السعودية تستعيد قطعاً أثرية مهمة من متحف الساميات الأميركي

وكيل وزارة المعارف لشؤون الآثار: الإعادة جرت بأسلوب حضاري وهي بداية نجاح لاستعادة آثار أخرى من دول صديقة

TT

نجحت السعودية في استعادة 14 قطعة أثرية مهمة من الولايات المتحدة يعود تاريخها إلى اكثر من 2300 عام ضمن جهودها في استرجاع آثارها المحفوظة في المتاحف العالمية.

وسيقام في الرياض يوم الأحد المقبل احتفال كبير تعرض خلاله هذه القطع التي استعيدت من متحف الساميات في جامعة هارفارد بضواحي بوسطن في الولايات المتحدة. بدر الخريف من الرياض يتناول تفاصيل الآثار المستعادة وسيرة الهاوي الأميركي الجامع لها.

* «مجموعة بارجر» تمثل بداية نجاح للتواصل مع الدول الصديقة والمؤسسات الثقافية التي يمكن أن تكون لديها قطع أثرية من السعودية لاستعادتها.

* القطع التي أوصى جامعها بإعادتها إلى السعودية 14 قطعة حصل على معظمها من المنطقة الشرقية ومدائن صالح. القطع الأثرية التي استعادتها السعودية من الولايات المتحدة اخيرا يعود تاريخها إلى الفترة ما بين القرن الثالث قبل الميلاد والقرن الأول الميلادي. وكانت القطع المستعادة قد أودعت في متحف الساميات بجامعة هارفارد الأميركية من قبل توماس بارجر (1909 ـ 1986) والذي قدم إلى السعودية مستكشفاً جيولوجياً في بداية شبابه عام 1937 ثم اصبح أول رئيس لشركة «أرامكو» في المملكة العربية السعودية، واستمر في عمله اكثر من 30 عاماً. وكان بارجر مغرماً بجغرافية السعودية وتاريخها وآثارها، كما هو الحال بالنسبة لعدد كبير من الأميركيين والأوروبيين الذين وفدوا إلى السعودية في ذلك الوقت المبكر.

وأوضح الدكتور سعد بن عبد العزيز الراشد وكيل وزارة المعارف السعودية للآثار والمتاحف بأن هذه القطع الأثرية التي أطلق عليها «مجموعة بارجر» تمثل «بداية نجاح للتواصل مع الدول الصديقة والمؤسسات الثقافية التي يمكن أن تكون لديها قطع أثرية من السعودية نأمل أن تستعاد في السنوات المقبلة». واعتبر الراشد أن الاحتفال الذي سيقام يوم الأحد المقبل لعرض هذه القطع هو إشهار لمركز الملك عبد العزيز التاريخي وكذلك المتحف الوطني الذي سيستضيف وفوداً زائرة من المتاحف المماثلة في العالم.

آثار من المنطقة الشرقية وابلغ الراشد في المؤتمر الصحافي الذي عقده أمس في مكتبه بمركز الملك عبد العزيز التاريخي أن هذه القطع الأثرية التي أوصى جامعها بارجر شفهياً بإعادتها إلى السعودية يبلغ عددها 14 قطعة مهمة، ويعتقد أن معظمها حصل عليها توماس بارجر من المنطقة الشرقية ومدائن صالح، وهي تشمل إبريقا له مقبض ومصنوعا من الفخار الأحمر المطلي بطلاء كريمي عليه من الخارج بروز غائرة ملفوفة حول البدن، ويبلغ ارتفاع الإبريق 15.5 سنتيمتر، ومحيط البدن 10 سنتيمترات ويرجع تاريخه إلى القرن الأول قبل الميلاد بصورة تقريبية، ودورقا من الفخار كمثري الشكل عليه طلاء كريمي له رقبة وفوهة صغيرة، ومسطح القاعدة، ويبرز من البدن بزبوز (صنبور) أسطواني الشكل وارتفاع القطعة 17 سنتمترا ومحيط البدن 9 سنتمترات ويرجع تاريخه إلى القرن الأول الميلادي تقريباً، وإناء من الفخار كمثري الشكل فوهته بارزة إلى الخارج مصنوعا من طبقة حمراء مطلية باللون الكريمي وعلى الرقبة ثقب ويبلغ ارتفاعه 15.5 سنتمتر، ومحيط بدنه 9 سنتمترات ويرجع تاريخه إلى القرن الثاني قبل الميلاد تقريباً، وجرة أسطوانية مفقودا جزء من بدنها، مرممة ومسطحة القاعدة مصنوعة من طينة حمراء مطلية بطبقة رقيقة باللون الكريمي وارتفاع القطعة 44 سنتمترا ومحيط بدنها 16.5 سنتمتر ويرجع تاريخه إلى القرن الثالث قبل الميلاد تقريباً، وجزءا من إناء مصنوع من الفخار الوردي الناعم المدهون باللون الأحمر له قاعدة صغيرة مستديرة مسطحة البدن ويبلغ ارتفاعه 7.4 سنتمتر ومحيط بدنه 17سنتمترا ويرجع تاريخه إلى القرن الثالث قبل الميلاد تقريباً، ومجموعة كسر لأواني فخارية نبطية عليها زخارف ملونة لأشكال هندسية ورسوم لأوراق نباتية ويرجع تاريخها إلى القرن الأول الميلادي تقريباً، وحجرا عليه كتابة غائرة بخط المسند الجنوبي على الوجه وعلى الظهر نحت، إما أشكال هندسية أو رسوم، ويتكون النص من أربعة اسطر بعضها غير مكتمل وتقرأ حروف الأسطر الباقية: ا ـ ل ه ل 2 ح ـ ذ ب ي ب 3 هـ م م ت 4 ... و ط . كما تشمل القطع المعادة مقبضا لجرة فخارية عليه ختم يتضمن كتابة يونانية باسم ديوجينيس بن زيوس، وعند المعتقدات الإغريقية القديمة أن زيوس، كبير أرباب اليونان، رب الرعد والصواعق كما يزعمون، ويحتمل أن هذا الختم مقلد لأن الكتابة تبدو أحدث بكثير، وحجرا منحوتا (مسلة أو نصبا) عليه كتابة إغريقية تتكون من تسعة اسطر هي 1 ـ 2 شكراً للمعبود، 3 بوستريان، 4 ـ 5 هيدريانوس، 6 زغرانا، 7 مع 8 ليجينون، 9 ساري نيكون، ويبلغ ارتفاعه 50 سنتمترا وعرضه 15.5 سنتمتر ويرجع تاريخه إلى القرن الأول الميلادي تقريباً، كما تحتوي القطع المعادة على جزء من شرفة جصية مدرجة بثلاث درجات من الجانبين مفقود جزء منها، قاعدتها مسطحة. وهذا النوع من الشرفات نمط محلي في العمارة التقليدية في الجزيرة العربية تزين بها واجهات المباني، ويبلغ ارتفاعه 28 سنتمترا وقاعدته 17سنتمتر، ومنتصفه 11.5 سنتمتر، وأعلاه 6 سنتمترات، ونجر منحوت من الحجر الرملي يستخدم لدق الحبوب، عليه زخارف نباتية وهندسية، وهو من الأدوات التي كانت شائعة الاستخدام في الجزيرة العربية حتى وقت غير بعيد. ويبلغ ارتفاع النجر 33.5 سنتمتر وقاعدته 22 سنتمترا ومقاسه من الأعلى 35 سنتمترا.

