حتى لا تصبح الدراسة عبئا على الأبناء

الخبراء: الإعداد للمدرسة لا يعني إعداد الأدوات المدرسية بل الإعداد النفسي للطفل

TT

بعد اكثر من سنة سيصبح هذا المشوار عادياً وروتينياً جدا بعدها.. وبعدها باكثر من سنة اخرى سيصير عبئا نحلم بالتخلص منه وبعد ذلك بسنوات طويلة ستصير ذكرى هذا اليوم واحدة من اجمل ذكريات حياتنا... انه اول يوم دراسة. ومنذ ايام قليلة ذهب ما يقرب من مليون و400 الف طفل مصري لاول مرة الى المدرسة. تجربة جديدة تجمع بين الاثارة والخوف والقلق لدى الابناء والامهات فهو اليوم الاول للابتعاد عن حضن الام الدافئ لعدة ساعات لا تقل بأي حال من الاحوال عن 6 ساعات.

في البداية يسيطر احساس الفرح والسعادة على الاطفال، بعدها يجد الطفل نفسه مرتبطا بمجموعة من الالتزامات والقيود، مذاكرة، حصص لها مواعيد، عمل واجبات منزلية وقت محدد للعب ومشاهدة التلفاز كل هذا يجعل الطفل يشعر ان حياته انقلبت رأسا على عقب وانها لم تعد كالسابق في بساطتها وسهولتها وانه لن يستطيع فعل ما يحلو له في أي وقت.

ويقول الدكتور خالد المنياوي استاذ طب نفس الاطفال بالمركز القومي للبحوث: تقع على الام مسؤولية كبيرة في اعداد طفلها نفسيا للدراسة والذهاب للمدرسة للمرة الاولى، فمعظم الامهات يعتقدن ان اعداد الطفل للمدرسة يعني اعداد الملابس وادوات الدراسة والكتب، وهذا اعداد مادي فعلى الام ان تهيئ طفلها الى انه سيقابل اشخاصاً واصدقاء جدداً، وان ذهابه للمدرسة لا يعني انه سيفقد امه التي لن تصبح معه طوال الوقت أو انها لا تريده في المنزل ولكنه يعني انه نضج وكبر وبات عليه ان يعرف الكثير والجديد، عن الالوان والطيور والارقام والاسماك وغيرها من المعلومات كذلك على الام ان تشرك ابنها في الاعداد لادوات المدرسة وشرائها لتشجيعه على الذهاب الى المدرسة.

ويؤكد الدكتور خالد ان على الام ان تذهب مع ابنها للمدرسة في الايام الاولى وان تظل معه بعض الوقت حتى يطمئن للمكان والمعلمة في الفصل وبعد انتهاء اليوم الدراسي فعلى الام ان تحرص على ان يكون وجهها اول من يراه الطفل بعد خروجه من الفصل وبعد عودتهما الى البيت عليها ان تستمع له ولما يحكيه لها عما حدث اثناء اليوم الدراسي وتبدي اهتمامها بما يقول.

ويوضح الدكتور خالد ان بعض الابناء يعربون عن رفضهم الذهاب للمدرسة في اليوم التالي ويبكون شاكين من صعوبة الدراسة أو تعرض احد اصدقائهم في المدرسة لهم وهنا يجب على الام عدم تشجيع الطفل على احساسه بل عليها افهامه ان المدرسة مثل المجتمع فيها الصالح والطالح وانه يجب عليه ان يتعود على التعامل مع زملائه والتأقلم معهم.

* لا للتلفزيون

* مها محمد، 8 سنوات، وفي الصف الثالث الابتدائي تقول: انا احب المدرسة واحب اصحابي ولكنني لا احب ما تفعله امي بي في البيت فهي ترفض ان اشاهد التلفزيون نهائيا. فهي تطلب مني بعد عودتي من المدرسة ان اتناول طعامي واجلس لمذاكرة دروسي ثم انام بعدها ولا تسمح لي بمشاهدة التلفزيون الا يوم الجمعة يوم الاجازة.

ويقول الدكتور احمد الدسوقي استشاري الطب النفسي: ليس من الصحة اعلان حالة الطوارئ في المنزل بمجرد بدء العام الدراسي ولكن على الام ان تدرك ان عقل طفلها بحاجة الى الراحة والتسلية كما هو في حاجة للمذاكرة ولهذا فمنع الطفل من الاستمتاع بحياته الى جانب ادائه لواجباته الدراسية شيء خاطىء فبعض الامهات يمنعن اطفالهن من ممارسة الرياضة التي يحبونها أو الذهاب الى النادي أو الحصول على فترة راحة يلعبون فيها بالعابهم الخاصة، اهم شيء هو تنظيم الوقت وتعويد الطفل على ان ينظم وقته ويضع جدولاً للمهام التي يجب عليه القيام بها وعلى الام ان تساعده في البداية حتى يستطيع ان يقوم بذلك بمفرده ولكن ان نمنع ابناءنا من الترفيه فهذا شيء لا اساس له من الصحة.

