قصة «الاتحاد» الظبيانية فصل في مسيرة دولة الإمارات

سبقت قيام دولة الاتحاد بسنتين واحتفلت قبل يوم بصدور العدد 10.000

TT

ارتبط صدور صحيفة «الاتحاد» الاماراتية التي احتفلت قبل يومين بصدور العدد 10 آلاف، بقيام اتحاد الامارات العربية ككيان سياسي، وصيغة اقليمية ملأت الفراغ الذي اوجده انسحاب بريطانيا من منطقة الخليج العربي.

ومع ان الصحيفة صدرت قبل عامين من اعلان قيام دولة الامارات العربية المتحدة في الثاني من ديسمبر (كانون الأول) عام 1971، إلا ان صدورها قبل قيام الدولة وبالتحديد في 20 اكتوبر (تشرين الأول) 1969، جاء متزامنا مع الخطوات التمهيدية لقيام دولة الاتحاد التي تمثلت في اجتماع حكام الامارات في ابو ظبي للاتفاق على قيام الدولة الاتحادية.

وقد كرست «الاتحاد» عددها الاول الذي كان يتألف من 12 صفحة بحجم التابلويد لتغطية تلك المناسبة خبرا وتعليقا وتحليلا.

وعكست تلك التغطية حماس حاكم ابو ظبي في ذلك الوقت ورئيس دولة الامارات حاليا الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان لقيام «الاتحاد» ورغبته بنقل مطلب الوحدة من اطار النخب السياسية الحاكمة الى ميدان التفاعل الجماهيري.

وكانت صحيفة «الاتحاد» قد بدأت نشاطها باعتبارها جزءا من دائرة الاعلام والسياحة بأبو ظبي، لذلك فإن افتتاحية العدد الاول كتبها رئيس الدائرة آنذاك ووزير الاعلام في حكومة الاتحاد فيما بعد الشيخ احمد بن حامد آل حامد.

وفي تلك الافتتاحية ربط الشيخ احمد بين اسم الصحيفة والحدث الذي كان شعب الامارات ينتظره فقال: «إن تسمية الاتحاد هو تجسيد لما يدعو اليه الشعب في القول والعمل والسير وراء قائدنا ورائدنا الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان».

على ان المناسبة السياسية على اهميتها لم تحجب الطابع المهني الذي بدأت به صحيفة «الاتحاد»، فقد ضم فريق عملها نخبة من الصحافيين العرب برئاسة وكيل دائرة الاعلام في ذلك الوقت العماني عبد الله الطائي.

وضم ذلك الفريق عبد الله النويس الذي كان قد تخرج لتوه في كلية الاعلام في القاهرة، وادمون اسطى الذي كان قبل مجيئه للامارات نقيبا للصحافيين اللبنانيين، وزكي نسيبه الذي يعمل الآن مستشارا لرئيس دولة الامارات. وقد بدأت الصحيفة الصدور اسبوعيا وكان حجم توزيعها لا يزيد عن 500 نسخة ما لبث ان ارتفع الى 1000 نسخة ثم الى 5500 نسخة.

وحدثت النقلة النوعية الاولى للصحيفة في أوائل عام 1971 عندما تم انشاء كادر صحافي خاص لها ضم 6 صحافيين متفرغين، وكان رئيس التحرير في تلك المرحلة الصحافي المصري المرحوم مصطفى شردي، الذي اصبح في ما بعد رئيسا لتحرير جريدة «الوفد» المصرية، وقد عاونه كل من وجيه ابو ذكرى وحمدي تمام وجلال عارف وعبلة النويس.

وكانت طباعة الصحيفة تتم في البداية في بيروت وترسل المواد الى هناك لتعاد النسخ المطبوعة بعد اربعة او خمسة ايام من ارسال المواد. وفي ذلك العام جرت محاولات للتحول للصدور يوميا بدلا من الصدور الاسبوعي، حيث صدرت في اغسطس (آب) عام 1971 لمدة اسبوعين يوميا في اطار الاحتفالات بعيد الجلوس الخامس الذي يصادف ذكرى تسلم الشيخ زايد مقاليد الحكم في امارة ابو ظبي، كما صدرت بشكل يومي لفترة مؤقتة بالتزامن مع اعلان قيام دولة الامارات في 2 ديسمبر عام 1971.

