عسير.. تبرد في الصيف والثلج يغطيها في الشتاء

TT

* المدينة السعودية التي سحرت أكثر من مليون سائح بجمال طبيعتها

* انفق السياح في منطقة عسير الصيف الماضي نحو ملياري ريال وزار متنزهاتها أكثر من 1.5 مليون زائر

* تزخر المنطقة بالآثار وقلما تخلو صخور الجبال والوديان من نحت ونقوش أو كتابة تعود إلى أزمنة مختلفة مقدمة:

من بين المدن السعودية التي تشهد صيفا حارا ورطوبة عالية في سواحلها الشرقية والغربية ودرجات حرارة تصل إلى 54 درجة، وهذا ما يحدث في معظم المدن العربية خلال فصل الصيف، تظهر منطقة عسير ومدنها أبها والسودة وخميس مشيط والحبلة وبيشة مختلفة عن بقية المدن الأخرى، حيث البرودة الشديدة والأمطار الغزيزة المصاحبة للبرد ودرجات حرارة تصل إلى 18 درجة مئوية، ما يترك استفسارا كبيرا لدى متابعي أحوال الطقس. جمال بنون زار المنطقة ليكتشف أماكن خلابة جديدة فيها ويتعرف على البرامج السياحية التي اعدها المسؤولون للزوار طوال موسم الصيف. المسؤولون في مكتب التحاليل لمصلحة الأرصاد الجوية وحماية البيئة، يرون أن هذه الأمطار موسمية والثلوج التي تغطي جبال السودة ما هي إلا برد ناتج عن ضخامة السحب وكثافتها، ويقول عبد اللطيف العيوني رئيس مكتب التحاليل، أن السحب التي سببت البرد عبارة عن سحب ركامية رعدية ضخمة وهي خليط من ماء وبرد ونتيجة لانخفاض درجات الحرارة في جبال السودة تجمع البرد وأدى إلى تكوين حبات كبيرة من البرد وتشكيل غطاء ثلجي على المرتفعات والجبال والمسطحات، ويضيف العيوني لـ«الشرق الأوسط» أن انخفاض درجة الحرارة في منطقة السودة التي ترتفع عن سطح البحر 3500 متر، أدى إلى تشكيل أسطح ثلجية. وحالة الطقس التي تمر بها منطقة عسير ومدنها ليست ظاهرة فريدة كما يصفها العيوني، فهو يرى أن معظم المدن السعودية تشهد في هذه المواسم هطول الأمطار، وكانت مدينة نجران الواقعة في الجنوب الغربي قد شهدت قبل أربعة أشهر هطول أمطار غزيرة ولكن غير مصاحبة لبرد.

ورفعت الغيوم والأجواء الممطرة في المدينة السياحية عدد الزوار اليها من المدن السعودية وخاصة المدن الغربية والشرقية التي ارتفعت درجة الحرارة فيها إلى 45 درجة. ويصف سكان مدينة أبها الأجواء المناخية حاليا بأنها أشبه بأمطار باريس ولندن في فصل الشتاء، حيث لا تتوقف الأمطار وتظل تتساقط زخات على مدار الساعة، وتختفي الشمس طوال اليوم خلف السحب.

واكتشف السياح في أبها مناطق وأماكن جديدة، حسب رأي الدكتور محمد العضاضي رئيس لجنة التنشيط السياحي في أبها، مثل متنزه السحاب ودلغان والجرة، وارتفعت نسبة إشغال الفنادق والشقق المفروشة من 90 الى 95 في المائة خلال الأسابيع الماضية وهي نسبة مرتفعة عن العام الماضي، ويضيف الدكتور العضاضي أن البرامج السياحية التي صممت هذا العام جاءت منسجمة مع الأجواء الشتائية التي تمر بها المنطقة وبداية عروض الصوت والضوء التي تقام على ضفاف بحيرة أبها الجديدة، وكذلك عروض الصقور الجوية التي تقدمها القوات الجوية والرحلات الطلابية ومهرجان الخميس للتسوق والمخيم الدعوي الصيفي إضافة إلى برامج الفن التشكيلي وأمسيات شعبية لشعراء الرد في منطقة عير وعروض شعبية ومعرض يحكي تاريخ التعليم في السعودية وندوات ومحاضرات وعروض الطيران الشراعي التي يقدمها سعوديون وغربيون محترفون، وكذلك الأنشطة المسرحية والرياضية ورالي أبها الدولي. ويقول الدكتور العضاضي، أن من بين العروض هذا العام فعاليات سهرة ألمعية يشارك فيها رجال ألمع وهي قرية في أسفل جبل تهامة، كما يحيي نخبة من الفنانين السعوديين أمسيات فنية لمدة شهر في مسرح المفتاحة.

