وزيرة مغربية سابقة تعيد إحياء مهرجان «الحكايات الشعبية»

تحلم بأن تجعل الثقافة وسيلة لفرض الذات في زمن العولمة

TT

كانت الكلمات تتسابق على لسانها، قبل أن تصل معانيها الى مسامع المتلقين، الذين حضروا لقاء على مائدة إفطار رمضاني، نظم اخيرا بدار المريني العتيقة بالرباط، للاطلاع على برنامج المهرجان الخامس للحكايات، الذي سينطلق الاثنين المقبل بمنطقة الرباط ـ سلا ـ الخميسات زمور ـ وزعير. وحاولت نجيمة غزالي طاي طاي، رئيسة المهرجان، جهد الإمكان الدفاع عن الموروث الثقافي المتنقل عبر التخاطب الشفاهي، كي لا يفنى في زمن الترميز الرقمي والطرق السيارة للمعلوميات، وكل أشكال الانتاج التقني، الذي يلغي البعد الثقافي والفني لفائدة العمل التجاري المحض.

أعادت نجيمة غزالي الوزيرة السابقة المكلفة محاربة الأمية، ذكرياتها مع أول مهرجان للحكايات، أشرفت عليه عام 1995 بمدينة اغادير، إذ كسرت صمت جدران المدارس الحديثة، لتنقل اليهم عبر حكواتيين، سير عطرة من الموروث الشعبي المغربي، الذي يختزن تاريخ شعب في جميع تحولاته، وتدفع في اتجاه جعل الحكاية وسيلة للتربية، وتحدثت نجيمة غزالي بحرقة عن تفضيل المغاربة لحكايات دول غربية على الحكايات المغربية، لذلك، كانت مجموعة البحث الذي شكلتها عام 1991 بمعية أساتذة بجامعة ابن زهر في أغادير، قد رصدت نقط الالتقاء بين الموروثات الثقافية، وكأن الحكي يحاكي ذاته، لكنه في بعده الشكلي يأخذ قوالب أخرى حسب ثقافة كل بلد، لتتطور التجربة الى جمعية سبك الحكاية التي حظي مشروعها بالمرتبة الأولى من أصل 24 مشروعا مشاركا من دول الاتحاد الأوروبي، ودول من البحر الأبيض المتوسط. وقالت إن هدف جمعية «لقاءات التربية والثقافة»، هو جعل الحكاية وسيلة للتربية في المدارس، ووسيلة للتطبيب في المستشفيات، لتخفيف الألم عن المرضى، وهو ما قامت به الجمعية في مناسبات عديدة، اضافة الى ولوج دور العجزة، لإعادة إحياء فن الحكي بتكوين جدات جديدات، وهو الذي مكن الجمعية من تدريب رجال ونساء دور العجزة في مجال الحكي، اذ قاموا بلعب دور الحكواتي في المدراس. ولأن نجيمة غزالي باحثة جامعية تساهم في التنقيب الثقافي والنحت اللغوي، فإنها ركزت على جانب الانصات في عملية التواصل بدل الاستماع، الذي لا يحقق مبتغاه في كثير من الأحيان، كما انها ارتأت مواصلة السير بعقد مهرجان خامس، بعد توقف التجربة مدة سنتين، بفعل مهامها السياسية، إذ عنونت المهرجان الأول «كان يا ما كان داخل المدرسة»، والثاني «كان يا ما كان قطرة ماء»، والثالث «كان يا ما كان وحكايات مختلفة من دول البحر الأبيض المتوسط تتقاطع وتلتقي فيما بينها»، والرابع «حكايات الأرياف».

ونجيمة غزالي لا تحب الإطراء، وقال عنها أحد مساعديها السابقين في الوزارة، إنها بسيطة في تعاملها وصارمة في عملها، تتساءل عن سبب الغزو الثقافي الأميركي للعالم، بواسطة لباس راعي البقر (الكوبوي)، وليس بواسطة لباس الراعي المغربي، أو غيره من رعاة باقي دول العالم، وتقول إن الأميركين يعرفون جيدا كيف يسوقون منتوجهم الثقافي، ومن ثم فرضوا نمط حياة اقتصادية واجتماعيةعلى العالم، واستعملوا الثقافة لغزوه لتحصيل السيطرة السياسية. وتضيف غزالي أنه لا يمكن مواجهة نظام العولمة الجارف، وبناء مجتمع حداثي بدون استعادة الموروث الثقافي، والأصول المتجذرة في عمق تاريخ الحضارة المغربية.

ويتواصل مهرجان الحكايات الى يوم 22 اكتوبر ( تشرين الاول ) الجاري تروى فيه حكايات تنتمي الى سبع جهات مغربية .

وجاب عدة ممثلين، شوارع الرباط قبل افتتاح المهرجان، مرتدين ملابس تجسد شخوص أشهر الحكايات في مختلف مناطق المغرب، كما تحول فضاء حدائق الاوداية الاثري، الى مكان للفرجة، تجوبه عدة شخوص نابعة في زمن الأسطورة .