إذن البحر أو «الصفيلح العماني» ثروة في البحر وعلى الموائد

يبلغ سعر الكيلو منه 60 ريالا عمانيا.. وهو مهدد بالانقراض بسبب الصيد العشوائي

TT

خلال شهري نوفمبر (تشرين الثاني) وديسمبر (كانون الاول) من كل عام يبدأ موسم صيد الصفيلح العماني وهو الاسم العامي بسلطنة عمان المعروف عربيا باسم (اذن البحر) وعالميا باسم (الابلوني) وهو كائن رخوي كبير ويعد احد الثروات البحرية الطبيعية التي تزخر بها المياه الاقليمية العُمانية في محافظة ظفار التي تبعد عن العاصمة العمانية مسقط ( 1040 كيلومترا) ويصدر معظم انتاج الصفيلح والذي يتراوح بين 55 الى 65 طن سنويا الى دول شرق اسيا ودولة الامارات العربية المتحدة. تتواجد احياء الصفيلح في الشريط الساحلى لمحافظة ظفار وتحديدا فى المناطق الواقعة بين ولايتي مرباط وشليم وهو يعد من اشهر الاطعمة البحرية ذات القيمة الاقتصادية العالية ويصل معدل سعر الكيلو الواحد من الصفيلح الى 60 ريالا عمانيا ومن 100 الى 200 ريال عماني للكيلوجرام من الصفيلح المجفف. كما يصل سعر طبق الصفيلح في مطاعم دول شرق اسيا الى حوالي 200 دولار اميركي. والصفيلح من الاطعمة الشهية المترفة (فلحمه ابيض اللون) ونسيجه صلب مكتنز ويعرفه الذواقة باسم (شريحة اللحم البحرية). ويرجع انتشار الصفيلح في سلطنة عمان الى تركز ظاهرة انبثاق المياه في هذه المنطقة وهي عملية نقل واندفاع مياه العمق الراسية الناتجة عن الرياح الموسمية الجنوبية الغربية الى السطح حيث تحتوي هذه المياه على كميات هائلة من المواد الغذائية الدقيقة والتي تنتج من ملاقاتها للشمس خلق هائمات تعتبر في الاصل اولى حلقات التسلسل الغذائي لكل حياة بحرية.

وتحافظ وزارة الزراعة والثروة السمكية بسلطنة عمان على هذه الثروة البحرية من خطر الانقراض وتقوم بتحديد فترات معينة فى السنة لصيد الصفيلح وتجعل الفترة المتبقية من السنة عملية توالد واخصاب لهذا الكائن البحري بالاضافة الى حظر اصطياد الصفيلح الذي يقل قطر محارته عن (9) سم وقد تم العام الماضي تحديد شهري ديسمبر ويناير للسماح بالغوص وذلك استجابة من الوزارة لطلبات المواطنين ومراعاة لظروفهم نظرا لصعوبة الغوص في شهر رمضان المبارك الذي صادف موعد الموسم الاصلي. ويوجد في المياه العمانية نوع واحد من الصفيلح المسمى هليوتس ماريا (aliotis marieaL) وهو واحد من مائة نوع معروف حول العالم ولكن النوع العماني ياتي في المرتبة الثالثة ضمن اجود انواع الصفيلح والافضل تجاريا.

وللمحافظة على انتاجية الصفيلح قامت وزارة الزراعة والثروة السمكية في انشاء مشروع تجريبي بولاية مرباط للاستزراع التجاري بالتعاون مع اليابان عام 1996م بالاضافة الى تحديد امكانية تعزيز مخزون الصفيلح الطبيعي الذي بات مهددا بالانقراض نتيجة للصيد العشوائي من بعض هواة الصيد والصيادين الذي وصل عددهم الى (1900) غواص والذين تتزايد اعدادهم كل عام زيادة مطردة نتيجة ارتفاع سعر االصفيلح كل عام وهذا يسهم في زيادة المدخول المالي للصيادين.

ونظرا للقيمة العالية للصفيلح فقد كثر هذا العام تواجد الكثير من الشركات العالمية خاصة من شرق اسيا لشراء مخزون الموسم وتصديره لبلدان اسيوية واوروبية.

ويعتبر الصفيلح من الحيوانات الليلية حيث ان جميع نشاطاته الوظيفية من غذاء وحركة وتكاثر تبدأ مع حلول الظلام وهو يعيش في اعماق ضحلة تتراوح من مترين الى 20 مترا.

كما يعيش الصفيلح داخل صدفة بيضاوية الشكل وخشنة السطح من الخارج ذات صف من الثقوب في جانبيها تساعدها على التنفس وتستخدم هذه الصدفة الفضية اللامعة من الداخل والمعروفة باسم (ام القماش).

ويستخدم الصيادون في استخراج محارة الصفيلح التي تكون ملتصقة بالصخور اداة تشبه السكين ومنظارا للعين وسلة مربوطة حول الخصر فقط ولا يسمح باستخدام اسطوانات الاوكسجين والادوات الحديثة الاخرى في الصيد حفاظا على محدودية الاستخراج ويتكبد الغواص مشقة كبيرة في عملية استخراجه لهذه المحارة، كما يواجه الصيادين الكثير من الصعوبات تتمثل في برودة البحر في هذا الوقت من السنة بالاضافة الى وجود اعشاب كثيرة في مواقع تواجد الصفيلح تحجب الرؤية وتعوق عملية الغوص وتسبب حساسية شديدة عند احتكاكها بجسم الغواص. كما يكثر في الصخور الواقعة في منطقة الغوص اسماك ثعابين البحر وهي عادة ماتشكل خطرا على الغواص ويمكن ان تهاجمه بين الحين والاخر.

وتتمثل عملية استخراج الصفيلح بشق محارته واستخراج الصفيلح من داخلها وهي قطعة من اللحم تشبه راحة الكف ثم يقوم الغواص بتسليم الكمية المستخرجة للتاجر الذي يقوم بدوره بغلي هذه الكميات في اوان كبيرة ثم يجفف الصفيلح بعد ذلك على مسطحات خاصة من الخشب او شباك الصيد ويعرض للشمس لفتره قد تصل الى عشرين يوما وكلما زادت مدة التجفيف زادت جودة الصفيلح.

يقوم التاجر بعد ذلك بتعليب الكميات في صناديق خاصة ويتم بيعها للشركات ومن ثم تصديرها الى الاسواق الخارجية خاصة الى دول شرق اسيا حيث يزداد الطلب على الصفيلح هناك بكثرة.

ويقدر معدل استخراج الغواص المتمرس من الصفيلح حوالي سبعة كيلوجرامات في اليوم الواحد أي ما قيمته (420 ريالا عمانيا) وذلك في الايام العشر الاولى من بداية الموسم وتتفاوت الكميات المستخرجة حسب خبرة وقدرة الغواص الا انه يلاحظ بان الكميات المستخرجة في السنوات الاخيرة قد تناقصت عما كانت عليه في السابق نتيجة الصيد الجائر وازدياد اعداد الغواصين من عام الى اخر. ويرجع ارتفاع قيمة الصفيلح الى تحديد مواسم صيده في السنوات الاخيرة بالاضافة الى وجود اعداد كبيره من الشركات المنافسة وكذلك الطلب المتزايد عليه حيث يعد الصفيلح العماني من اجود الاصناف في العالم وهناك انواع اخرى من هذا الكائن البحري موجود كذلك في الصين واليابان وجنوب افريقيا وكندا واستراليا.