مصر.. تجارة اللعب على الوتر الحساس

إعلانات تروج لأدوية ذات قدرات خرافية لمعالجة العجز الجنسي

TT

هل يواجه العديد من الرجال المصريين أزمة فعلية وحقيقية في مسألة الكفاءة الجنسية ولكن لا احد يفصح عن ذلك؟؟ هل تخفي الأبواب المغلقة للبيوت المصرية والعربية ايضا مشاكل زوجية جمة بسبب فشل العلاقة الزوجية، ومع ذلك يظل كله مضبوطا وتماما طالما لا احد يشتكى خوفا من الفضيحة ليكون الحل السحري على غرار فيلم عادل إمام الشهير (النوم في العسل) بترديد كلمة (آه) بلا أي تفسير آخر؟

وإذا كانت الأمور كلها على أفضل ما يكون فما هو السبب الحقيقي لهذه الحملة الإعلامية المسعورة للمنشطات والدهانات والأجهزة الطبية التي تزيد من الكفاءة الجنسية، ليس للرجل فقط بل دخلت المرأة ايضا الساحة من خلال عقاقير وأعشاب تعالج البرود الجنسي والعقم ! هل هناك بالفعل أزمة غير معلن عنها؟؟ أم انها مجرد جشع حقيقي للتجار استطاعوا اللعب على وتر حساس للغاية لكل رجل شرقي يجد أن المفهوم الأساسي لمعنى رجولته هو نجاحه في علاقته الزوجية ! انه ملف شائك تطول صفحاته خاصة في مجتمعاتنا العربية، فلربما كانت هناك بالفعل مشكلة اكبر مما نتخيل، وربما كان الهدف من كل هذا الكم الهائل من الإعلانات هو اللعب في المضمون ! إعلانات لا حصر لها تدعو كل من يقرأها ألا يقلق ابدا لان الحل السحري عند أصحاب الإعلان مثل «ال........ هو أقوى مستحضر طبيعي للضعف الجنسي والعقم للرجال والنساء ايضا، منشط طبيعي وأنت الحكم»، وهناك إعلان آخر يقول «لأول مرة في مصر والعالم العربي منتجنا............ طبيعي من خير الطبيعة فقط وليس له آي آثار جانبية وبتوليفة جديدة ستقول معها وداعا لكل مشاكلك الزوجية» أما إكسير....... فيقول: لزيادة الوقت ـ للقوة ـ للكفاءة ، ومعنا راقب إحساسك بالتغيير الايجابي الذي سيسعد حياتك بالتأكيد !». وينوه الإعلان الى أن الحجز مسبقا ضروري قبل الشراء نظرا للإقبال الكبير والشديد ! والمزيد والمزيد من الإعلانات التي تملأ الصحف المصرية بلا مواربة أو أقنعة مثل إعلان آخر يقول: «تخلص من الضعف الجنسي في ثوان معدودة مع جهاز............. الذي يصل مصر لأول مرة» ولينضم ذلك الجهاز الاعلامي الخطير «التلفزيون» مؤخرا الى نفس الحملة الشعواء من خلال اعلانات صريحة ومباشرة عن عقار الفياجرا على المحطات العربية حاملا عبارة «العبرة في الصلابة» ..

العجز الجنسي لم يعد مجرد مشكلة مصرية مسكوت عنها، بل إن 150 مليون رجل على مستوى العالم يعانون من العجز الجنسي ايضا وتحديدا فإنهم يمثلون 2.7% من رجال العالم كما أعلنت منظمة الصحة العالمية.

يقول الدكتور سمير عبد الرازق «أستاذ أمراض الذكورة والعقم: علينا أن نفهم جيدا الأول أن (فحولة) الرجل، أي قدرة الرجل على الانتصاب علميا لا علاقة لها بأي حال من الأحوال بالإخصاب والقدرة على الإنجاب، فهناك الكثيرون ممن يربطون بين الكفاءة الجنسية والقدرة على الإنجاب والخصوبة وهذا أمر شائع جدا بين الناس لذا لزم التنويه، حيث أن العقم أو نقص الخصوبة لا علاقة له ابدا بقدرة الرجل على إقامة علاقة جنسية ناجحة مع زوجته، فقد يكون ذا قدرة عالية لكنه لا يستطيع الإنجاب لمشاكل عديدة معظمها عضوي.

