج بها جمالي العملي.

* هل دور المحامية يأخذ الكثير من وقتها ويبعدها عن مسؤلياتها الشخصية؟ وماذا اضفت عليك المحاماة؟ ـ لقد اكتشفت أن دور المحامية يعود عليها بأكبر فائدة عند ممارسة مسؤولياتها الشخصية لأني استفيد من دراستي وخبرتي في جميع معاملاتي. قد أكون دقيقة أحيانا ولكن ولله الحمد تجنبت الوقوع في الكثير من المشاكل التي قد تقع فيها غيري لأن الجهل بالنظام لا يعفي عن المسؤولية .. وفيما يختص بأسرتي فأنا اجد أن أبنائي تعلموا معنى العدل وحب الخير وايقنوا أهمية النظام والأخذ بالعقاب والثواب وأستطيع أن أقول ان دراستي صقلت شخصيتي كعضو مسؤول في أسرة وبالتالي في مجتمعي الكبير.