150 عاما على مدفع رمضان

لا يزال الوسيلة المفضلة لإعلان الإمساك والإفطار

TT

الصدفة وحدها كانت هي سبب ظهور مدفع الإفطار الذي أصبح على مر السنين من أهم الطقوس الرمضانية في مصر، ويذكر التاريخ أن بعض الجنود في عهد الخديوي إسماعيل كانوا يقومون بتنظيف أحد المدافع الحربية فانطلقت منه قذيفة دوت في سماء القاهرة، وبالمصادفة كان ذلك وقت أذان المغرب في يوم من أيام رمضان، فاعتقد المصريون أن أمراً من الحكومة صدر بذلك وأنه تقليد جديد للإعلان عن موعد الإفطار إلى جانب الأذان، وصار المدفع حديث الناس وأعجبت بذلك الحاجة فاطمة ابنة الخديوي إسماعيل وأصدرت فرماناً بانطلاق المدفع وقت الإفطار والسحور، وأضيف بعد ذلك في الأعياد.

منذ ذلك الحين ومدفع رمضان ينطلق من قلعة صلاح الدين، حيث ارتبط بوجدان المصريين على مدى حوالي قرن ونصف القرن، إلا أنه انتقل منذ سنوات قليلة إلى مدينة البعوث بالدراسة، حيث ينتقل قبيل الشهر الكريم من إدارة الدفاع المدني في موكب بهيج إلى استاد مدينة البعوث وتصرف له ذخيرة يومية للانطلاق وقت الإفطار، رغم ذلك فإن أول مدفع تم توظيفه يحظى بمكانة كبيرة خاصة لدى سكان الخليفة والحسين والقلعة، وإلى الآن فإن هذه الأحياء وما حولها تسمع انطلاق المدفع حتى بعد أن تحول مركز انطلاقه إلى الدراسة، أما المدفع القديم فما زال جزءاً رئيسياً من متحف الشرطة بقلعة صلاح الدين على ارتفاع 170 متراً، وهو موضوع على قاعدة حديدية تتوسطها عجلة لتحريك ماسورة من الصلب، وكان صوته عندما ينطلق يتردد في الأفق لمسافة 10 كيلومترات. ورغم أن المدفع القديم الذي اشتهر بمدفع الحاجة فاطمة يصنف ضمن المدافع الحربية، إلا أن الطلقات التي كانت تصدر منه عبارة عن كتلة من البارود تعطي صوتاً مرتفعاً فقط، وكان حتى عام 1859 يستخدم الذخيرة الحية.

وفي وقت من الأوقات كانت في مصر خمسة مدافع للانطلاق وقت الإفطار كانت تطلق جميعاً من مناطق الحي الخامس وطرة وحلوان ومدينة البعوث، إضافة إلى مناطق القلعة ومصر الجديدة، إلا أنه مع زيادة الكثافة السكانية وتطور الإذاعة وانتشار التلفزيون اصبح الأمر قاصراً على مدفع واحد.

ولم يختلف الأمر كثيراً الآن حيث يحرص طاقم الاطلاق بمدفع رمضان بمدينة البعوث على توخي الحذر واتباع إجراءات الأمن والسلامة حتى لا تقع حوادث مثلما حدث لزميلهم السيد حسن رمضان في عام 1965 حيث تسبب المدفع في بتر ذراعه، فيقوم الضارب الآن بضرب المدفع باستخدام ذراع كبيرة طويلة يوصل بها شعلة البارود ثم يتراجع بعدها مسافة لا تقل عن 4 أمتار.