وكانت طباعة الجريدة قد انتقلت في ذلك العام الى ابو ظبي بعد ان تم التعاقد مع مطبعة محلية كانت تعمل بطريقة الجمع اليدوي للرصاص «اللينوتيب».

وظلت «الاتحاد» تراوح بين الصدور الاسبوعي واليومي الى ان بدأت في ابريل (نيسان) من عام 1972 الصدور بصفة يومية. وظلت الصحيفة رغم صدورها اليومي توزع بالمجان، كما كان الحال في فترة الصدور الاسبوعي، لكن ما لبثت الصحيفة ان بدأت بعد سنوات بتقاضي نصف درهم ثمنا للنسخة.

على ان مشكلة التوزيع ظلت من المصاعب التي واجهت الصحيفة في فترة التحول من التوزيع المجاني الى البيع، فلم يكن هناك موزعون وباعة صحف الى ان اضطرت الصحيفة في نهاية السبعينات الى استقدام عمال لهذا الغرض الامر الذي جعل الصحيفة في متناول الناس في اماكن عملهم وسكناهم.

وبموازاة ذلك شهدت الصحيفة تطورا على الصعيد الفني والتقني، حيث ظهر اهتمام اكبر بالاخراج والتبويب، كما ازداد عدد النسخ المطبوعة ليصل في عام 1979 الى حوالي 45 الف نسخة ليرتفع في عام 1988 الى 50 الف نسخة.

وارتفع عدد صفحات الجريدة من 12صفحة في بداية الصدور الى اكثر من 20 صفحة في عام 1981 ثم الى 40 صفحة في أواخر الثمانينات. وقد تعاقب على رئاسة تحرير «الاتحاد» بعد ان اصبحت يومية كل من مصطفى شردي ثم خالد محمد احمد الذي ترأس تحرير الصحيفة ابتداء من فبراير (شباط) 1974، ثم عبد الله النويس الذي اصبح مديرا عاما ورئيسا للتحرير منذ عام 1985.

وكانت جريدة «الاتحاد» قد تحولت في تلك الفترة الى مؤسسة مستقلة ماليا واداريا عن وزارة الاعلام، حيث صدر في عام 1977 مرسوم بانشاء مؤسسة الاتحاد للصحافة والطباعة والنشر.

وادخلت جريدة «الاتحاد» في عام 1981 تجربة جديدة للصحافة العربية حينما بدأت بطباعة الجريدة في دبي في وقت متزامن مع طباعتها في ابو ظبي، وذلك لتلافي التأخير في وصول الجريدة الى القارئ في المناطق الشمالية. وفي 4 اغسطس عام 1992 بدأت «الاتحاد» مرحلة أخرى من التطوير من حيث التقنيات والامكانات الفنية والمهنية عندما انتقلت الى مبناها الجديد الذي بلغت تكاليفه اكثر من 40 مليون درهم، وتم التعاقد على شراء مطبعة حديثة من طراز «جلوسروار» التي تدار بالكامل عن طريق استخدام الكومبيوتر، ويمكنها طبع 50 الف نسخة في الساعة، واصبح بالامكان طبع صحيفة في 36 صفحة بالقطع العادي مع طباعة الصفحة الاولى بالالوان، وكذلك الاخيرة وصفحتين داخليتين بأربعة الوان اضافية، وتتم عملية ضبط الاحبار بدرجاتها اتوماتيكيا، كما تقوم المطبعة بعملية التلقيم والتغيير الآلي للورق اثناء الطباعة، وتم تزويد المطبعة ايضا بآلة تلميع الاغلفة للمجلات والمطبوعات الفاخرة الصادرة عن «الاتحاد» مع احدث ماكينات طباعة «الاوفست» لطباعة الملازم الملونة، وتم اضافة جهاز فرز الالوان بواسطة الليزر.

وقد دخلت صحيفة «الاتحاد» الى شبكة «الانترنت» العالمية اعتبارا من يوم الجمعة 15 مارس (آذاز) 1996 لتقديم خدمة جديدة لقرائها والتي قدمت في مراحلها الاولى مجانا، حيث يمكن للمشتركين في هذه الشبكة الاطلاع على محتويات العدد اليومي والاعداد السابقة، بالاضافة الى الخدمة اليومية، وبذلك تكون «الاتحاد» اول صحيفة محلية تدخل هذه الشبكة العالمية. ويمكن للقراء الاطلاع على اعداد صحيفة «الاتحاد» بالدخول الى موقع مؤسسة الامارات للاعلام على شبكة الانترنت www.emi.co.ae.