ويضيف دكتور سمير: كما أن هناك ايضا أسبابا نفسية تكون سببا مباشرا لعدم الإنجاب، فقد أثبتت الأبحاث العلمية أن هناك علاقة طردية بين الحالة النفسية والوجدانية وعدم القدرة على الإنجاب، حيث أن المشاعر السلبية كالاكتئاب والغضب والحزن والقلق تؤثر سلبيا بشكل مباشر على القدرة على الإنجاب، فهذه المشاعر المضطربة تؤثر مثلا على افرازات عنق الرحم عند المرأة كما تؤدي للتقلصات في عضلات الجسم مثل جدار قناة فالوب مما قد يؤدي لانسدادها في بعض الأحيان. ويلتمس الدكتور سمير لأصحاب المشاكل الإنجابية أسبابا نفسية وصلوا إليها بسبب ظروف كثيرة فيقول: إن ضغوط الحياة اليوم والمشاكل الكثيرة التي تحاصر الإنسان لعل أهمها المشاكل الاقتصادية والاجتماعية وظروف المعيشة الصعبة من أهم أسباب التوتر المستمر الذي يعيش فيه الفرد، ويفجر الدكتور سمير مفاجأة من العيار الثقيل حين يؤكد ان رواد العيادات الطبية الآن من الشباب !! وليس من كبار السن كما كان متعارف عليه سابقا، فالشباب من سن 30 الى 40 سنة هم الذين يمثلون النسبة الكبرى ممن يعانون من المشاكل الجنسية وهذا يبين حجم المشكلة الفعلية لهم ! ومع ذلك علينا ان نتحلى بالإيمان والصبر والمعرفة ايضا لإيجاد الحلول المنطقية للتغلب على هذه المشاكل، فالجهل يجعل المرء عبدا للهواجس والجري وراء الاعلانات الوهمية مما يفقده استقرار حياته للابد.

إذن العقم أو عدم القدرة على الإنجاب مختلفة تماما عن الضعف الجنسي أو بمعنى علمي عدم القدرة على الانتصاب الطبيعي، فالضعف الجنسي في حد ذاته له العديد من المسببات لعل اهمها ايضا العوامل النفسية غير المريحة والتي تسبب التوتر والقلق، فالعلاقة الزوجية علاقة شديدة الخصوصية وتحتاج لحالة مزاجية معينة بالاضافة للاسترخاء والبعد عن أي توتر من الممكن ان يؤثر سلبا على هذه العلاقة. هذا ما يؤكده الدكتور محمد عبد القادر «استاذ الأمراض الجلدية والتناسلية» حيث يقول:

لقد اجرى قسم الذكورة والعقم بطب القصر العيني دراسة تؤكد ان 30% ممن يعانون من الضعف الجنسي في مصر تصنف اسبابه على انها اسباب نفسية !! ويعرف الضعف الجنسي القائم على اسباب مفاجأة وغير متوقعة بأنه ضعف جنسي مؤقت أو أولي وهذا الضعف لا يحتاج للعلاج الطبي في كثير من الاوقات، لانه يزول بزوال المؤثر السلبي، ومن هذه المؤثرات السلبية مثلا التوتر، القلق، المشاحنات الزوجية، هموم العمل والحياة بشكل عام وهذا الضعف يتمثل في عدم قدرة الزوج على الانتصاب عمليا او اذا حدث ذلك فإن سرعة القذف هي اول ردة فعل للتخلص من الموقف بسبب الحالة النفسية المتوترة. كما اثبتت الكثير من الدراسات أنه من بين الأسباب الرئيسية للاضطرابات الجنسية عند الرجال سرعة القذف‏ ويكون للسيدات ‏(الزوجات‏)‏ دور كبير في حدوثها واحداث فتور في الرغبة الجنسية ايضا لدى الرجل‏ بسبب المشاكل الزوجية في الغالب، وقد جاءت‏ نتائج الدراسات الخاصة بمشكلات الرجال كالتالي‏:‏ القذف السريع يحدث في‏29%‏ من الرجال ـ التوتر من العملية الجنسية في‏17%‏ ـ عدم الرغبة في الجنس ‏16%‏ ـ عدم القدرة علي بقاء الانتصاب ‏11%‏ ـ عدم القدرة على الوصول للشهوة ‏8%‏ ـ عدم الاستمتاع بالجنس ‏8%‏ ـ الإحساس بآلام أثناء الجماع ‏3%..‏ ولذلك هناك أكثر من سبب لحدوث الاضطرابات الجنسية‏.‏ وعموما فإن نسبة العجز الجنسي الشديد تتراوح بين ‏5 ‏ و‏15%‏ في سن بين ‏40‏ ـ‏70‏ سنة‏ ،‏ اما العجز المتوسط فتتراوح نسبته بين ‏17‏ و‏34%‏ والعجز البسيط نسبته ثابتة وهي‏17%‏ للمرحلة السنية نفسها‏.‏ كما اكدت الدراسات ان مرضى القلب والسكر وارتفاع ضغط الدم والكوليسترول وضيق الشرايين والمرضى النفسانيين يعانون ارتفاعا في نسب حدوث الاضطرابات الجنسية عن غيرهم‏.‏ اما النوع الثاني من العجز الجنسي فهو النوع طويل الامد نوعا ما وفيه علميا لا يحدث أي انتصاب للرجل وفي الغالب يكون هناك بعض المشاكل العضوية التي يجب علاجها.