الوزير اللبناني كرم كرم: علاقتي «الطبية» مع عائلة الرئيس حافظ الأسد أدخلتني عالم السياسة

وزير السياحة اللبناني: أعشق الجراحة وإنجاز العمليات الجراحية أشبه بالرسم أو النحت واشترطت قبل توليّ أي حقيبة أن أبقى طبيباً * كرم: أطمح لمركزمدير عام منظمة الصحة العالمية

TT

ولد وزير السياحة اللبناني الدكتور كرم كرم في بلدة الخيام في جنوب لبنان. وتأثر كثيراً بجو منزله. فوالده الطبيب كان أباً وصديقاً ومثلاً أعلى له. وتربطه به علاقة احسها دائماً اكثر من علاقة أبوة. لذا ومنذ صغره اراد كرم ان يدرس الطب تشبهاً بهذا الوالد وتأثراً بعمله الانساني، على رغم معايشته للمعاناة وصعوبة الحياة التي يواجهها طبيب الارياف، لا سيما اذا كان يحمل هم الناس. بحيث تغلب هذا الهم على حياته العائلية.

ويؤكد كرم ان والده لم يحصل على اجازة ليوم واحد طوال حياته. ففي تلك المرحلة كانت مهنة الطب تحمل طابع الرسالة وتلامس التنسك لخدمة المرضى. وقليلاً ما يذكر كرم ان والده استطاع الجلوس واياهم الى مائدة الطعام. وقد قال لـ«الشرق الأوسط»: «عشت في منزل من دون خصوصية. الناس تستطيع الدخول حين تشاء الى غرفة الجلوس او الى غرفة نوم أبي».

عرف الدكتور كرم بأنه واحد من اشهر أطباء الجراحة النسائية في لبنان والعالم العربي. وقد فتح له هذا الموقع الباب لعلاقات واسعة مع عدد من المسؤولين العرب على مختلف المستويات، الا ان علاقته بعائلة الرئيس السوري الراحل حافظ الأسد ساهمت في تمهيد الدرب له لدخول عالم السياسة اللبنانية، وهو ليس غريباً عنها، فقد ترشح عام 1958 للانتخابات النيابية وكان بالكاد قد بلغ السادسة والعشرين من عمره، وهو اليوم ابرز المرشحين لمركز مدير عام منظمة الصحة العالمية.

وفي ما يلي نص الحوار مع الطبيب ـ السياسي

* بين الجراحة والسياسة

* والدك تعاطى الشأن العام الى جانب مهنته كطبيب، هل أورثك حب السياسة؟

ـ السياسة في الريف تتداخل مع مهنة الطب، لأن الطبيب يصبح مرشداً اجتماعياً وعائلياً وروحياً وصديقاً للمرضى والاصحاء من الناس، يستمع الى شكواهم ويتحول الى محط لآمالهم. وهذه العلاقة الوثيقة اوجدت لدى والدي هماً سياسياً ودفعته باتجاه العمل في الشأن العام، لا سيما في ما يتعلق بالهم الوطني والقومي، فهو لم يكن يهتم بالوصول الى منصب سياسي، لكن قاعدته الشعبية فرضت عليه عام 1952 ان يترشح للانتخابات البلدية التي جرت في لبنان آنذاك بمواجهة الاقطاع السياسي فترشح وفاز. فقد كان حليف الناس لذا طغت عليه طبعة الافكار والمعتقدات اليسارية.

* هل ورثت منه ميوله السياسية اليسارية؟

ـ أنا لم انتم الى حزب سياسي، وانما ومنذ صغري تملكتني نزعة قومية عربية، تأثرت بالرئيس المصري الراحل جمال عبد الناصر، واحببته كثيراً، واعطت عائلتي اسم جمال لأصغر اخوتي تيمناً به. وكان الجو في الخمسينات يميل الى الثورة وقد شاركت في جميع الحركات المناهضة للاستعمار وكنت على علاقة جيدة مع الحركات القومية، لا سيما حركة القوميين العرب وحزب البعث العربي الاشتراكي. وكنت اجهر بميولي العربية في اجواء يغلب عليها طابع الاقطاع السياسي.

