وزير الخارجية السوداني: نتوقع اتفاق السلام النهائي قبل نهاية العام

مصطفى عثمان إسماعيل: بيان مجلس الأمن لم يرد فيه ما يشير إلى نشر قوات دولية في السودان

TT

توقع الدكتور مصطفي عثمان اسماعيل وزير الخارجية السوداني الوصول إلى اتفاق سلام عادل وشامل قبل نهاية العام الحالي مع الحركة الشعبية لتحرير السودان، ورحب بحضور وزير خارجية الولايات المتحدة، كولن باول، إلى كينيا لحضور التوقيع على مسودة اتفاق السلام إذا ما تم التوصل إليها خلال هذا الشهر، واعتبر حضور باول يعكس اهتمام الحكومة الأميركية.

وحول إطلاق سراح الدكتور حسن الترابي قال في حديث لـ«الشرق الأوسط» إن تحول الانقاذ الوطني من النظام الشمولي الذي اقتضته الظروف والترتيبات إلى النظام التعددي المنفتح الذي يتيح الحريات العامة والسياسية والإعلامية، شارك في صنعه الدكتور حسن الترابي بصورة فاعلة أثناء مشاركته في الحكم.

وأضاف قائلا «أستطيع أن أقول أن دستور 1998 والذي نص على التعددية السياسية يعتبر من خلاصة جهد الدكتور الترابي في هذا المجال».

وتابع: وبعد الانشقاق الذي حدث في المؤتمر الوطني، استمر الحزب، المؤتمر الوطني والدولة في بسط الحريات السياسية والصحافية إلى أن وصلنا إلى ما وصلنا إليه الآن في التحول الكامل في النظام التعددي، بحيث أصبح من الثوابت التي تدور في إطارها الحياة السياسية في السودان، وتكون هناك استثناءات، وأنا متأكد أنها ستزول في الفترة المقبلة.

وقال اسماعيل ان الدكتور الترابي ساهم مساهمة فاعلة منذ الاستقلال، وله مساهمات كبيرة في مجال الدعوة. وابدى اسفه للتداعيات التي ادت الى اعتقاله، مشيرا الى انه منذ اعتقاله قبل عامين ظلت الاجتماعات تنعقد في اطار اجهزة المؤتمر الوطني مشيرة الى اهمية اطلاق سراحه.

وفي ما يلي نص الحوار:

* في ما يتعلق باتفاق الترتيبات الأمنية بين الحكومة والحركة الشعبية لماذا تضاربت التقارير حول وجود قوات دولية أو رقابة دولية؟

ـ إن الفكرة من البيان الذي صدر من رئيس مجلس الأمن الدولي هو أن يكون متمما ومتصلا للبيان الذي صدر العام الماضي بعد توقيع بروتوكول ماشاكوس في 20 يوليو (تموز) 2002، ومن السابق لأوانه أن تدرج قضية السودان في مجلس الأمن، فنحن لم نصل بعد لمرحلة توقيع اتفاقية السلام، ولذلك احتوى بيان رئيس مجلس الأمن على فقرتين:

(1) ترحيب باتفاقية الترتيبات الأمنية التي تمت في نيفاشا الكينية بين النائب الأول لرئيس الجمهورية علي عثمان محمد طه وزعيم الحركة الشعبية الدكتور جون قرنق.

(2) إعطاء الضوء الأخضر للأمين العام للبدء في دراسات بالتنسيق مع الأطراف المعنية حول دور الأمم المتحدة في مرحلة ما بعد توقيع السلام.

وهكذا صدر البيان، ولم يرد فيه أي ذكر لقوات حفظ السلام، أو حتى قوات مراقبة.

* هل تم التشاور مع الحكومة السودانية؟

ـ البيان الذي صدر تم بالتنسيق بين السودان والولايات المتحدة حيث أننا نرى أن الوقت ما زال مبكرا لإدراج قضية السودان في مجلس الأمن، ولكننا على يقين. أنه سيكون لمجلس الأمن دور في إحلال السلام، هذا الدور قد يشمل المجال الإنساني، وعودة اللاجئين إلى وطنهم، وعودة النازحين إلى ديارهم الأصلية، واستنهاض المجتمع الدولي في عملية الإعمار والإنماء. وكذلك متابعة تنفيذ اتفاقية السلام بما في ذلك مراقبة وقف إطلاق النار.

كل هذه الترتيبات سيأتي وقتها، ولكن المطلوب الآن هو إعداد الدراسات اللازمة وتحديد الجهات والتكاليف المالية لإنجاز هذا العمل، ولكي يقوم الأمين العام للأمم المتحدة بذلك يحتاج لإعطاء الضوء الأخضر من جانب مجلس الأمن، وهذا ما حدث لا أكثر ولا أقل.

