جامعات لبنان تعلن حالة الطوارئ وتفتح أبوابها للطلاب العرب الهاربين من الولايات المتحدة

أعادت فتح باب التسجيل بعد بدء العام الدراسي وقبلت الطلاب من دون أوراق جامعية رسمية

TT

استقبلت الجامعات في لبنان اعدادا من الطلاب الذين اتوا من الجامعات الاميركية خوفا من انعكاسات الأحداث الأخيرة في نيويورك وواشنطن، وما رافقها من شائعات عن مضايقات تعرضت لها الجاليات العربية، مما ادى الى توقف بعض الطلاب عن الدراسة واللجوء الى الجامعات التي تتبع على الأرجح نظاما اميركيا في بيروت على امل العودة الى جامعاتهم الأصلية لاحقا بعد هدوء الاوضاع. ابتسام الحموي جالت على عدد من الجامعات في لبنان والتقت عددا من الطلاب العرب الذي انتسبوا اليها اخيرا وخرجت بهذا التحقيق. ساعد الطلاب العرب على الانخراط في الجامعات اللبنانية قرار رئيس مجلس الوزراء رفيق الحريري الأخير بعد احداث 11 سبتمبر (ايلول) في الولايات المتحدة. ويقضي قرار رئيس مجلس الوزراء اللبناني تقديم كافة التسهيلات لاستقبال الطلاب في جميع الجامعات والمعاهد في لبنان، وتحقق ذلك عمليا من خلال اعادة فتح باب التسجيل بعد بدء العام الدراسي والتعويض في المواد التي تم شرحها وقبول الطلاب من دون اوراق جامعية رسمية، تمهيدا لتحضيرها في ما بعد حتى لا تضيع السنة الجامعية عليهم. الدكتور ابراهيم خوري، مدير الاعلام والعلاقات العامة في الجامعة الاميركية AUB في بيروت، اكد ان الجامعة التزمت كامل التسهيلات لاستقبال اعداد الطلاب الوافدة من الولايات المتحدة وفق الشروط التي تعتمدها الجامعة لقبول الطالب، وهي الشروط نفسها التي تشدد عليها الجامعات في الولايات التي أتوا منها. ومن التسهيلات كان فتح باب القبول امام الطلاب بعد ان بدأت الدراسة قبل 11 سبتمبر بأسبوع تقريبا. وقال خوري: «استقبلنا طلبات الانتساب للجامعة منذ شهرين، لكننا مددنا استقبال الطلبات حتى اواخر اكتوبر (تشرين الأول) وتلقينا ما يقارب من 60 طلب تحويل Transferمن جامعات في اميركا الى جامعتنا وبلغ العدد الاجمالي لطلابنا 6 آلاف طالب». احد هؤلاء الطلاب، واسمه فارس العمودي (22 عاما)، سعودي الجنسية، التحق منذ ايام بالجامعة الأميركية في بيروت وقدم ملفا كاملا لتحويل دراسته في علم البيولوجيا من جامعة «ميري ماونت» في ولاية فيرجينيا التي درس فيها لمدة اربع سنوات متتالية. عن ايامه الأخيرة في اميركا يقول فارس: «بعد اسبوعين من احداث 11 سبتمبر عدت الى السعودية بناء على طلب الأهل وتوقفت عن الدراسة، والحقيقة انني لم اتلق اية مضايقات بغض النظر عما اشيع من اجواء ارهاب في معظم الولايات الأميركية. وكي لا اضيع الدراسة كان من الطبيعي التفكير بالجامعة الأميركية في بيروت لانسجام منهجها مع جامعتي في اميركا، فاتصلت عبر الانترنت بالجامعة في لبنان واطلعت على شروط التحويل وتم قبول ملفي مع تقديم كامل التسهيلات. وفي ظرف يومين بعد قدومي الى لبنان بدأت الدراسة، ولا اعرف ما اذا كان المستقبل سيدفعني الى معاودة الالتحاق بجامعتي الأصلية من جديد». اما اللبناني غسان ابو سمرا، وهو طالب في السنة الرابعة لهندسة الكومبيوتر، فقد انهى فترة من التدريب امضاها في نيويورك في سياق دراسته واتى الى لبنان على امل العودة للالتحاق باحدى الشركات الأميركية والعمل معها بعد التخرج هذه السنة. لكنه صدم ـ على حد قوله ـ اثر وصوله الى الجامعة في بيروت باعداد الطلاب، وقال: «كنا نعتقد لكثرة ما اشيع ان طلابا بالمئات سيتجهون الى جامعتنا وربما يرتفع العدد في الدورات اللاحقة، ودفعني ذلك الى التفكير مليا بامر السفر الى اميركا»، مؤكدا «ربما اغير رأيي واذهب للعمل في كندا او احدى دول الخليج العربي».