* هل أثرت ميولك الثورية على تحصيلك العلمي؟

ـ في المدرسة كنت الأول دائماً وحصلت على شهادتي بامتياز، ونلت منحة للتعليم الجامعي. فأنا اتميز بذاكرة تصويرية رهيبة، اقرأ كتاباً فأحفظه. وساعدتني في هذا الامر دراستي التي انتكست قليلاً في مطلع سنواتي الجامعية ومشاركتي المكثفة في التحركات الطلابية، لكن عدت وصوبت مساري باتجاه العلم.

* كيف تحدد نقاط اللقاء بين السياسة والطب الذي يستحوذ عليك بهذا الشغف؟

ـ المعروف ان الجراح الناجح هو جراح سريع القرار وسريع التصرف. والسياسة تحتاج الى قرار سريع لتنفيذه.

* أتحب الطب اكثر من السياسة؟

ـ طبعاً اكثر بكثير، فأنا اشترطت قبل توليّ أي حقيبة وزارية ان أبقى طبيباً واتابع هذه المهنة. ولم اكن لاقبل هذا المركز لو لم يسمحوا لي بذلك.

* كيف توفق بين مسؤولياتك السياسية ومسؤولياتك كطبيب؟

أنا احب العمل المضني والشاق، واحب ان امتحن نفسي وطاقتي على العمل، كما اني لست من هواة السهر والحفلات واعتبرها قصاصاً. انام باكراً واستفيق باكراً وانظم وقتي، بحيث ابدأ يومي عند السادسة صباحاً في المستشفى واتابع عند الثامنة والنصف دوامي في الوزارة وبعد الظهر في العيادة، ومنها الى المستشفى وهكذا. والتوفيق بين عملي كطبيب وعملي في العيادة والمستشفى يجعلني قادراً على تحمل السياسة. فالسياسي مقارنة مع الطبيب يقوم بعمل سخيف. وعملي في الطب يمنحني طاقة لتحمل بعض الممارسات السياسية.

* لماذا جئت الى السياسة اذاً؟

ـ لأن للعمل السياسي اغراءه، وأنا لست ملاكاً استهواني المركز واللقب والتقييم الاجتماعي، لكن السبب الاهم لدخولي معترك السياسة، واقوله للمرة الاولى هو أولادي. فلقد احسست بالذنب بشكل او بآخر لانغماسي في مهنتي على حساب عائلتي واُخذت بها احياناً اكثر من اللزوم، وحتى اعوض لأولادي ما افتقدوه مني، حرصت على ان اترك لهم في رصيدهم مركزي السياسي لعله يساعدهم على فتح ابواب اكثر ومستقبل افضل. فأبني الكبير، الذي يتابع تخصصه في الطب في احدى اكبر جامعات الولايات المتحدة، يشعر بأن وظيفة والده كوزير تساهم احياناً بمنحه اهتماماً مميزاً ونظرة خاصة من الآخرين حياله.

* الملاحظ انك لا تبدي زهداً او تواضعاً مغلوطاً في ما يتعلق برغبتك في ان تكون وزيراً ولا تدعي انك تسعى الى خدمة المجتمع والناس كما يفعل غيرك؟

ـ ولماذا افعل ذلك، فمنصب الوزير يعطيني اشباعات كثيرة، وكما قلت يفيد أولادي وقد يمنحهم فرص عمل جيدة مما لو كنت طبيباً فقط. وهذا اكبر سبب يدفعني الى العمل السياسي وتحمله والقيام به على احسن وجه.

* هل نفهم انك لا تحب السياسة، لكنك اغتنمت الفرصة التي توفرت لك؟

ـ أنا من عائلة مثقفة سياسياً وكان لدي شغف بالسياسة قبل دخولي معتركها اكثر مما هو الآن، لان الحقيقة التي لمستها ومارستها في المستوى السياسي اللبناني الحالي خيبتني. صحيح اني ترشحت للانتخابات النيابية عام 1958، ولم اتمكن من خوضها. الا اني ارفض ترشيح نفسي في ظل المعادلات الحالية الموجودة في لبنان مع يقيني ان كرم كرم بعلاقاته السياسية سينجح ولا يستطيع ان يفشل.

