نوفمبر شهر اقتطاف ثمار الزيتون في منطقة البحر المتوسط

الغرام الواحد من زيته ضعف ما يعطيه غرام واحد من البروتين

TT

اكتشف الباحثون حديثا أن سكان حوض البحر المتوسط هم أقل الناس إصابة بأمراض القلب والسرطان في العالم أجمع، وان استعمال زيت الزيتون بكثرة في اغذيتهم يعد من الأسباب الرئيسية لذلك، وإن تناوله يتمتع بأطول سجل من سلامة الاستعمال في التاريخ، وامتاز متناولوه بصحة الأبدان وندرة جلطة القلب. وبينت الدراسات الحديثة التأثيرات المفيدة لزيت الزيتون في أمراض شرايين القلب، ورغم أن البحوث تركزت أساسا على دهون الدم، إلا أن عددا من الدراسات العلمية قد أشارت إلى فوائد زيت الزيتون عند مرضى السكري والمصابين بارتفاع ضغط الدم.

والأبحاث العلمية الحديثة أظهرت أن زيت الزيتون ينقص مستوى كولسترول الدم. وليس هذا فحسب بل إنه لا ينقص من مستوى الكولسترول المفيد في الدم. ومن الثابت علميا أنه كلما ارتفع مستوى هذا النوع من الكولسترول، قلت نسبة الإصابة بجلطة القلب. كما ان زيت الزيتون مادة ذات فعل ملين لطيف، ويعمل كمضاد للإمساك ويلطف السطوح الملتهبة في الجلد، ويستعمل في تطرية القشور الجلدية الناجمة عن الأكزيما وداء الصدف.

ومع حلول شهر نوفمبر (تشرين الأول) الحالي بدأ المزارعون في الأردن قطف ثمار أشجار الزيتون للموسم الحالي المتوقع انخفاضها عن موسم العام الماضي بنحو 20 بالمائة حسب تقديرات وزارة الزراعة الاردنية. وامتدت في السنوات الاخيرة زراعة الزيتون لتصل على مشارف الصحراء الأردنية، فقد بدأت هذه الزراعة منذ العصور القديمة في المناطق الجبلية العالية ثم امتدت في العصر الحالي الى المناطق الشفاغورية، حيث تقدر المساحات المزروعة بأشجار الزيتون مليون دونم، مشكلة بذلك أكبر مساحة مستغلة من الأراضي الزراعية. كما تضم منطقة الشمال في اربد وعجلون والكورة وبني كنانة والبلقاء ومناطق الكرك والطفيلة آلاف أشجار الزيتون تعود الى عصور بعيدة ما يسمى (الرومي) ذات الانتاجية العالية من الزيت. ويقول الدكتور ايوب الباحث في برنامج تطوير الزيتون في المركز الوطني للبحوث الزراعية ونقل التكنولوجيا ان اختلاف موعد القطاف يعود الى اختلاف الاصناف وهدف الاستعمال، سواء كان للتخليل او لأستخلاص الزيت، وان اختيار الموعد المناسب للقطاف هو أمر في غاية الأهمية للمزارع لأنه يؤثر بشكل كبير على كمية ونوعية الزيت الناتجة، مشيرا الى ان الموعد الأمثل للقطاف هو مع نضج الثمار، حيث يتغير لونها ويميل الأخضر الى الأصفرار وعند هذه المرحلة تكون جودة الزيت من حيث الكمية والنوعية في افضل حالاتها. ويشير الى ان القطاف المبكر جدا او المتأخر له تأثير سلبي على كمية ونوعية الزيت معا، وبعد وصول الثمار الى مرحلة النضج التام تقل كمية المواد المانعة للتأكسد ويتغير تركيب الأحماض الدهنية مع الوقت.