ولأننا نرى أن الوقت ما زال مبكرا لطرح القضية ضمن أجندة مجلس الأمن ردا على خطاب السودان الذي أفاد رئيس مجلس الأمن الدولي بتوقيع اتفاقية الترتيبات الأمنية.

* هناك جهات وراء طرح مسألة قوات دولية بالنسبة للترتيبات الأمنية في السودان؟

ـ هناك بعض الجهات حاولت أن تستغل هذا التوجه لإدخال قضايا أخرى في البيان الرئيسي لمجلس الأمن، ولكننا تصدينا ولم ينعكس في البيان الذي صدر في المجلس.

* كيف استقبلت اتفاقية الترتيبات الأمنية والعسكرية بين الحكومة والحركة الشعبية في الأمم المتحدة؟

ـ كان لتوقيع هذه الاتفاقية في نيفاشا الكينية وقعا كبيرا في أعمال الدول أثناء اجتماع للجمعية العامة للأمم المتحدة انعكس ذلك في التناول الإيجابي عنها في خطابات الدور اثناء مناقشات الدورة التي كانت معظم قضاياها شائكة، مثل الأوضاع في العراق وفلسطين والتوتر بين الولايات المتحدة، وإيران وسورية، الشيء الذي حدا بالأمين العام الى أن يقول إن الأخبار السارة الوحيدة في هذه الدورة هي عن عملية السلام في السودان.

* لماذا جاء هذا التحرك الكثيف الأخير بالنسبة لعملية السلام من جانب واشنطن ولندن وباريس؟

ـ وزارة الخارجية السودانية مهمتها التنسيق التام مع الأجهزة التي تقود عملية السلام سواء كان ذلك في رئاسة الجمهورية أو المؤتمر الوطني أو مستشارية السلام، وتنشيط الاتصال بالقنوات الخارجية خاصة لدى مرحلة تعثر المفاوضات، ولقد كنا على اتصال دائم بالعواصم المعنية بعملية السلام في السودان سواء في نيروبي أو القاهرة أو واشنطن أو لندن أو غيرها من العواصم.

وبعد فشل جولتي التعاون ما قبل الأخيرة، وأثناء زيارة وزير خارجية كينيا لمصر جرى تنسيق بين القاهرة والخرطوم ونيروبي، وبين وزراء الخارجية الثلاثة وأدى إلى زيارة وزير خارجية كينيا للخرطوم، ومن هنا بدأت الترتيبات للجولة الأخيرة وللقاء الذي تم بين النائب الأول لرئيس الجمهورية علي عثمان طه وزعيم الحركة الشعبية جون قرنق. واستمرت هذه الاتصالات لأكثر من ثلاثة أسابيع، خاصة عندما تنعقد المفاوضات، وستستمر هذه الجهود والاتصالات إلى أن تصل إلى مرحلة السلام.

ثم تستمر بعد ذلك ولكن بهدف آخر هو التأكد من تنفيذ بنود اتفاقية السلام، واستنهاض دعم المجتمع الدولي لمرحلة البناء وإعادة الإعمار طيلة الفترة الانتقالية (6 سنوات).

* هل ما زلت عند تقديرك بأن السلام قادم لا محالة؟

ـ ما زلت عند رأيي بأننا وبعون الله سنصل إلى اتفاق قبل نهاية العام. والترتيبات الحالية في كينيا تقول إن اجتماعات الخبراء التي بدأت في 2003/10/6 ستستمر الى ان يتم لقاء النائب الأول علي طه وزعيم الحركة جون قرنق اللذين سترفع إليهما نتائج الخبراء للعمل على تضييق شقة الخلاف في المواضيع المختلف عليها.

وإذا سارت الأمور على ما يرام فربما نصل إلى مرحلة متقدمة قبل نهاية هذا الشهر قد تفضي إلى مسودة اتفاق، ورغم أن الأمور (ليست سهلة) وأن القضايا ليست بالبساطة التي يتصورها البعض، ولكني متفائل بأننا سنكمل ما بدأناه من مشوار صعب.

* وهل صحيح ما نقلته التقارير بأن وزير خارجية الولايات المتحدة كولن باول سيحضر التوقيع على مسودة الاتفاق في نيفاشا؟

ـ الإدارة الأميركية ستبعث كولن باول وزير الخارجية لحضور التوقيع على هذه المسودة إذا ما تم التوصل إليها خلال هذا الشهر، ونحن نرحب بذلك ونتمنى أن نصل إلى هذا، وهو يعكس اهتمام الحكومة الأميركية.