دراسة: 400 ألف زواج عرفي في مصر سنويا

معظمها يتم في السر.. و30 ألف حالة بين رجال الأعمال ومساعداتهم

TT

الحديث عن ظاهرة الزواج العرفي في مصر ليس بالجديد، ولكن ظهور دراسة جديدة يكشف حجما اكبر لهذه الظاهرة إذ تؤكد أنها في تزايد مستمر وتنتشر في أوساط المجتمع المصري كانتشار النار في الهشيم .. كان ادعى لأن يفتح الملف من جديد وربما بشدة مع بدء العام الدارسي للفت النظر في كل بيت وبين جنبات كل اسرة مصرية وعربية تجاه هذه الظاهرة الجديدة القديمة التي تتخذ في الاتساع. الدراسة التي كشف عنها المجلس القومي للسكان بالتعاون مع الجامعة الأميركية بالقاهرة أكدت أن عدد حالات الزواج العرفي في مصر يزيد عن 400 الف حالة سنويا.

ولنا أن نتصور ضعف هذا الرقم أو ثلاثة أضعافه على الأقل إذا ما عرفنا أن معظم حالات الزواج العرفي تتم في الخفاء بلا إشهار أو إعلان، ويكتب عقد الزواج على ورق المحاضرات والدروس الخصوصية. في أحيان كثيرة لا يكتشف الأمر إلا بالصدفة البحتة، أو لا يكتشف من الأساس، لأن الموضوع يتم في إطار من السرية التامة وبشهود يتم استئجارهم من على نواصي الشوارع أو المقاهي أو حتى طلبة الفصل الواحد في المدارس الثانوية والإعدادية ايضا ‍! الدراسة احتوت على العديد من النقاط المهمة، لعل أهمها أسباب إقبال الشباب على الزواج العرفي مع أن معظمهم يعلم انه زواج بلا مستقبل أو أي ضمانات اجتماعية أو قانونية ، كما انه في أحيان كثيرة يكون مجرد غطاء شرعي لإقامة علاقة بين طرفي العقد حتى يحللا هذه العلاقة . المثير في الدراسة أنها تحمّل وسائل الإعلام المرئي مسؤولية كبيرة لإقبال الشباب على الزواج العرفي وذلك من خلال المسلسلات والأفلام والكليبات والإعلانات التجارية ايضا التي تحتوى على العديد من المشاهد التي يصفها البعض بالمثيرة والمحركة للغرائز في الوقت الذي لا يجد فيه هؤلاء الشباب أي وسيلة للتنفيس عن غرائزهم ورغباتهم سوى بالزواج العرفي خوفا من الحرام بعد أن أصبح الزواج الشرعي مقصورا على المقتدرين، أو بمعنى اصح الأثرياء، نظرا للظروف الاقتصادية الصعبة المتمثلة في أزمة الإسكان والعمل وارتفاع الأسعار بشكل جنوني.

المفاجأة كانت لدى إعلان الدكتورة ليلى عبد الجواد، الأستاذة بالمركز القومي للبحوث الاجتماعية، أن هناك أكثر من 30 الف حالة زواج عرفي بين أصحاب الشركات ورجال الأعمال وسكرتيراتهم. وعن الدراسة التي أعدتها الدكتورة ليلى تقول : إن العديد من رجال الأعمال وأصحاب الشركات في القطاع الخاص يجدون الزواج العرفي من سكرتيراتهم أمرا عاديا للغاية ، خاصة أن هذه السكرتيرة تلازمه معظم الوقت وتعرف كل تفاصيل حياته تقريبا، هذا بالإضافة إلى ان كل هؤلاء السكرتيرات يتم اختيارهن بعناية فائقة وفقا لمقاييس معينة من الجمال والثقافة واللباقة قبل الخبرة والكفاءة العملية ، والدليل على ذلك نوعية الإعلانات التي تنشر في الصحف للحصول على سكرتيرة خاصة ، نجد فيها شروطا ملزمة منها اللباقة والجمال وحسن المظهر .

الدكتورة ليلى بررت هذه الحالات من الزواج بأن رجل الأعمال يرى فيها إشباعا لرغباته وفي نفس الوقت التحرر من كل التزامات الزواج الشرعي والرسمي، وفي الغالب يكون معظمهم متزوجا من سيدات مجتمع ولديه أبناء في مراحل التعليم المختلفة ، بل بعضهم يكون جدا ! ولا تنكر الدكتورة ليلى أن الفتاة احيانا كثيرة تكون هي المحرض الأول لصاحب الشركة على الزواج العرفي منها ولكن بشكل غير مباشر ، فالاهتمام الزائد والدلال والاهتمام بكل تفاصيل الحياة الشخصية للمدير يوقعه في فخ المقارنة مع زوجته وأم أولاده التي في الغالب ما تكون مشغولة بمسؤولياتها الكثيرة ، فيجدها الرجل فرصة ذهبية لاستعادة شبابه مع فتاة صغيرة وجميلة ولن تكلفه الكثير .

وتضيف : هؤلاء الفتيات في الغالب يكن متوجهات للعمل كسكرتيرات وفي ذهنهن خطط مسبقة للإيقاع بصاحب العمل ، فنظرة الفتاة اليوم للزواج تغيرت بعد أن اصبح بعضهن أكثر وصولية، فهي تريد أن تتوفر لها كل سبل الحياة المرفهة في اقل وقت ممكن ، ولم تعد تريد أن تكافح وتتعب مع شاب مثلها .. وتكون فلسفتها «لماذا لا يكون لي نصيب أنا الأخرى في كل هذا المال الوفير والجاه الذي يعيش فيه صاحب العمل، وتأمين مستقبلي والحصول على امتيازات وظيفية؟؟» ربما ما كانت تصل إليها لو كانت مجرد سكرتيرة .!! وفي اغلب الأحوال يكن هؤلاء الفتيات نتاج ظروف بيئية واقتصادية صعبة تجعلهن يتشبثن بأول فرصة أمامهن مهما كانت مطباتها للخروج من براثن الفقر والحاجة . وتجارة الزواج العرفي في مصر، إن صح التعبير، لها متخصصون ، فالورقة التي تباع على انها عقد زواج شرعي يتم إعدادها وطباعتها في اماكن معينة يعرفها كل من خاض تجربة الزواج العرفي أو حتى كان شاهدا عليها .

المشكلة الحقيقية أن هذه الأماكن تعمل تحت ستار آخر كمركز للكومبيوتر، أو مركز لتصوير أوراق المحاضرات والدروس ..والكارثة التي تم الكشف عنها من خلال احد الضحايا ان هناك بعض المحامين من طلبة السنوات النهائية في كلية الحقوق يقومون بتحرير هذه العقود الوهمية في مقابل مادي هزيل للعقد، ولكن مع وجود اكثر من عقد تزداد الأرباح ! وفي الغالب قد يكون هذا الطالب شاهدا ايضا على عقد الزواج وطبعا له مقابل مادي آخر بخلاف ثمن تحرير عقد الزواج .

عقود الزواج الوهمية تتراوح أسعارها ما بين 3 الـ 10 جنيهات للعقد حسب حالة الزوج ، هل هو طالب ثانوي ما زال يأخذ مصروفا صغيرا من والديه ، أم طالب جامعة له مصروف اكبر ! كما يوفر هذا المحامي، سواء كان يعمل في مكتب من الباطن أو يعمل متنقلا حاملا حقيبة بها العقود، شهودا متخصصين في الشهادة على الزواج العرفي لطالبيه ، وهؤلاء الشهود غالبا ما يكونون اصدقاء شخصيين للمحامي.