حلويات العيد الدمشقية.. أشكال وأنواع ولكل ثمنه .. وأشهرها تلك المصنعة بالفستق الحلبي والسمن البلدي

إذا خلا بيت منها قالوا إن أصحابه «ليسوا معيدين» * التواصي قبل أسبوع من موعد العيد فهي المدللة والثمينة

TT

يتداول الدمشقيون ومعهم أبناء المدن السورية الأخرى مثلاً شعبياً يقول: الأمة الاسلامية أمة حلوة تحب الحلوى!.. ولذلك فهم يعتبرون أن الحلويات من أهم مفردات العيد ومستلزمات الضيافة، وقد تسبق لدى بعض الأسر اللباس الجديد بمناسبة العيد، ولا يمكن لبيت أن يخلو منها، وإذا خلا قالوا «إن أصحابه ليسوا معيدين» ولسبب قاهر منعهم من تقديم الحلوى.

فالعيد بالمفهوم الشعبي الدمشقي هو تبادل الزيارات بين الأهل والجيران والأقارب والأصدقاء والتفنن في تقديم الحلويات والتباهي بنوعيتها العالية الجودة ومصنعيها من مشاهير «الحلونجية» الدمشقيين. وقبل عشرات السنوات كانت معظم سيدات البيوت تصنعها في منازلهن، ولكن مع تطور الحياة وسرعتها بات الجميع يشترونها من المحلات وبأسعار مرتفعة، ومنها ما يقوم البعض بالتوصية عليها قبل أيام من العيد حتى يستطيع الحصول عليها، فهي حلويات (مدللة) مصنعة بالسمن الحيواني العربي (سمنة الغنم أو الأبقار) وبالفستق الحلبي، حيث الحبة بكاملها وبكمية وفيرة توضع في هذه الحلويات أو تزين بها من الخارج وحسب نوع الحلويات. وكما أن الأسعار للحلويات الجاهزة العادية تتناسب ونوعها، فإن حلويات الطلب (الموصى عليها) لها أسعارها المتناسبة مع أهميتها وتحضيرها حيث يصل سعر الكيلوغرام منها لحوالي ضعف الأسعار العادية، وفي الأيام العادية عندما لا يكون هناك مواسم أعياد. كما يتفاخر الدمشقيون بالحلويات التي يقدمونها من حيث مصدرها ومصنعيها، حيث هناك أسماء مشهورة في عالم تصنيع الحلويات الدمشقية. وتتركز هذه المحلات تحديداً في ساحة المرجة وسط دمشق وفي سوق الميدان والقصور ومعظم هذه المحلات يشتغل أصحابها بهذه المهنة منذ عشرات السنوات وقد يكونون توارثوها أباً عن جد. ويقدر المهتمون عدد محلات بيع الحلويات الدمشقية بحوالي 200 محل في دمشق. ولكن هناك عددا قليلا منها فقط ذو شهرة كبيرة بسبب عراقة محله أو توارثه المهنة عائلياً. وفي أحد محلات بيع وتصنيع الحلويات الدمشقية بساحة المرجة التقينا صاحبه الحاج أبو ايمن، الذي قال لـ «الشرق الأوسط» ان معظم الحلويات التي يطلبها الناس بمناسبة العيد هي من الأنواع الشهيرة والتي تصنع من الطحين والسكر والقطر والفستق الحلبي أو الجوز والسمنة البلدية أو العربية وأحياناً النباتية (حسب الطلب). وهي أنواع وأشكال ومذاقات ومنها: المبرومة والشرحات والبقلاوة والبللورية وكول وشكور والوربات بالفستق الحلبي والقشطة وزنود الست وإسوارة الست والأصابع، وهذه كلها تسميات محلية حتى أن أحد الأنواع تسميتها العامة (مغشوشة) وهو المبرومة بالقشطة، وهو طبعاً ليس فيه غش ولكن درجت الناس على تسميتها كذلك لتميزه عن المبرومة بالفستق الحلبي وهي الأغلى ثمناً. كذلك الكنافة والمدلوقة والشعيبيات والفيصليات وهذه عادة ذات حجم كبير لذلك يكون الإقبال عليها ضعيفاً في العيد. ومن أشهر الحلويات التي يوصى عليها أيضاً المعمول، وهو نوعان بالفستق الحلبي وهو الأثمن أو بالجوز وهذا أيضاً له أحجام مختلفة فهناك القطعة الكبيرة وتباع مغلفة وبسعر مرتفع، وهناك القطعة الصغيرة وتباع بالكيلوغرام بدون تغليف بالواحدة وإنما تغلف العلبة كاملة والمعمول لا يضاف إليه القطر وإنما هو من أنواع الحلويات الجافة (الناشفة) ومن فصيلته أيضاً المعمول بالتمر وبجوز الهند وغيرها. ويتفنن أصحاب محلات بيع الحلويات الدمشقية بطريقة عرض بضائعهم على واجهات المحلات، وذلك لجذب انتباه الناس فمنهم من يضعها بشكل هرمي جميل ومنهم من يضعها بشكل فني أنيق. ويعلق أبو أيمن على ذلك قائلاً: أعتقد أن الحلويات الدمشقية ليست بحاجة لدعاية. فهي تعلن عن نفسها وأنا لست مع هذه الطريقة بالإعلان، ويكفي أن أثبت لك ذلك أن العديد من السياح العرب يشترون من عندنا وبكميات كبيرة، يأخذونها معهم إلى بلادهم. صاحب محل حلويات دمشقية آخر يدعى أبو حسان أكد أيضاً أن هناك من يوصي عليها قبل أن يسافر للخارج حيث نعده له بشكل أنيق وليأخذها معه كهدية إلى مستضيفيه في أوروبا أو الخليج. وأضاف أبو حسان أن أحد هؤلاء حدثه بعد عودته من زيارة لأوروبا أنه في الطائرة فتح علبة الحلويات وقدم ضيافة (للمضيفة الأجنبية) قطعة من البقلاوة، وعندما تناولتها قالت مندهشة: «ما هذا شكراً طعمه لذيذ ولكنه يسبب لنا زيادة بالوزن»، وبعد دقائق عادت وطلبت منه قطعة ثانية فقدم لها العلبة كاملة، حيث دخلت إلى حجرتها بالطائرة لتأكل بشهية هذه الحلويات.