اما مدير مديرية الارشاد الزراعي في وزارة الزراعة المهندس خليل جرن فيقول ان للامطار التي سقطت على الأردن خلال اليومين الماضيين تاثيراً ايجابياً على جميع المزروعات. ويضيف ان اشجار الزيتون متعطشة لقطرات المطر التي تغسل اوراقها، اذ تمارس الاوراق النظيفة دورها في عمليات التغذية وتزويد ثمار الزيتون بالماء والغذاء وبالتالي يحدث تحسن نوعي لثمار الزيتون. ويشير الى انه في المناطق التي كان الهطول فيها جيدا فان جذور النباتات تمتص مياه الامطار وتعوض النقص في الرطوبة حول الجذور وانه مع سريان العصارة تتحسن نوعية الثمار وتزداد حيوية النبات عموما. ويدعو المهندس جرن مزارعي الزيتون الى استمرار مراقبة بساتينهم وتكرار التجول بين الاشجار وجمع الثمار المصابة المتساقطة وعزلها عن الثمار السليمة. وزاد انه في الاراضي التي هطلت فيها الامطار اكثر من 5 ملم فيمكن اجراء حراثه سطحية متعامدة بعد ايام مع ميلان الارض بهدف تحضير الارض لاستقبال الامطار ومنع انجراف التربة. ومن أنواع زيت الزيتون البكر، وهو الزيت المستخلص من ثمرة الزيتون بطرق ميكانيكية وقابل للاستهلاك بالشكل المستخلص به، ويشمل الممتاز، الذي تبلغ حموضته الحرة المعبر عنها بحمض الأولييك 1 غرام في كل 100 غرام زيت كحد أقصى وهو يعتبر أفضل أنواع زيت الزيتون طعماً ورائحةً وأفضلهم للصحة. اما زيت زيتون بكر «جيد» فهو الذي تبلغ حموضته من 1 ـ 2 غرام في كل 100 غرام زيت، وزيت زيتون بكر «عادي»حموضته الحرة من 2 ـ 3.3 غرام في كل 100 غرام زيت. وايضا زيت زيتون بكر «وقاد» الذي تفوق حموضته الحرة 3.3 غرام في كل 100 غرام زيت ويخصص لصناعة التكرير أو للاستعمالات التقنية.

اما زيت الزيتون المكرر فهو الزيت المستخلص من زيت الزيتون البكر بواسطة تقنيات التصفية والتكرير التي لا تسبب تغيرات في البنية الأولية. وزيت زيتون المزيج هو الزيت المكون من خليط زيت زيتون بكر وزيت زيتون مكرر القابل لاستهلاك الانسان. وهناك ايضا زيت ثفل الزيتون المستخرج من خلال المعالجة بمحللات كيميائية مع استبعاد الزيوت بطرق اعادة الأسترة. ويعتبر زيت الزيتون من أغلى الدهون المستعملة في التغذية من ناحية معامل هضمها، معامل الهضم لزيت الزيتون 3.99، وفي زيت الخس 3.98 ولم يتجاوز 19.3 في زيت الفول الصويا. ويعطي الغرام الواحد من زيت الزيتون عدداً من السعرات الحرارية أكثر من ضعف ما يعطيه الغرام الواحد من البروتين أو السكريات لهذه الفوائد الكثيرة التي اكتشفها العلم قديماً وحديثاً واستعمالات زيت الزيتون في بلاد الشام كثيرة في صناعة الصابون والكريمات المطرية للجلد وغيرها من الاستعمالات الطبية ويدخل زيت الزيوت في منطقة البحر المتوسط في تحضير معظم الوجبات، كما انه يستعمل خصوصا في بلاد الشام مع الزعتر لصناعة المناقيش ويؤكل صباحا مع كوب من الشاي الساخن، واتسعت اكثر في لبنان وسورية، اما في فلسطين والأردن فعادة تغمس بالخبز والزيت والزعتر. وفي موسم عصر الزيتون في فلسطين يذهب الصغار الى المعاصر وبأيديهم ارغفة من خبز الطابون الساخن لتناول الزيت من المعصرة مباشرة. ومعظم السكان يتمونون بتخزين كميات كبيرة لطوال العام، حيث يستهلك يوميا عند الفطور وطهي الطعام. وقد يمتاز اهل فلسطين وشمال الاردن بأكلة المسخن التي تعتمد على زيت الزيتون والبصل والدجاج والسماق كما كان الفلاحون في القديم يقدمون هذه الاكلة الى الضيوف الاعزاء او لإبرام صفقة مع تجار المدينة.