وأبها التي تعد من أوائل المدن السعودية التي تنفذ برامج سياحية، هي اليوم مدينة تعتز بالضيوف الذين يفدون إليها، فلهذا تبدو الشوارع والطرقات المؤدية إلى المتنزهات والحدائق وأيضا لفعاليات المهرجان السياحي تحمل لوحات الترحيب من المطار وحتى الوصول إلى الفندق أو الشقق المفروشة. وتشير المعلومات إلى ان مطار أبها يستقبل يوميا ما بين 13 و16رحلة، من بينها رحلة قادمة من الكويت، وتفيد المصادر أن جدول الرحلات طرأ عليها تعديل طفيف لمواجهة العدد المتزايد، وذلك باستخدام طائرات ذات سعة أكبر من نوع إيرباص وبلغت الزيادة هذا العام نحو 24في المائة بالنسبة للسياح.

وينظر خبراء السياحة السعوديون إلى أن منطقة عسير مقبلة على مشاريع سياحية متنوعة وشاملة سواء في المجال الفندقي أو السكني وكذلك في المشاريع السياحية، ويقدر مستثمرون أن حجم المشاريع المتوقعة خلال الأعوام المقبلة بنحو ملياري ريال. ويقول عبد الخالق سعيد رئيس مجلس إدارة شركة عبد الخالق سعيد وأحد الرعاة الرسميين لفعاليات أبها السياحية هذا العام، أن الجو الشتوي في هذه المدينة الساحرة مشجعة ومجالها خصب للعديد من المشاريع، خاصة أن العديد من المناطق مثل السودة والحبلة والمرتفعات الخضراء تتميز بمناخ طبيعي ومناظر خلابة، وتوقع عبد الخالق، ارتفاع الطلب على السياحة الداخلية مع قيام الهيئة العليا للسياحة وتفعيل وتنشيط البرامج السياحية. من جهته يرى جمال علي مدير فندق المصيف في أبها أن الفنادق تراجعت أسعارها خلال السنوات الماضية نتيجة الضوابط التي تضعها وزارة التجارة وعدم المغالاة، إلى جانب زيادة سعة الفنادق وتميزها في تقديم الخدمات واستشعار الجميع بأهمية السياحة واعتبارها موردا اقتصاديا، ويضيف، أنه من الملاحظ في السنوات الأخيرة النمو المطرد والتوسع الملحوظ فى الفنادق والشقق السكنية، والتي بلغت نحو 200 فندق وشقة سكنية وأكثر من 100 فيلا موزعة في أكثر من تسع قرى ومجمعات سياحية و60 شقة، إضافة إلى مكاتب لوكالات السفر والسياحة وشركات لتأجير السيارات ورحلات النقل الجماعي التي تصلها من المدن السعودية.

ويمضي السياح السعوديون والأجانب متنقلين بين أكثر من 20موقعا سياحيا مكتملة بالتجهيزات الاساسية ومنتشرة فى السودة والقرعاء والحبلة والهضبة ودلغان والجرة وغابات حضوة ومتنزهات تهامة بني شهر وبني عمرو ورجال المع ومحايل والنماص واحد رفيدة وغيرها من مناطق الاستقطاب الشتوي والصيفي.

وتشير المعلومات إلى أن عدد زوار منطقة عسير في تزايد منذ عام 1995، حيث بلغ عدد الزوار حينها نحو 400 ألف زائر وقفز الرقم في صيف عام 1998 إلى 1.4 مليون زائر، أنفقوا خلالها ما يقارب 1.7 مليار ريال.