* هل عزفت عن ترشيح نفسك خدمة لغيرك او استجبت الى رسالة غير مباشرة؟

ـ لست اهم من غيري ولكن علاقاتي السياسية لا تسمح لي بالفشل اذا ما قررت دخول الندوة البرلمانية، اذا اردت ان انجح سأنجح ومن دون ان ادفع ثمناً غالياً.

* انخرطت في العمل السياسي مع الرئيس الحالي للجمهورية العماد اميل لحود، اين كنت في عهد الرئيس السابق الياس الهراوي؟

ـ في آخر وزارة شكلت ايام الرئيس الهراوي عام 1996 كان من المفترض ان اتولى حقيبة وزارة الصحة. واعتقد ان الاشكال آنذاك ارتبط بتوزيع الحقائب طائفياً. والوزير سليمان فرنجية الذي تولى حقيبة هذه الوزارة يعرف ذلك جيداً. كذلك الرئيسان الهراوي ورفيق الحريري. ومع تشكيل الحكومة الاولى في عهده اصر الرئيس لحود وتوليت وزارة الصحة.

* هل كنت تعرف العماد لحود قبل ان يصبح رئيساً للجمهورية؟

ـ تعرفت عليه قبل فترة قصيرة.

* الدعم السوري

* هل يعني هذا ان دخولك المعترك السياسي يقتصر على الدعم السوري لك لأنك طبيب عائلة الرئيس الراحل حافظ الأسد، من دون دعم سياسي لبناني؟

ـ هذا شرف لي. تجمعني بعائلة الرئيس الراحل حافظ الأسد صداقة حميمة جداً عمرها الكثير من السنين.

* بدأت هذه الصداقة من خلال مهنتك، كيف اثمرت توجهاً سياسياً؟

ـ العلاقات التي اقمتها في العالم مع غالبية الناس هي بسبب مهنتي، فقد سمحت لي هذه المهنة التعرف على مسؤولين كبار من رؤساء عرب الى ملوك عرب الى عائلات في سدة المسؤولية. وهكذا تعرفت على عائلة الراحل حافظ الاسد، وهي عائلة كريمة.

* وكيف تمكنت من تطوير هذه العلاقة لتنتقل من طبيب صديق الى صديق يستحق لكفاءته تولي حقيبة وزارية؟

ـ العلاقة الاساسية كانت مع الرئيس الراحل حافظ الأسد. وكنت اعتبره رئيساً وأباً وأخاً. واشعر انه اقرب الناس الي، فأنا فقدت والدي وهو شاب ورأيت في الرئيس الراحل صورة الأب. كنت اشعر انه يهتم لأمري ولأفكاري ولمهنتي ويسأل عني ويشعرني اني ابنه.

* هذا ما يلفت النظر، فالرئيس الراحل حافظ الأسد بموقعه ورغم انشغالاته الكثيرة يجد الوقت ليشعر طبيب عائلته انه مثل ابنه؟

ـ كانت لديه هذه الطينة وكان يهتم كثيراً بالتفاصيل ويسأل عن كل ما يتعلق بي. ولأن السياسة هي جزء من حياتنا كان لي الشرف ان اجلس معه لساعات ونتحدث في السياسة وقد تعلمت منه الكثير.

* ألا تظن ان كونك مسيحياً وبعيداً عن الفكر الطائفي ساهم بترجيح احتمال دعمك لمنصب وزاري؟

ـ اعتقد ان الرئيس حافظ الأسد وجد لدي فكراً قومياً ووطنياً بعيداً عن الطائفية ومنطقها الذي يشل المصلحة الوطنية والقومية. وقد قال لي اكثر من مرة انه يفضل ان يحاط هو وعائلته بأصدقاء وحلفاء من أهل العلم واصحاب الفكر، ان من لبنان او من أي بلد آخر. ولا انسى مرة حين سألني عن المفكر الدكتور قسطنطين زريق.

* المرأة واسرارها

* في عودة الى المهنة كيف اخترت اختصاص الجراحة النسائية؟

ـ بيئتي لم تتوقع مني الا ان اكون طبيباً، وقد لقبت منذ صغري بـ«الدكتور الصغير» لا سيما حين كنت اساعد والدي في معالجة بعض المرضى وارافقه في حملات التلقيح لأهل القرى. اما اختياري لتخصصي فقد جاء وليد صدفة، لأني رغبت بالتخصص في الجراحة، فاقترح علي احد أساتذتي وكان صديقاً لوالدي ان ابحث عن اختصاص يحتاج الى اطباء جدد، لأن اطباء الجراحة العامة عددهم كبير. ونصحني بالجراحة النسائية لافتقار الجامعة الأميركية في بيروت آنذاك الى طاقم طبي جديد في هذا الاختصاص.