* دور الاب

* تتحدث الكثير من الامهات عن ثقل المسؤولية الملقاة على عاتقهن تجاه الابناء وانشغال الاباء في اعمالهم عن القيام بدور في مذاكرة ابنائهم ويؤكد الدكتور هاني السبكي استشاري الطب النفسي انه اذا كانت ظروف الحياة والمعيشة تضطر الاباء الى ان يظلوا طوال يومهم خارج المنزل بعيدا عن ابنائهم ولا تسمح لهم الظروف بمتابعة دروس الابناء فان عليهم الا يتركوا انفسهم للعمل فقط لان الابن بحاجة الى ان يرى اباه ويشعر انه يشاركه الاهتمام بالمدرسة ودراسته. فعلى الاب ان يحرص على مشاركة ابنائه في الندوات أو البرامج التي تعدها المدرسة، فمعظم الدراسات تؤكد ان نسبة حضور الاباء لهذه الانشطة لا تتجاوز 10% كذلك على الاب ان يحرص على التواصل مع المدرسة، والتعرف على المدرسين الذين يقومون بتدريس المواد لابنه وزيارة المدرسة بين الحين والاخر لحل اي مشكلة قد تواجه الابن، كذلك على الاب ان يعرف ان دوره ليس في التوقيع على التقارير المدرسية لابنائه فدوره اعمق من ذلك بكثير حتى لو كانت الام اكثر مهارة منه في القيام بذلك، وبخاصة اذا ما حدثت مشكلة لاحد الابناء في المدرسة فكلنا نتذكر ونحن صغار اننا تسببنا في الكثير من المشكلات اثناء الدراسة مع زملائنا أو المعلمين وكنا دائما ما يتملكنا الخوف ونحن عائدون الى المنزل من كيفية مواجهة الاسرة وبخاصة الاب الذي كنا نخشى رد فعله القاسي وهنا اقول انه يجب على الاباء ان يعرفوا ان القسوة ورد الفعل العنيف لا يفيد ابناءنا ولا يعلمهم الادب، كما قد يظن البعض بل على العكس قد يعلمهم ذلك الكذب واخفاء ما يحدث خارج المنزل على الاباء حتى لا يتعرضوا للعقاب. ولهذا يزداد دور الاب في امتصاص اخطاء ابنائه وعقابهم باسلوب تربوي صحيح، فأحيانا تكون النظرة اقسى من مائج سوط كما يجب ان يعرف الاباء ان تربية الابناء شد وارخاء بمعنى ان العقاب لا يعني دائما الضرب ولكنه يعني في كثير من الاحيان الحرمان من اشياء يحبونها.

* النسيان

* منى كريم ام لطفل عمره عشر سنوات تقول: رغم انني اعمل معلمة في نفس المدرسة التي يدرس فيها ابني واذهب واعود معه الى المنزل الا انني فشلت في ان اجعله يحافظ على المعلومة التي يستذكرها فرأسه اصبح مثل الاواني التي لا يلتصق بها الطعام لا تحتفظ بأي معلومة!! حاولت معه بكل الطرق الا انها لم تفلح.

رغم ان معدل ذكائه مرتفع ولكن في اشياء اخرى مثل الرياضة والكمبيوتر. مشكلة منى ليست شكوى جديدة ولكنها مشكلة العديد من الامهات اللاتي يذاكرن لابنائهن ويؤكد الخبراء ان اسلوب التعليم في مجتمعاتنا العربية وكم المواد المطلوب من الابناء استذكارها هي السبب، هذا الى جانب طبيعة المواد التي تعتمد على الحفظ لا على الفهم في اغلبها ولهذا امنحي ابنك الفرصة ان يشرح لك ما قاله المعلم في الفصل فهذا سيساعده على ان يسترجع معلوماته واستمعي له وصححي له الخطأ وشاركيه في المذاكرة حتى تصبح الدراسة والاستذكار متعة. ليس هذا فقط، بل على كل ام ان تعرف ان هناك تفاوتاً في القدرات بين الاطفال وبين ابنائها هي ذاتها فكل طفل يختلف عن غيره في اسلوب تحصيله وسرعته في التحصيل ومدى احتفاظه بهذه المعلومات ولهذا يحب ان تتعامل الام مع قدرات طفلها في التحصيل بصبر وتأن وعدم الانقاص من قدره.

واخيرا لم يبق لنا الا نقول ان علينا كآباء وامهات الاستماع للابناء وتفهم مشكلاتهم واحتياجاتهم حتى لا تصبح الدراسة عبئا عليهم وعلينا.