«السبحة» أشكال وألوان وأحجام

حي الحسين أهم أسواقها بالقاهرة والصين تتحدى ورشات عمرها مئات السنين

TT

تشهد تجارة السبح في رمضان رواجا غير عادي، ويعرض الباعة بحي الحسين، أهم أسواقها بالقاهرة، أنواعا لا حصر لها، فمنها نور الصباح وفيروز ومورجان، ورغم ان الصناعة اليدوية تضفي على السبحة طابعا فنيا يزيد من قيمتها، إلا أن الأنواع الصينية تغرق الأسواق الآن، نظرا لرخص أسعارها.

ولا يقتصر الرواج التجاري للسبح في رمضان على الأحجام الصغيرة، الثلث والثلثين والكاملة، بل ظهرت السبح العملاقة مختلفة الأشكال والألوان. وتعتبر منطقة الحسين أهم اسواق السبح في العالم الإسلامي، بعد المملكة العربية السعودية، نظرا لما تتمتع به المنطقة من عناصر الجذب، ولوجود عدد كبير من الآثار الإسلامية التي تبهر الأجانب، وكذلك لوجود عدد من ورشات تصنيع السبح في خان الخليلي، ولو أن السبح المستوردة تنافس المحلية بقوة، نظرا لرخص سعرها. ويترجم محمود النادي صاحب ورشة سبح ورثها عن والده قائلا: السبحة اليدوية الصنع تكلف غاليا ونصنعها بالطلب، ولها زبائن خاصون، وهم يعدون على أصابع اليد وهم زبائن يبحثون عن الجودة والجمال والإبداع في الصنعة، وغالبا ما تصنع من الأحجار الكريمة، كاليسر والفيروز، ومنها ما هو مطعم بالذهب أو الفضة ومنها اليسر المطعم بالمرجان والفيروز والمكتوب عليها أسماء الله الحسنى، وهناك سبح يدوية الصنع من العاج مطعمة بالنحاس والذهب.

أما العم محمود العجوز القابع على ماكينته فقال: العامل الماهر كالذهب الآن غالي الثمن، لانه وحده يصنع السبحة على المخرطة البلدي اليدوية، وهي عبارة عن فخذين وقاعدة وغرابين وقضيب حديد وقوس يصنع عليه السبح، وهي مهنة تحتاج إلى صبر طويل، لان العامل قد يمضي يوما كاملا في عمل ثلاث سبح فقط، أما المخرطة الآلية فتنتج 300 سبحة في اليوم، كما أن زبائن السبح اليدوية نادرون، وأغلبهم من الأثرياء والضيوف العرب الذين يهوون الأناقة والوجاهة، وأحيانا يطلبون سبحة تصنع لهم خصيصا، ويتم الاتفاق على السعر مقدما، وقد يصل إلى آلاف الجنيهات حسب الحاجة.

أما سليمان المهدي، فعلى الرغم من أنه ورث ورشة السبح عن أجداده منذ اكثر من 150 عاما، إلا أنه يفضل السبح اليدوية الصنع والمستوردة التي قد تباع بجنيهين فقط، وألوانها جميلة وهناك السبحة البلاستيك والبوليستر ونور الصباح المصنوعة من تراب الكهرمان وتشع ضوءا ويطلق عليها اسم «كهرب»، وهناك السبح المصنوعة من خشب الصندل والعود والمرجان، وهي درجات منها المرجان الغامق الذي يميل لونه إلى الدم، ثم سبح الفيروز وهي من الفيروز الطبيعي، وتتفاوت أسعارها حسب درجة اللون ونوع الحجر نفسه وهناك الفيروز الصناعي البلاستيك الذي يصنع في هونغ كونغ والصين.

باعة السبح ينتظرون شهر رمضان، حيث تشتد القوة الشرائية ويزيد الطلب على السبح، خاصة من الشباب الذين قد يختارون السبحة التي تتماشى مع الألوان التي يرتدونها، لذا ينشط الباعة الجائلون الذين يطوفون بمعروضاتهم بين زوار المكان وعلى المقاهي بشارع الحسين وخان الخليلي وجوهر القائد.

حتى ربات البيوت اصبحن زبائن للسبح الملونة الكبيرة، التي انتشر استخدامها في البيوت كنوع من الديكور والزينة الرمضانية والبعض يستخدمها لمنع الحسد.

أصل السبحة

* وتذكر كتب التاريخ، ان السبحة كأداة كانت معروفة منذ عصور ما قبل التاريخ، وكانت عبارة عن خرزات أو قطع من الزجاج أو العاج أو الأحجار الكريمة المنظومة في سلك، وقد اتخذها الإنسان تعويذه أو للزينة، وتخصصت في هذه الصناعة بلدان محددة، مثل البندقية التي اشتهرت بالسبح الزجاجية الملونة، والصين بسبح العاج المنقوش، وبعد ان شاع استخدامها عند المسلمين تطورت هذه الصناعة في مصر بشكل خاص ودخلت اليها خامات أخرى كثيرة. لكن لا شك أن التسبيح سنة بدأت منذ عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، كما حدثنا القرآن الكريم عن التسبيح في كثير من الآيات ومنها قوله تعالى «سبح لله ما في السماوات وما في الأرض وهو العزيز الحكيم».

والسبحة وسيلة وليست غاية، في حد ذاتها، ومن المرجح أنها من صنع الصوفيين بسبب حرصهم على التسبيح بأعداد معينة، بينما التسبيح في الأصل يتم على أصابع اليد، وغير ذلك فإن هناك ثلاثة أحجام للسبح الأول الثلث 33 حبة، وهو الأكثر انتشارا والثلثان 66 والسبحة الكاملة وتتكون من 99 حبة بعدد أسماء الله الحسنى.