وكما لدمشق حلوياتها الشهيرة المطلوبة في العيد فإن المدن السورية التي تصنع نفس الحلويات وتضيف عليها أنواعا أخرى تتميز بها كل مدينة عن أخرى فهناك في حمص أنواع من الحلويات لا يجدها الإنسان إلا في هذه المدينة التي تبعد عن دمشق شمالاً 160 كلم، ومنها البشمينة والسمسمية والقرمشلية والتمرية، وهي عبارة عن عجين يدعك بالسمن وأحياناً يتم حشوها بالتمر أو القشطة العربية ثم تقلى بالزيت. وهناك الحرحورة وهي تصنع من فتات الكعك الناعم يضاف إليها الفليفلة الحمراء والطحينة. ومن الحلويات أيضاً المشبك والعوامة. وفي مدينة حلب شمال سورية تنتشر حلويات العيد المصنعة بشكل خاص من الفستق الحلبي ولتبرز فيها «الكرابيج» المصنعة من الدقيق الناعم والسكر والفستق الحلبي وهناك الشعيبيات والكنافة الحلبية. وفي اللاذقية على شاطئ المتوسط تبرز الحلويات المصنعة بطريقة لاذقانية كما هي حال «الجزرية» والكنافة الجبلاوية وهذه أيضاً يوصى عليها أفراد الأسرة في كل منها بعد تقطيعها إلى قطع ويقدمونها للضيوف في العيد أيضاً بعد تقطيعها. وفي بعض المدن تشتهر حلويات العيد المسماة «كعك العيد» المصنعة من الدقيق والسكر وحبة البركة ومحلب والسمسم والخميرة والسمنة وتطهى بالأفران لتباع على شكل أقراص أو مربعات ومستطيلات، وتحشى أحياناً بالتمر، وهناك أيضاً الهريسة او «النمورة» التي تصنع من السميد والقطر والفستق الحلبي وأكثر المدن شهرة فيها النبك التي تقع (شمال دمشق بـ 90 كلم).

وإذا كانت الحلويات الثمينة تقدم للضيوف في العيد، فإن الباعة الجوالين والذين تشتهر بهم دمشق يتطوعون في العيد لبيع حلويات للأطفال في أماكن وجودهم في الحدائق ومدن الألعاب ومناطق المراجيح، وحلوياتهم تكون بسيطة وبسعر يتناسب و(خرجية أو عيدية) الصغار ومن هذه الحلويات التي غالبا ما يصنعها الباعة في منازلهم هناك الكرستة المقطعة والمصنعة من السميد والنشاء والصبغات التي تعطيها لونا زهريا أو أحمر وهناك غزل البنات وبعض الحلويات المعروفة في دمشق منذ القديم والتي تباع على عربات جوالة ومن خلال ملعقة وهي مصنعة من العسل والفستق الحلبي.