* شروط ميسرة للانتساب

* واوضح مدير شؤون الطلاب في الجامعة العربية ببيروت ان الجامعة استقبلت طلبات لثلاثة طلاب اتوا من كندا واميركا وبريطانيا، واعاد امر قدومهم الى تخوف الأهل من الأوضاع الأمنية في تلك البلدان. اما بالنسبة للاجراءات التي اتخذتها الجامعة فشملت الاعفاء من الامتحانات للطلاب الوافدين، وخاصة اولئك الذين انتسبوا الى الجامعات الأميركية للمرة الأولى هذه السنة. يقول حمود: «صدر قرار من مجلس الجامعة بتسهيل تسجيلهم في نفس الكلية التي كانوا ينتمون اليها. اما بالنسبة لمن تخطى السنة الأولى في الدراسة فنقارن بين المواد التي اعطيت له والمواد المقررة في منهاجنا الخاص. وقد اعتمدنا كامل الشروط التيسيرية وبشكل خاص من حيث تمديد مدة التسجيل او التمويل حتى اواخر اكتوبر، لأن باب الانتساب قد اقفل لدينا، وطلبنا كذلك من الكليات ان يتساهل اساتذتها مع الطلاب الجدد لاسيما في اعادة شرح ما فاتهم من دروس». عهد ابراهيم الصنيع (18 عاما)، سعودي الجنسية، كان قد التحق باحدى الجامعات في منطقة مونتريال الكندية لكن انعكاسات الأحداث الأميركية الأخيرة دفعت بعدد من اصدقائه الى العودة الى السعودية مما حدا به الى التفكير مليا بالأمر، فقرر واهله المكوث في لبنان لا سيما ان اهله كانوا قد قرروا الذهاب الى كندا وحالت الأحداث دون ذلك. وذكر الصنيع ما عاناه ورفاقه من مضايقات وتمييز في التعامل من قبل الطلاب في الجامعات الكندية وقال: «بعد العمليات الانتحارية التي حصلت في نيويورك وواشنطن لاحظنا الفرق، فقبلها لم نشعر بالتمييز ابدا وكان الطلاب اليهود لا يعيروننا اهتمامهم، لكن بعد الأحداث اصبحوا يتعمدون وضع «القلنسوة» ويتمتمون احيانا او يتفوهون بكلام وشعارات مثل «فليعد العرب الى بلادهم». اما الاساتذة فلم يعاملونا على هذا النحو ابدا، لكننا وصلنا الى مرحلة من الخوف جعلتنا نلزم منازلنا ويمسك احدنا سكينا وهو يسير في غرفته من شدة الخوف، حتى ان الاعلام عتم على بعض الارتكابات، خاصة ما سمعناه عن مقتل شابين عربيين في طريقهما الى المنزل، الى جانب ما عانته الفتيات المحجبات من مضايقات واكثرهن عدن الى بلادهن او لم يبرحن المنزل». وعن اختياره الجامعة العربية في بيروت قال: «نصحتني السفارة السعودية بها لأنها تمنح شهادة معترفا بها دوليا، اضافة الى منهجها التعليمي الجيد، وهي التي اخترتها وارتحت الى شروطها من بين عدة جامعات توجهت اليها في بيروت».

