الكتب المدرسية المستعملة في لبنان تجارة رائجة

التجار هم الطلاب أنفسهم.. يساومون رفاقهم الأصغر سنا

TT

يزداد الإقبال على شراء الكتب المستعملة مع بداية كل موسم دراسي في لبنان. والطريقة معتمدة في عدد من الدول بشكل تلقائي، إلا أن اسبابها اللبنانية ترتبط اولاً وأخيراً بالهموم المعيشية. ولأن «العين بصيرة واليد قصيرة» والدفوعات، التي لا تنهي إلا لتبدأ، تقصم ظهر الأهالي، يحمل الموسم الدراسي معه همومه التي تبدأ بالاقساط المرتفعة قياساً الى متوسط دخل الفرد، ولا تنتهي بالكتاب والقرطاسية والزي المدرسي.

وفي السابق كان للكتب سوقها في احد شوارع وسط بيروت (العازارية) حيث كانت تنشر المكتبات على الارصفة. اما اليوم فقد انتقلت البضاعة الى ابواب المدارس وملاعبها، والتجار هم الطلاب انفسهم، الذين يساومون رفاقهم الاصغر سناً منهم او اهاليهم لبيع كتبهم، وتحصيل مبلغ معقول، يساهم الطالب بواسطته في تخفيف العبء عن أهله.

ويمكن اعتبار العثور على كتاب مستعمل بحالة سليمة مصدر سعادة للأهل والطلاب، وهؤلاء الطلاب يرفضون عادة هذا المبدأ ويفضلون كتاباً جديداً خالياً من ملاحظات من سبقهم حتى لو كان ثمنه مضاعفاً لثمن الكتاب المستعمل.

وقد يعتقد البعض أن تأمين هذا النوع من الكتب هو من الأمور السهلة، إنما العكس هو الصحيح، فنظراً إلى تهافت الأهل عليها وخصوصا عندما يكون الوالد مضطرا لشراء الكتب لثلاثة او اربعة اولاد، ففي هذه الحالة اللجوء الى الكتب المستعملة سيوفر عليه الكثير. ولا بدّ من الاشارة الى ان المكتبات التي تبيع وتشتري كتباً مستعملة يوجد معظمها في المناطق الشعبية والفقيرة، التي نسبة كبيرة من اولادها تدرس في مدارس رسمية حيث اسعار الكتب منخفضة اذا ما قورنت مع كتب المدارس الخاصة.

لذا فالحصول على هذا النوع من الكتب يتم عبر عدة طرق، إمّا أن يتفق الأهل في ما بينهم عند نهاية السنة الدراسية على تبادل كتب أولادهم، إذا ما بقيت اسماء الكتب نفسها دون تغيير، او ان يتم استبدال الكتب بأخرى مستعملة من المكتبة نفسها، والتي غالباً ما تحتفظ بالكتب غير المستهلكة للأصحاب والأقارب، وان لم تتوفر هاتان الحالتان فلا يبقى امام الاهل الا التنقل من مكتبة الى اخرى علهم يحصلون على مرادهم.

ورغم ان القاعدة العامة هي ان يباع الكتاب المستعمل بنصف سعر الحديث مما سبّب اقبال الناس على هذه الكتب، فقد يعمد بعض اصحاب المكتبات على استغلال هذا الوضع وذلك برفع سعر الكتاب المستعمل اذا ما توفرت فيه صفات الكتاب الحديث (لا يزال محافظاً على حداثته). ورغم ذلك يرى الزبون نفسه مضطراً لشرائه خاصة ان سعره مهما ارتفع يبقى اوفر من الجديد.

ويتركز الإقبال على الكتب المستعملة على الصفوف المتوسطة والثانوية لأن التلاميذ في هذا العمر قد وصلوا الى درجة معينة من الوعي تمكّنهم من المحافظة على الكتب والاعتناء بها وان كانت مستعملة، فيما يعمل الاهل على شراء الكتب الجديدة لاولادهم الصغار لسببين: الاول ان الكتب المخصصة لصفوف المراحل الاولى تحتوي في معظمها على صفحات تطبيقية لا بدّ للتلميذ ان يكتب عليها وبالتالي ليس مناسبا بيع الكتاب ليستعمله تلميذ آخر، ومن ناحية اخرى، التلميذ في هذا العمر لا يستطيع المحافظة على الكتاب الذي سيحمله كل يوم من البيت الى المدرسة وبالعكس، وبالتالي من الطبيعي، وان كان جديدا ان يصل الى نهاية العام ممزقاً فكيف به اذا كان مستعملا.