* الى أي مدى تتغير نظرة الطبيب النسائي الى الجمال والانوثة؟

ـ لا يمكن لطبيب ان يمارس مهنته وينجح فيها اذا لم يحبها، وان يحب من يخدم من خلالها. فالطبيب يجب ان يحب مرضاه لينجح. والطبيب النسائي مرضاه من النساء، ومن يحب المرأة ويقدرها يبرع في معالجتها، وجمال المرأة لا يقتصر على جسدها بحيث يتأثر هذا الجسد بأمراضه، وانما يتجلى هذا الجمال في الفكر والروح.

* ألا تمل المرأة وتفقد الاحساس بمعاناتها وآلام ولادتها مثلاً لكثرة تعاملك معها؟

ـ ابداً لا امل المرأة وتبقى لديها مكانتها عندي، واشعر بألمها. لكن الطبيب يعيش اروع لحظات مهنته حين يتمكن من حل لغز المرض ويساعد في تخفيف ألم المريض. ولا يمكن ادراك مدى سعادتي عندما استطيع التوصل الى تشخيص حالة معقدة لمريضي. الامر اشبه بحل مسألة رياضية صعبة. كما اني اعشق الجراحة عشقاً لا يقارن بغيره. وأنا مستعد ان ابقى اياماً وليالي في غرفة الجراحة. فانجاز العمليات الجراحية اشبه بالرسم او النحت، هو فن خالص بالنسبة الي.

* أي عوامل حددت اختيارك شريكة حياتك وأنت الموجود دائماً مع النساء؟

ـ قررت منذ البداية ان اتزوج باكراً، فأنا لم اكن احب ان اصبح كهلاً وأولادي صغار السن. لذا بعد عودتي من الولايات المتحدة حيث تابعت تخصصي، واصبحت أستاذاً في كلية الطب في الجامعة الأميركية في بيروت وقادراً على الاعتماد على نفسي مادياً فكرت بالزواج، وصرت ابحث في من التقيهن عن مواصفات معينة. فقد كان زواجي عقلانياً ورأيت انه حان الوقت لأن افكر بارتباط ثابت وليس بلقاءات عابرة. فقد لفتت زوجتي نظري وكانت طبيبة تخدير وانعاش، شاهدتها وسألت عنها وقررت ان اتعرف اليها.

* هل يغلب العقل على العاطفة في كل امورك الشخصية؟

ـ أنا عاطفي جداً، لا اعرف لمن الغلبة في اختياراتي، احب ان افكر بأنني اترك الغلبة للعقل. هذا ما احبه. لكني اكتشفت ان العاطفة تتغلب في بعض الاحيان.

* هل عملت زوجتك في حقل الطب بعد الزواج؟

ـ زوجتي تابعت عملها في الجامعة الأميركية حتى اصبح لدينا ثلاثة أولاد. بعدها لم تعد تستطيع متابعة عملها كالمعتاد، لأن الاعباء العائلية ارغمتها على ذلك. فالجمع بين مهنة الطب وواجبات الأمومة والعائلة، لا سيما في اختصاص معين كالتخدير والانعاش صعب، فكانت تضطر الى ترك البيت قبل ذهاب الأولاد الى المدرسة وتعود بعد عودتهم او تخرج ليلاً الى المستشفى بسبب حالة طارئة، لم يكن الامر سهلاً عليها.

* هل تعتقد ان بعض المهن لا تصلح للنساء؟

ـ لا اعتقد ذلك، ولكن بعض المهن ترهق المرأة، وتحديداً حين تصبح اماً. ولا ننكر وجود طبيبات ناجحات ومميزات. ولكني اعتقد انه يجب ان يتوفر في النظام الطبي دوام عمل معين يتناسب وأمومة المرأة، لان دورها الاساسي هو الأمومة ولا يعلو عليه أي دور آخر

* ماذا تعني لك ممارسة الجراحة؟

ـ يكمن في الجراحة الكثير من الفن والقدرة على استعمال اليدين. وفيها ارتباط العقل بالحركة. والسرعة في اخذ القرار وتنفيذه والثقة بالنفس لأن الامر يتعلق بحياة المريض. وأنا اعشق هذا التحدي واشعر بمتعة حين انجز جراحة ما بسرعة وفق افضل نوعية وتقنية ومن دون تهور. وان يشهد لي الآخرون ببراعتي في ما انجز.