* صفوف إضافية للقادمين

* وفي الجامعة اللبنانية ـ الاميركية LAU اشارت مديرة القبول ليلى داغر الى تلقي الجامعة حوالي 35 طلبا تقدم بها طلاب توجهوا من اميركا وكندا وانجلترا ويحملون الجنسيات السعودية والكويتية والاماراتية، واوضحت ان باب التسجيل قفل في الأسبوع الثالث من شهر اكتوبر، وقد قدمت ادارة الجامعة للطلاب الوافدين كامل التسهيلات عبر تخصيصهم بامتحان استثنائي وصفوف اضافية للحاق بزملائهم في المواد المعتمدة. وقالت داغر «بدأنا التدريس في 4 اكتوبر الماضي ومن انخرط في الجامعة بعد اسبوعين من الطبيعي ان يكون قد فاته الكثير من المواد، خصوصا ان الهجمات وقعت في اميركا بعد بدء الدراسة هناك بأيام معدودة، وهو ما دفعنا الى الطلب من الأساتذة التعاون المطلق مع هؤلاء الطلاب بعد صدور قرار بذلك من رئيس الجامعة ونائبه». واوضحت ان الجامعة تستقبل عادة عددا محدودا من الطلاب، مضيفة «لكننا تجاوزنا الأمر لنفسح المجال امام الأعداد الوفيرة الآتية من الخارج. وكان رئيس الجامعة الدكتور رياض نصار قد توقع في حديث للوكالة المركزية «ان تنعكس الأحداث العالمية ايجابا الى حدّ كبير على الحركة الطالبية في الجامعات والمعاهد اللبنانية» لافتا الى «ان الجامعة تتلقى الكثير من الاتصالات المستفسرة عن شروط التسجيل للفصل الجامعي من طلاب واهالي مقيمين في الخارج من جنسيات مختلفة لا سيما في الولايات المتحدة، وتوقعنا نسبة تسجيل اضافية في الفصل الجامعي الحالي، خصوصا ان جامعتنا تتبع المنهج الأميركي، مما يسهل للطلاب فرصة الانخراط اسرع في كلياتنا». الطالب الكويتي محمد العنجري (19 سنة) كان قد انهى سنته الدراسية الأولى في جامعة «فرونت رينج كوفتي كولدج» في ولاية وانفر كولورادو، في حين انه التحق بنفس الجامعة للسنة الثانية الا ان الأحداث الأميركية، التي يوضح انها حدثت خلال وجوده في لندن بقصد السياحة، منعته من مزاولة دراسته، وبناء على رغبة اهله اتصل بالجامعة اللبنانية ـ الأميركية وكان قراره بنقل مكان دراسته قيد الدرس قبيل الأحداث في اميركا، فهو يقول «طالما اراد والدي ان اتابع دراستي في بلد قريب من الكويت، وكان لبنان محط الاختيار، والجامعة اللبنانية ـ الأميركية بالتحديد لأنه يعرف مستواها التعليمي الذي ينسجم مع المنهج الأميركي للتعليم. اذا لم تكن احداث سبتمبر هي السبب الوحيد لانتقالي، اضافة الى انني لم اسمع عن مضايقات تعرض لها زملائي في اميركا كما لم المس مثل هذه المضايقات لأني اتجهت فورا من لندن الى الكويت فلبنان». واضاف «هناك ستة من زملائي في اميركا سيلتحقون بالجامعة في بيروت خلال فصل الربيع». وعن الصعوبات التي تواجهه في الجامعة في بيروت قال «ان المشكلة تنحصر في التأقلم والاعتياد على اصدقاء واساتذة جدد، الا ان الجامعة قدمت لنا كامل التسهيلات بدءا من قبول التحاقي فيها من دون اوراق جامعية رسمية تكمل ملفي، وهو ما امن لي فرصة متابعة الدراسة». من جهته توقع رئيس «جامعة القديس يوسف» (الجامعة اليسوعية) الدكتور هنري العويط ان تلقى الأحداث الأميركية تداعياتها بالنسبة لتوافد الطلاب الى الجامعة في السنة المقبلة. وذكر ان تقلص عدد المنتسبين الى جامعته يعود الى ان لغة التدريس هي الفرنسية ورغم ذلك «نتلقى اتصالات عديدة للسؤال حول شروط الانتساب، لكننا نعتمد نظام استقلالية الكليات بمعنى اننا لم نجر احصاءات بعد لمعرفة نسبة الطلاب الوافدين في كل كلية». واستقطبت جامعة اللويزة NDU عددا كبيرا الطلاب اللبنانيين الذين طلبوا الانتساب اليها، وقالت مديرة القبول الهام الهاشم «ان الجامعة استقبلت طلابا لبنانيين من فرنسا واميركا، وقدمت كافة التسهيلات لهم من خلال دورة استثنائية وامتحان دخول خاص، مع مراعاة المستوى التعليمي في الجامعة».