المهن التي توفر الغطاء والمعلومات للمخبرين والجواسيس

«حلاق بيروت» امتهن أحدى أكثر الحِرف شعبية في عالم الاستخبارات

TT

فيما كانت قد أعلنت دمشق في السابق ان الوجود العسكري والاستخباراتي السوري في لبنان قد انتهى، يثير ظهور عميل المخابرات السورية حسام حسام عددا من التساؤلات حول مدى مصداقية ذلك الانسحاب، وهو ما كان شكك فيه عدد من المعارضين اللبنانيين حيث ذكروا ان عددا كبيرا من المجندين لحساب الأجهزة الأمنية والاستخبارتية ما زالوا موجودين على الارض ويعملون في مجالات مختلفة.

وفي الواقع، فإن شخصية «حلاق بيروت»، أو الشاهد حسام حسام، تصب في اطار الصورة النمطية لمخبري اجهزة الاستخبارات التي يعرفها البعض من خلال الروايات القديمة. فحسام الذي تبين تعاونه مع الاستخبارات السورية كان يعمل حلاقا. وبحسب ما يقول الدكتور نبيل فاروق، وهو كاتب مصري متخصص في قصص الجاسوسية والمخابرات، فإن مهنة الحلاقة هي إحدى المهن الثلاث الأكثر اعتمادا من قبل المخبرين. ويضيف فاروق في حديث هاتفي مع «الشرق الأوسط» أن مخبري أجهزة المخابرات عادة ما يعملون إما في صالونات الحلاقة أو الحانات أو المقاهي، موضحا ان هذه الأماكن توفر مناخا مناسبا لتبادل الأحاديث أو الاستماع اليها.

وفي لبنان، هناك اعتقاد سائد لدى الكثيرين بأنّ بائعي الكعك المتجولين من السوريين هم في الحقيقة مخبرون، وان عملهم هذا لا يتعدى كونه مجرد غطاء. وقد حيكت الكثير من القصص والطرائف حول هذا الموضوع. إحدى الرسائل الالكترونية الطريفة تحتوي على رسم بياني لعربة كعك يوضح انها في الحقيقة بها أجهزة تنصت ورادار وصواريخ.

إلا أنّ النائب اللبناني الياس عطا الله يعلق في حديث لـ«الشرق الأوسط» بقوله ان الاشخاص الذين كانوا مستفيدين من النظام الامني والاستباحة التي كانت موجودة «هم كثر.. والمتورطون مع الاجهزة الامنية منتشرون في كافة المجالات والمهن، من الشركات الكبرى إلى البنوك والمؤسسات المتوسطة والمهن..». ويضيف عطا الله ان التخلص من هؤلاء الناس (المتعاملين مع الاجهزة الامنية) يتطلب وقتا ومنهجية.

وبالعودة الى نقطة المهن التي يعتمدها المخبرون والجواسيس كغطاء، يقول الدكتور فاروق ان من المهن الاكثر استخداما هي مهنة الصحافة، باعتبار انها تتشابه مع الجاسوسية في كون كل منهما يعتمد على جمع المعلومات، وبالتالي لا يثير الجاسوس أي شبهات خلال ادائه لعمله.

ويضيف فاروق ان مهنة أخرى قد توفر غطاء مناسبا هي العمل في مجال السياحة كونها تبرر السفر المتكرر. ويختم فاروق «وفي النهاية المخبر او الجاسوس الناجح هو الذي لا تتوقعه ان يكون كذلك».

وفي لبنان يكون كل «بائع كعك هو مخبر حتى تثبت براءته»، فإن في البلدان العربية الأخرى مهنا ارتبطت بعمل المخبرين. ففي السعودية يسود اعتقاد لدى البعض بأن غالبية المخبرين يعملون في قيادة سيارات الأجرة. ويأتي هذا الاعتقاد من كون السائقين عادة ما يفتحون دائما مواضيع مع الركاب متعلقة بالسياسة والاقتصاد والأمن. أما في المغرب فالسائد أنّ الندل (جمع نادل) والعاملين في الحانات هم من المخبرين.

وفي مصر، فإن أغلب وظائف المخبرين تنتمي لقطاع المجتمع. ويشترط في من يقوم بهذه الوظيفة أن يكون «حكواتيا ماهرا حتى يستطيع استخلاص المعلومات، ولعل هذا هو السبب في أنه كان يُعرف في قرى مصر أن الحلاقين يعملون لصالح الدولة، خاصة أن معظم الحلاقين قديما كانوا حلاقين متجولين. كما عرف أن باعة الأقمشة يقومون بنفس الدور. أما في المؤسسات الحكومية فالذين يقومون بتلميع الأحذية والتنظيف تدور حولهم الشبهات كذلك.

أما صورة المخبر الذي يرتدي معطفا شتويا طويلا وقبعة ويقرأ الجريدة، فيبدو انها مقتصرة على الأفلام السينمائية فحسب.