* كأنك تفتش عن البراعة؟ ألا تقبل ان تكون طبيباً جيداً وحسب؟

ـ ربما افتش عن البراعة، لكن لدي نزعة نحو الكمالية، اشعر بسعادة حين انجز جراحة بسرعة قياسية ومن دون ان اهمل ادق التفاصيل، لأني حريص جداً عليها. احياناً لا انام وأنا افكر في كل تفصيل يتعلق بجرح المريض.

* بهذه النزعة الى الكمالية كيف تواجه الفشل او العجز عن انقاذ مريض ما؟

ـ اعاني كثيراً وامارس النقد الذاتي بقسوة. حدث الامر وتعذبت عذاباً فظيعاً مع ادراكي اني قمت بواجبي على افضل وجه. وفكرت لحظة اني لا استطيع التغلب على معاناتي او اني قد اتوقف، لكني تجاوزت ما حصل وعدت بتحد اكبر.

* كيف يرتاح كرم كرم؟

ـ احب ان اخلد الى نفسي وانشد الوحدة، فأنا وعلى رغم اللطف الذي يغلب على تصرفاتي الاجتماعية وابتسامتي الدائمة، ابحث عن لحظات صامتة لأكتب واقرأ. اكتب خطاباتي واكتب الشعر والقصة، ولدي ثلاثة احلام سأسعى الى تحقيقها حين املك الوقت الكافي. الحلم الأول ان اكتب قصصاً وانشرها، فأنا بدأت فعلاً بكتابة القصص. واحب ان اتعلم العزف على العود، لأن الموسيقى تستهويني واضافة الى تعلقي بالموسيقى الكلاسيكية، انا شغوف بالموسيقى العربية وبأغاني أم كلثوم وفريد الأطرش وأسمهان وعبد الوهاب وسيد درويش وصالح عبد الحي. ولا اطرب الا لسماع هؤلاء. اما الحلم الثالث فهو الاستمرار في استعمال يدي بعد توقفي عن الجراحة. وذلك عبر ممارسة هواية قص الشعر. احب ان يكون في بيتي صالون حلاقة. فأنا احياناً اقص شعري وكنت اقص شعر أولادي. اما زوجتي فلم اجرؤ على المغامرة باشباع هوايتي في شعرها، حتى لا اتورط.

يعتبر وزير السياحة اللبناني الدكتور كرم كرم قبول منظمة الصحة العالمية ترشيح لبناني عربي لمنصب مدير عام انجازاً. فالمنظمة من حيث اهميتها تلي منظمة الأمم المتحدة، لا سيما انها متخصصة بالشأن الصحي، فهذا الشأن يرتبط بسياسات الدول الاقتصادية. وبالتالي فان اداراته تعطي من يتولاها مكانة مميزة تنعكس ايجابياً على انتمائه الوطني والقومي.

وعن كيفية ترشيحه لهذا المنصب يقول كرم: «تم ترشيحي على هامش اجتماع الهيئة العامة لمنظمة الصحة العالمية في جنيف في مايو (ايار) الماضي وبعد مداولات طرحت فكرة وجود عربي على رأس هذه المنظمة وفي اطار الاجتماعات نوقشت الاسماء، فحصل ترشيحي ولم اكن مشاركاً في هذا الاجتماع الذي ضم وزراء الصحة العرب واقليم شرق المتوسط. وطرح اسمي خلال الاجتماع. فطلبت وقتاً للتفكير وبحثت الامر مع المسؤولين اللبنانيين، ثم تبنت الدولة اللبنانية الترشيح واحيل على مجلس وزراء الخارجية العرب في الجامعة العربية، وبعدها على مجلس وزراء الصحة فطلبوا مقابلتي في القاهرة كما قابلوا غيري وناقشوا الجميع وخرجوا باجماع على تأييد ترشيحي. وابلغ الترشيح الى السلطات المصرية، وحصلت على تأييد عربي كامل. لكني فوجئت بعد ذلك بترشيح مصري للمنصب.