وتبين المؤشرات الاقتصادية أن صيف منطقة عسير العام الماضي شهد حركة مكثفة ونشاطا اقتصاديا واسعا امتدت اثاره الى محافظات ومراكز المنطقة وهو ما اعتبره المراقبون أنه نتيجة طبيعية متوقعة نظرا لمئات الالاف من المصطافين والزوار الذين تدفقوا على المنطقة للاستمتاع باجوائها الربيعية ومناظرها الطبيعية والاستفادة من المشروعات السياحية الراقية التى تم توفيرها، وأنفق أكثر من 700الف سائح نحو ملياري ريال، فى حين زار المتنزهات اكثر من 1.5 مليون زائر ولم يقتصر الاهتمام بالجانب الفندقي والسكني والمتنزهات، بل امتد إلى المناطق الأثرية، ويقول محمد قاري، ان مدينة جرش من اهم الآثار في منطقة عسير وهي مدينة اثرية قديمة وتبعد عن ابها بنحو 75 كيلومترا وتشتهر بنقوشها على صخور كبيرة كانت تبنى بها المنازل واسوار جرش ويوجد بها مبان مطورة ويتوسطها جبل حمومة. والإرث الاثري والتراثي كبير في المنطقة فقلما تخلو صخور الجبال والوديان من نحوت لنقوش او رسوم او كتابة تعود الى ازمنة مختلفة، وحسب محمد قاري فإن ذلك يعود بسبب موقع المنطقة الجغرافي المميز على خارطة التجارة القديمة ومراكز الحضارات القديمة المجاورة الى جانب وفرة المياه وهى عوامل رئيسية في استقرار الانسان منذ القدم وتنامى نشاطه عبر العصور.

وللأسواق الشعبية في منطقة عسير طابعها المميز لأنها تحمل طابعا تراثيا وأصالة عريقة، ويقول علي منصور عضو لجنة التنشيط السياحي في عسير، ان الاسواق الشعبية لا تكاد تخلو من ركن خاص بالنساء للبيع والشراء بخصوصيات المرأة كالاطياب والبخور والحناء والملابس القديمة وبعض الاوعية وبسط الطعام والتحف والمصوغات وما تحتاجه المرأة في بيتها. ومن أشهر المنتوجات في رأي علي منصور التي ترد الى الاسواق السمن والعسل والتمور والفواكه الموسمية ولوازم الري من المصنوعات الجلدية والمفروشات ولوازم الحرث الخشبية والحديدية ولوازم الزراعة والبذور والماشية من الضأن والماعز والإبل والبقر والملابس ولوازم القهوة واواني الماء والطهي ونقل الامتعة.

وتمتد المساحات الخضراء على امتداد البصر والروابي التي تكسوها أشجار العرعر، فتدغدغ إحساس الشعراء والفنانين والكتاب ولهذا تبدو الكثير من المنازل وقد زينت وتلونت بنقوش فنية ولوحات أشبه ماتكون بمعرض تشكيلي على طول الطريق، غير تلك الحوارات الأدبية والفنية والندوات التي تقام في قرية المفتاحة، وفي صالاتها الأدبية، وينسب الأهالي التقدم الكبير والنقلة السياحية والاقتصادية التي شهدتها المنطقة الى أميرهم الشاعر والفنان والإداري الامير خالد الفيصل، الذي جعل من أبها منطقة ساحرة تشد إليها الرحال للباحثين عن جمال الطبيعة وجوها المختلف.

كادر 1 ـ برامج السياحة في أبها هذا العام تشمل عروض الصوت والضوء التي تقام على ضفاف بحيرة أبها الجديدة، وعروض الصقور الجوية التي تقدمها القوات الجوية والرحلات الطلابية.. وعروض الطيران الشراعي، اضافة الى برامج الفن التشكيلي وأمسيات شعبية لشعراء الرد ومعرض عن تاريخ التعليم في السعودية وندوات ومحاضرات.

2 ـ من اهم المواقع الاثرية فى المنطقة هضبة العروس وتقع بجوار قرية الدارة ويوجد بها كتابات منحوتة على الصخور، أما جبل مسحر فهو من المواقع الاثرية والسياحية المهمة التي تجمع بين متعة تسلق الجبال وبين ما يحتوي عليه من نحوت ونقوش متنوعة الاشكال والاجسام ويقع شرق سراة عبيدة على مسافة 5 كيلومترات.

3 ـ من أهم البرامج التي يعتز بها أهالي أبها الحفل السنوي لتسليم جوائز المتسابقين في جائزة أبها وتسليم الشهادات والدورع من الأمير سلطان بن عبد العزيز النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع والطيران والمفتش العام، ويتضمن البرنامج الذي يستمر لمدة شهر يوما للجاليات ومعرضا للطفل وعروضا للتراث وفعاليات خاصة بالنساء.