كحل الخليجيات .. عشقهن الأول

أسلوب تجميل يعود لقديم الزمان.. والعلم الحديث يحلل سبب فتح النساء لأفواههن خلال التكحل

TT

حتما قد لاحظ كل من حالفه الحظ بمراقبة امرأة وهي تشرع في تزيين وبهرجة نفسها، فتحها لفمها ما أن تبدأ في تكحيل عينيها.

ورغم توق الأزواج والعشاق لجمال العيون وسحرها والتغزل بها، حيث هي منبع الحنان ولغة القلوب ورسول المحبين، بقي السؤال عن سبب فتح المرأة لفمها، في كل مرة تكحل عينيها، يثير فضول وتعجب العديدين.

وفي دراسة لعدد من علماء النفس تمكنوا فيها من حل لغز فتح الكثير من النساء لفمهن أثناء التكحل، مرجعين أسباب ذلك إلى كونه ردة فعل من قبل المرأة لإيقاف رمش عينيها، فمن المعلوم أن العيون ترمش آلاف المرات في اليوم الواحد.

وفتح الفم يساعد على شد عضلات الوجه متحكمة بدورها في حركة جفون العينين، لتبقى بذلك الرموش مشدودة في وضع ثابت، ويصبح من السهل على حواء رسمها بالكحل العربي. وتقول المعالجة النفسية نادية التميمي أن معظم السلوكيات مكتسبة سواء عن طريق الممارسة أو المشاهدة.

ولطالما أولت المرأة العربية والخليجية بالتحديد العينين اهتماما خاصا على مر الأزمنة والعصور باعتبارها المرآة التي تطل منها على عالم آدم، وبالأخص عقب استئثار العيون الجميلة بأروع ما أبدعه الشعر العربي في وصف الجمال الأنثوي.

إلى جانب كثافة المفردات التي احتوتها قواميس اللغة العربية لوصف كافة تفاصيل العينين فـ«النجل» على سبيل المثال يعني سعة العينين، و«الدعج» شدة سواد وسعة المقلة، و«الشهلة» الحمرة في سوادهما، أما «الوطف» فيعني طول الأهداب وتمامها. ولا يمكن إخفاء وتجاهل تميز المرأة الفرعونية بجمال عينيها، حيث أبدعت في رسم خطوط العين بانسجام وتوافق رائع من خلال استخدام الكحل وظلال العينين، لتضرب عينا «نفرتيتي» مثالا تاريخيا بسحر وجمال عينيها التي أثارت غيرة بني جنسها. فعرفت كحل «الملاخيت» وهو خام أخضر موجود في منطقة سيناء والصحراء الشرقية، وكحل «الجالينا» من خامات الرصاص المائلة للزرقة أو من خامات النحاس المائلة للسواد والموجودة بكثرة بالقرب من أسوان والصومال، إلى جانب الكحل البلدي «السناج» وهو مركب يتم تحضيره بإحراق بذور الكتان أو قشر اللوز.

وكما عرفت المرأة الفرعونية الكحل وأسراره أتقنته سيدة الجزيرة العربية، فهناك «الاثمد» الذي امتدحه علماء المسلمين لحفاظه على صحة العين وإزالة القروح وتكثيف الأهداب، إلى جانب كحل «الهباب» الناتج عن حرق الفحم أو الزيت.

ورغم تفضيل الجدات استخدام كحل الحجر والكحل الزيتي، بعد سحقه وتنعيمه ونقعه مع خليط الماء والقهوة، أو في ماء الورد والزعفران، ليعقب ذلك طحنه ونخله بالقماش وتعبئته في المكاحل، أخذت فتيات القرن العشرين يفضلن كحل القلم والكحل السائل بألوانه المتعددة من الازق والأخضر والذهبي والفضي وغيره، إلى جانب ما تم ابتكاره حديثا باستخدام جهاز جديد يمكن بواسطته تحديد خطوط العين ورسم خط رفيع بصبغة «الميلانين» للاستغناء تماما عن الكحل المعتاد. وقد استحبت السنة النبوية اكتحال الرجل والمرأة والصغير والكبير لما له من تأثير حسن على صحة الإنسان، إذ كانت لا تفارق الرسول الكريم المكحلة في كافة أسفاره.

هذا ورغم أن بعض أصوات آدم لا تجد غرابة في فتح المرأة لفمها أثناء تكحيل عينيها لبقائه على حد زعمهم مشرعا بالأصل طوال يومها لثرثرتها المتواصلة، كان دفاع علماء النفس عن عاداتها الأنثوية سببا في إثلاج صدرها.