مواقع أثارية بالآلاف ونوه الدكتور الراشد بمؤازرة الأمير سلمان بن عبد العزيز أمير منطقة الرياض لهذا العمل لمعرفته بأن عودة الآثار المفقودة إلى السعودية هي أمر في غاية الأهمية بالنسبة لتاريخ البلاد وحضارتها. كما نوه بجهود الأمير سلطان بن سلمان بن عبد العزيز أمين عام الهيئة العليا للسياحة ورئيس مؤسسة التراث، والأمير محمد بن نواف بن عبد العزيز سفير السعودية لدى إيطاليا، والأمير بندر بن سلطان بن عبد العزيز سفير السعودية لدى الولايات المتحدة، والدكتور محمد بن احمد الرشيد وزير المعارف ورئيس المجلس الأعلى للآثار على جهودهم لاستعادة هذه الآثار. كما نوه بدعم ومؤازرة الأصدقاء في جامعة هارفارد وعائلة بارجر ومنهم الأستاذ كارني جافن والبروفيسور روجر دمر فيشر وتيموتي بارجر.

وكشف الدكتور الراشد أن لدى بلاده اكثر من 4 آلاف موقع اثري يتعرض بعضها للعبث والتخريب أو الإزالة الكاملة، مشدداً على انه من الصعوبة أن تجري حماية هذه الآثار حيث أن الأمر يتطلب اكثر من 4 الآف حارس يتضاعف عددهم في المناوبات. ورأى أن وزارة المعارف التي تعنى بالدرجة الأولى بتربية وتعليم النشء حملت على عاتقها حملا كبير بالإشراف على الآثار في البلاد التي تحتضن الآلاف من المواقع الأثرية في وديانها ما بين آثار كتابية ونقوش ورسوم صخرية وأبراج وأثار طرق وبرك وقنوات وقلاع وحصون ومدن القوافل التجارية ومدن قوافل الحجيج، وقد نجحت الوزارة في أجراء عمليات المسح الأثرى والمحافظة والترميم ووضع الحراسات عليها.

يشار إلى أن توماس بارجر الذي اصطحب معه مجموعة القطع الأثرية وأودعها على سبيل الإعارة في متحف الساميات بجامعة هارفارد، كان ينوي إعادة تلك الآثار إلى السعودية في ما بعد، وقد أوصى شفهياً بذلك قبل وفاته عام .1986 سيرة الجامع الأميركي ولد بارجر عام 1909 في مدينة مينيابوليس بولاية مينيسوتا شمال الولايات المتحدة، والتحق بالدراسة في كلية الهندسة بجامعة نورث داكوتا وحصل على الشهادة الجامعية في دراسة المعادن والتعدين، وحصل في عام 1930 على وظيفة مساح في السعودية حيث وصل إلى مدينة الخبر عام .1937 وفي عام 1941 عمل مع شركة ارامكو، وفي عام 1945 حضرت زوجته إلى المملكة مع أول مجموعة من زوجات الأميركيين الذين عملوا في السعودية. وخلال الأربعينات أعطى بارجر الدكتور جورج رنتز الأمر بإنشاء مكتبة في الظهران عن تاريخ العرب، وتعد هذه المكتبة من افضل المكتبات في العالم. وفي عام 1946 عين بارجر مندوباً لشركة ارامكو. وبعد عام اصبح رئيساً للعلاقات العامة والأبحاث والتحليل والمشاريع في أرامكو. =