وفي 21 اكتوبر من عام 2000 دخلت صحيفة «الاتحاد» مرحلة أخرى من التطوير اسفرت عن نقلة ملموسة في شكلها الاخراجي ومضمون المادة الصحافية المقدمة للقارئ، وذلك مع انضمام عناصر جديدة وكوادر صحافية مؤهلة ذات خبرة طويلة في مجال العمل الصحافي.

ومع صدور العدد (10.000) من صحيفة «الاتحاد» يوم 18 يناير (كانون الثاني) من عام 2003 دخلت الجريدة مرحلة اكثر تطورا في الشكل والمضمون استهدفت الارتقاء بمستوى الاداء المهني واحداث نقلة نوعية في الخدمة الصحافية المقدمة للقارئ، ومواكبة عصر الفضائيات وتكنولوجيا المعلومات وثورة الاتصالات مع التركيز في طرح الموضوعات وتنوعها والاهتمام بالمعالجة الصحافية المتميزة للموضوعات الجماهيرية والقضايا المحلية والعربية والدولية.

كما شهدت عملية التطوير ادخال تغييرات اخراجية على صفحات الجريدة وخفض عدد الصفحات الى 32 صفحة، واعادة تبويب الصفحات وادخال خدمات جديدة وزوايا وابواب صحافية مستحدثة.

وشملت جهود التطوير الاخيرة ملحق «دنيا الاتحاد» من خلال اعتماد اسلوب اخراجي جديد يهتم بالصورة والانسيابية في عرض المادة واستخدام الارضيات الملونة، وكذلك خفض عدد الصفحات الى 16 صفحة بدلا من 24، اضافة الى ظهور صفحات وابواب جديدة تعكس اهتماما غير مسبوق في الصحافة العربية، الى جانب اعتماد اساليب متميزة في الصياغة والمعالجة الصحافية ونشر موضوعات قصيرة مع لقطات مختصرة في شكل خبري تعين على سرعة استيعاب القارئ للموضوع.

اما ملحق «الاتحاد الرياضي» الذي يشرف عليه مدير تحرير تنفيذي فقد شهد ايضا تطويرا في ترويسات الصفحات وشكل الغلاف، وتغيير طريقة عرض الاشارات الخاصة بالموضوعات الداخلية على غلاف الملحق، الى جانب استحداث صفحتين اسبوعيتين الاولى بعنوان «فضائيات رياضية» وتهتم بالمباريات واللقاءات والعروض الرياضية التي تذاع عبر المحطات الفضائية، والثانية بعنوان «كلام جرايد» وتستهدف اطلاع القارئ على اهم القضايا والموضوعات الرياضية المنشورة في الصحف والدوريات العربية والاوروبية، اضافة الى صفحة يومية جديدة بعنوان «حكاية بطولة» والتي تهتم بكل اخبار واستعدادات بطولة كأس العالم للشباب في كرة القدم التي تستضيفها الامارات في نهاية مارس المقبل، كما استحدث «الاتحاد الرياضي» ملفا اسبوعيا هو الاول من نوعه لرصد كل ما له علاقة بدوري الدرجة الثانية الذي يضم 17 ناديا، وصفحة متخصصة بعنوان «النصف الحلو» لرصد النشاط الرياضي النسائي داخل الامارات وخارجها، وهو اول ملحق رياضي يومي يصدر على المستوى العربي من 16 صفحة.

وكما كانت «الاتحاد» عبر مسيرتها الطويلة قادرة على التكيف مع المستجدات المهنية والفنية، فقد دخلت عام 2000 تجربة جديدة عندما انضوت تحت مؤسسة الامارات للاعلام، التي اصبحت تضم الاشكال الاعلامية الثلاثة المقروء والمسموع والمرئي تحت مظلة اعلامية واحدة.

ومع ان هذا الاندماج كان تجربة فريدة في الاعلام العربي فإنه لم يؤثر في ما تتمتع به الصحيفة من استقلال مهني يتناسب وطبيعة العمل الصحافي.