الفلكي السعودي محمد المقري يختصر علم الفلك في أسطرلاب حديث

التقويم يجمع المعلومات الفلكية والفصول والمواسم وأسماء النجوم المعروفة في السعودية

TT

في بادرة تعد الأولى على مستوى السعودية قام الدكتور محمد بن سعد المقري أحد المهتمين بعلم الفلك وعضو هيئة التدريس بكلية الملك عبد العزيز الحربية بإعداد وتصميم اسطرلاب أطلق عليه «اسطرلاب الحرمين الحديث» جمع فيه المعلومات الفلكية والنجوم والمجموعات النجمية التي يمكن مشاهدتها في القبة السماوية بالعين المجردة في أي وقت من الليل طوال العام على أساس دائرة عرض مكة المكرمة (27 : 21 دقيقة) والدوائر التي تقع بالقرب منها، مما يوفر اسلوباً سهلاً وسريعاً لتحديد النجوم والتعرف عليها ومتابعتها، وتحديد أوقات الصلاة بدرجة عالية من الدقة خاصة على امتداد دائرة عرض مكة ودوائر العرض القريبة منها، لذا فهو مناسب لمعظم الدول العربية والإسلامية والدول الأخرى التي تقع على دوائر عرض مماثلة لها.

ويقول د. المقري ان أهمية هذا الاسطرلاب تأتي من خصوصياته التي تنبع من العقيدة الإسلامية وثقافة وحضارة العرب، كون تصميمه فريداً فانه يمثل أيضاً استمراراً لتراث الاسلاف في الفلك، فاسمه مشتق من الأعمال الجليلة التي قدمها هؤلاء في هذا المجال مع الاستفادة من تطورات علم الفلك الحديث والتقنية المعاصرة.

وحول ابتكاره يقول د. المقري: مشروع الاسطرلاب الذي عرض لأول مرة في معرض الرياض الدولي التاسع للكتاب عام 2002 جاء تطويراً لمشروع تقويم الحرمين الفلكي الذي أصدرته أثناء معرض الكتاب في جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية عام 2000 في ثلاثة إصدارات، الأولى على هيئة مطوية صغيرة يستطيع الشخص حملها معه، وأخرى مختصرة للجيب، والثالثة هي الاصدار الأساسي ذات الحجم الكبير. ويمثل التقويم فصول السنة المناخية الأربعة وهي مبْنية على حساب الآباء والأجداد، وتم تحديد ألوان تقويم الحرمين الفلكي بحيث تعكس طبيعة المناخ في هذه الفصول فاللون الأخضر يمثل الربيع واللون الأحمر يمثل الصيف واللون الأصفر للخريف والأزرق للشتاء، كما أن التدرج في التكوين يعكس تدرج الأحوال المناخية في الفصول. وكل فصل فيه سبعة نجوم. ففصل الشتاء يزداد شدة تدريجياً حتى يبلغ أشده في النجم الرابع المعروف بـ«النعائم» ويعرف عند عامة الناس بالنجم الأول من الشبط ويسمى أحياناً (مقرقع البيبان)، وذلك لأن الرياح الشديدة والباردة في هذه الفترة تهز الأبواب فكأنه يطرقها طارق. ويقابل هذا النجم أشد النجوم حرارة في فصل الصيف ويسمى (الهنعة) وعند عامة الناس (الجوزاء الثانية) ويسمى أيضاً (جمرة القيظ) حيث تبلغ الحرارة أشدها وتشتد كالرمضاء.

كما يشتمل هذا التقويم على الأسماء العلمية لمنازل القمر المعروفة محلياً بالنجوم مثل الأكليل والغلب والشولة، والأسماء الدارجة المقابلة لها كالمربعانية والشبط والعقارب وحتى سهيل والوسم.

ويضيف د. المقري أن تقويم الحرمين الفلكي يبين بداية ومدة كل نجم والأحوال المناخية المصاحبة لظهوره والأعمال الزراعية التي يستحسن القيام بها ومواقيت هجرة الطيور مما يمثل أهمية كبيرة للمزارعين وهواة الصيد والتنزه في الصحارى، ومتابعي الحساب الفلكي والمهتمين بالأحوال المناخية ومحبي التراث.

* تحديد أسماء النجوم

* كما قام الفلكي السعودي المقري باعداد عمل آخر أطلق عليه «خارطة الحرمين السماوية» وهو يشمل النجوم التي تطلع في سماء السعودية طوال العام على أساس خط عرض مكة وهي مرسومة بشكل مقارب تماماً للنجوم التي يراها الفرد من على أرض المملكة العربية السعودية في السماء، وتضم أسماء النجوم في سماء السعودية وموضح على الخارطة أسماء البروج ومنازل القمر وبعض النجوم المشهورة، وتلك المزايا تهم شريحة كبيرة من المجتمع السعودي حيث أنها ترشد المتجول في الصحراء لغرض النزهة أو الصيد، وقاطني القرى والهجر النائية البعيدة عن الطرق المعبدة وغيرهم، كما يساعد في تحديد اتجاه القبلة إلى الكعبة.

ثم جاءت المرحلة الثالثة المهمة في انجازات د. المقري بتصميمه «اسطرلاب الحرمين الحديث» الذي صمم على أساس دائرة عرض مكة المكرمة، ويواكب هذا الاسطرلاب التطورات الحديثة ضمن علوم الفلك، ويحتوي على أسماء منازل القمر المعروفة محلياً بالنجوم، وكذلك الأسماء لبعض النجوم المشهورة مما يجعله مفيدا ليس فقط للفلكيين والمزارعين بل لشريحة عريضة من الناس. إلى جانب فائدته في تحديد أوقات الصلاة ويتكون اسطرلاب الحرمين الحديث من: القاعدة، وهي عبارة عن خارطة تشمل النجوم والمجموعات النجمية التي يمكن مشاهدتها بالعين المجردة، كما تحتوي القاعدة على خطوط الطول السماوية على شكل أنصاف قطر ممتدة من مركز الدائرة إلى إطارها الخارجي. ودوائر العرض السماوية وهي المعروفة بـ«الميل الزاوي»، ودوائر البروج وهي دائرة مرسومة على القاعدة بخط متقطع تمثل المسار الظاهري للشمس بين النجوم خلال السنة، والتواريخ الموضحة تحت تقاطعات دائرة البروج مع خطوط الطول السماوية تبين الموضع الدقيق للشمس في هذه الأماكن على دائرة البروج في تلك التواريخ. أما القطب السماوي الشمالي فيمثل مركز دورات القرص على القاعدة، في حين أن التاريخ وهو المقياس الزمني للأيام والشهور فموضح على الاطار الخارجي للقاعدة ثم يأتي المكون المهم الآخر للاسطرلاب وهو القرص الدوار الذي يدور على القاعدة. ويغطي النجوم والمجموعات النجمية، ويحتوي على نافذة تبين تلك النجوم والمجموعات النجمية التي يمكن مشاهدتها بالعين المجردة فوق الأفق في وقت ما. وبالاضافة إلى ذلك فان القرص الدوار يحتوي على خط الزوال المحلي وهو عبارة عن خط مستقيم من القطب السماوي الشمالي إلى الجنوبي.