* كيف تفسر الموافقة على ترشيحك ومن ثم ترشيح مصري ينافسك؟

ـ أقف عند هذا الحد من دون ان اجتهد في التفسير، الا ان الامر يعكس احدى المآسي العربية.

* كيف تقيّم وضعك في نادي المرشحين وانتخاب المدير العام للمنظمة سيتم في يناير (كانون الثاني) المقبل؟

ـ هناك تسعة مرشحين، اثنان منهم بارزان، هما رئيس وزراء الموزامبيق الحالي ووزير الصحة المكسيكي. وللمرشحين علاقاتهما ودعمهما. اما أنا فقد حصلت على اجماع عربي لترشيحي مما يشكل قاعدة كبيرة للانطلاق، لأني احظى بأصوات 5 دول من اصل 32 دولة هي أعضاء المجلس التنفيذي. وسأعمل لأحظى باجماع اكبر من خلال جولاتي على عدد من الدول المؤثرة في هذا القرار. ولا ننسى ان مجموعة دول شرق المتوسط تؤيد الترشيح وكذلك ايران، كما اني حصلت على دعم دول غير ممثلة في المجلس التنفيذي لكنها فاعلة بعلاقاتها مع بعض الدول الاعضاء.

* الى أي مدى تقبل الولايات المتحدة تولي عربي رئاسة منظمة الصحة العالمية في هذه المرحلة؟

ـ بحثت الموضوع مع وزير الصحة الأميركي على هامش اجتماع الهيئة في جنيف. وكنت صريحاً معه، فقلت له ان دعم الولايات المتحدة ترشيح عربي يتميز بالكفاءة المطلوبة يعطي مردوداً ايجابياً في المرحلة الراهنة، لا سيما انه يبرهن على ان العرب والدول الاسلامية هم أبناء أمم تبشر بالسلام وتسعى الى حياة افضل ولا تعتنق الارهاب، مما يخفف التوتر في المنطقة. فنحن ننادي بحوار الثقافات والحضارات، وأنا بصدد القيام بزيارة الى الولايات المتحدة لمتابعة البحث في هذا الموضوع، مع الاشارة الى ان للمرشح المكسيكي رغم اللغط الذي تناول اسمه وعمله في المنظمة سابقاً، دعماً أميركياً وبحكم معطيات العلاقة بين البلدين كما ان هناك لوبياً في الكونغرس يدعم مرشحاً كورياً. ولكن نحن لدينا من يدعمنا ايضاً من الكونغرس.

* هل تشعر بأن امكانية الفوز متوفرة؟

ـ أنا اعمل لذلك. واذا نجحت اكون قد حققت طموحاً لبنانياً وعربياً لا يستهان به، والطموح في هذا المجال مشروع، وأنا مستعد على رغم الصعوبات الشخصية والعائلية لمتابعة هذا الطموح حتى النهاية.

* ما هي العوامل التي دعمت قبول الهيئة ترشيحك؟

المنصب لا يحتاج فقط الى طبيب متميز في عمله وانما الى طبيب تولى مركز مسؤولية في بلده. وأنا تعرفت على المنظمة اثر وجودي في المجلس التنفيذي عندما توليت حقيبة وزارة الصحة في الحكومة السابقة، وفوجئت ببعض وزراء القمة العرب يطلبون مني الانسحاب لصالح مصر. رفضت الطلب بعد التفكير، وقلت ان لبنان سيعود الى دوره في المحافل الدولية. وعلى مدى ثلاثة اعوام اخذت عملي في المجلس والمنظمة بجدية، وواظبت على حضور الاجتماعات والمشاركة فيها، فيما كان الآخرون يكتفون بحضور الجلسات الافتتاحية، ومن خلال مثابرتي توليت رئاسة لجنة المال والموازنة في المجلس التنفيذي للمنظمة ولجنة البرامج، وكنت ممثل المجلس في الهيئة العامة. وهذه المثابرة ثبتت علاقاتي مع المسؤولين واعضاء المجلس التنفيذي، لذا وافق المتداولون بالاجماع على ترشيحي لدى تداول اسمي.