السائقون اللبنانيون يحولون شاحناتهم إلى صحف سيارة

لدرء القلق وإبعاد الحسد وتعلقا بالفأل الحسن

TT

تجتاح العبارات الطريفة الشاحنات في لبنان بحيث تحولها الى صحف متنقلة، ترافق السائقين والمارة في مشاويرهم الطويلة، وبأحرف كبيرة وعريضة بالأحمر أو الأسود تكتب تسهيلاً لقراءة سريعة ولفت النظر الى مضامينها. وغالباً ما تحمل هذه العبارات معاني مختلفة تدور مواضيعها حول قول مأثور او حكمة معروفة او اغنية شهيرة، فيكون وقعها على قارئها ملوناً بالتسلية والمتعة.

ومن اشهر هذه العبارات «سيري فعين الله ترعاك» و«راجعة بإذن الله» التي تندرج في خانة الخشوع ويلجأ اليها سائقو الشاحنات لإبعاد القلق الذي يعيشونه من جراء مهنتهم المحفوفة بالاخطار، حسب تعبير احدهم، لأن حياتهم متوقفة على «دورة دولاب» او «انزلاق مفاجئ». ويرى حسين محفوظ الذي يعمل سائق شاحنة منذ ثلاثين عاماً ان هذه العبارات هي بمثابة تعويذة او فأل خير يحملها معه السائق عامة.

ويحتل مطلع بعض الأغاني المعروفة مساحة لا يستهان بها من هذه العبارات التي تزين كلماتها برسوم لقلوب حمراء او العيون السوداء مثل «شايف البحر شو كبير» و«امل حياتي» و«سمرا يا ام عيون وساع» و«ودّيني مطرح ما تودّيني» وغيرها، مما يسلي قارئها فيدندنها لا شعورياً فتضفي المرح على رحلته.

ولأن بعض الشاحنات تكون حمولتها ظاهرة للعين المجردة فيخاف صاحبها من نظرة حسد او ثرثرة غير مستحبة من قبل زميل ما او سائق سيارة آخر، فيزود شاحنته برسالة مبطنة لهؤلاء تقول مثلا «عين الحسود تبلى بالعمى». كما يطيب لبعض السائقين تخطيط عبارة «لا تسرع يا بابا فالموت اسرع» او «نحن بانتظارك» ليتذكر دائماً عائلته فيقود بتأن، كما يذكر الآخرين بضرورة الابتعاد عن السرعة لأنها السبب الأول في حوادث السير.

ويبلغ عدد سائقي الشاحنات في لبنان حوالي الألفين وهم يسيرون على الطرقات حسب قانون سير فصل خصيصاً لهم منذ حوالي العشر سنوات ويمنعهم من الوجود في الشوارع قبل الحادية عشرة ليلاً خصوصاً في فصل الصيف. ويبلغ مدخول سائق الشاحنة في الشهر الواحد حوالي 700 دولار، أما الهم الأكبر الذين يعانون منه هو عدم اهتمام الدولة اللبنانية بتطبيق مبدأ المعاملة بالمثل مع الدول العربية المجاورة والتي تؤمن لسائقي الشاحنات لديها دعماً مادياً ملحوظاً يشمل الرسوم الجمركية والضرائب ورسوم المالية وغيرها.