ألبومات الصور .. «أرشيف» حياة الأسر اللبنانية

حكايات عن لحظات العمر ومناسباته وتربط العائلة بأحداثها

TT

ترتبط المحطات السعيدة في حياة اللبنانيين بحرص اصحابها على الاحتفاظ باللحظة من خلال صورة تعيدها الى الذاكرة وترفع قيمتها المعنوية مع تعاقب السنين: زفاف او نجاح او ولادة وذكريات ميلاد، لقاء للأقارب والأحبة، مناسبات عامة وخاصة، ارشيف عمر كامل يطيب للعائلة ان تجمعه في ألبوم يصبح من أغلى مقتنياتها لا يمكن التفريط به. والشاهد على ذلك ألبومات صور الأسر اللبنانية التي ما زالت موجودة في كل بيت مرت عليه الحرب اذ لطالما كانت الغرض الأهم الذي تحرص العائلة على نقله معها من مكان الى آخر من دون تفكير بما سيحل بأغراضهم الأساسية التي يفترض ان تفوق اهميتها المادية أهمية هذه الالبومات التي تعتبر كنزاً معنوياً وإن اختلف محتوى الصور باختلاف الاشخاص والعائلات.

ورغم تطور التكنولوجيا ودخول كاميرا الفيديو على الخط لا يمكن إغفال اهمية الصورة المركونة في زاوية ما من زوايا المنزل او المكتب او حتى في حقيبة اليد لأنها وإن ذكرتنا بالعمر الذي يتراكم ولا مفر من مواجهته، تبقى نابضة بمتعة النظر اليها. والصور الفوتوغرافية العائلية رغم جمودها، تربط حياة العائلة بأفرادها وأحداثها.

فالصور الفوتوغرافية تنظم المشاعر في يوميات العائلات اللبنانية التي تعاني بمعظمها من ظاهرة الهجرة، اذ غالباً ما تعمد الأم الى فتح حوار مع صورة ابنها المسافر او تلاطف صور أحفادها كأنها تستحضرهم الى دفء حضنها، كما تشكل شاهداً مادياً على احداث عدة تركت بصماتها أليمة كانت أم سعيدة في الذاكرة.

وفيما يعتبر البعض ان الصورة مرآة قديمة، مع ميل لاتهام النساء بأنهن لا يعرضن سوى صورهن الجميلة في ريعان الشباب، يحرص الرجال وبسرية تامة على الاهتمام بصورهم واجراء بعض «الرتوش» عليها ليبقى الواحد منهم «شيخ الشباب».

ولأهميتها تعمد نسبة كبيرة من الشباب الى الاحتفاظ بصور اهلهم وإعادة طبعها وتقديمها اليهم في مناسبات حميمة مثل عيد الأمهات والآباء وذلك بعد تعديلها بعض الشيء ووضعها في اطار جميل.

من هنا تحتل الألبومات وإطارات الصور مكانة خاصة لدى اللبنانيين إذ يصبح اختيار الإطار لصورة عائلة مجتمعة أو تلك المتعلقة بالزفاف او النجاح مسألة تستهلك جهداً ووقتاً لتليق بصاحب الصورة وتناسب ديكور الغرفة حيث ستوضع، ولهذه الغاية نجد أن شراء الأطر والالبومات وتقديمها كهدايا هي من الأمور الرائجة في لبنان لسهولة الحصول عليها عندما نصاب بحيرة الاختيار، لا سيما مع تطور الابتكارات والتفنن في تصميم الاغلقة والصفحات الحافظة للصور التي يختلف حجمها وعددها حسب اهمية المناسبة، وأسعارها ليست رخيصة الثمن انما هي متفاوتة بحسب تصميمها بأسلوب مبتكر وغريب ومنها ما يسمى بالـ «هاند ميد» وهو مصنوع يدوياً ليضاف اليه الكثير من الاشياء البسيطة والجميلة في نفس الوقت كأوراق الشجر والورد المجفف والقماش المخرم. وفضلاً عن الالبوم الذي يجمع صوراً لكافة افراد العائلة نرى كل فرد من هذه الاسرة يحتفظ بصوره الخاصة ويجمعها ليكتب على خلفيتها تاريخ حدوثها ومكانه، اذ تشكل ذاكرة مهمة لطفولته البريئة ومراهقته التي تمتزج خلالها تجارب الحياة مع ايام الصداقة والحب الجميلة والحزينة ليضعها جنباً الى جنب مع صور تخرجه من المدرسة والجامعة لتعرض في ما بعد مع صور الشريك الآخر لتصبح مع الايام شاهداً على انطلاقة مرحلة جديدة من حياة كل منهما.