طبعة منقحة ليوم الحب في لبنان

مع الذكرى السنوية الأولى لاغتيال الحريري

TT

اكتسب عيد الحب في لبنان بعدا جديدا وكأنه يطل هذه السنة بطبعة خاصة وحلة خجولة يشوبها الحذر والارتياب لما بات يرمز اليه هذا التاريخ من أحداث دموية. فقبل عام وفي مثل هذا اليوم في قلب بيروت التي كانت تستعد لاستقبال العيد بالورود الحمراء، دوى انفجار استهدف موكب رئيس الوزراء اللبناني السابق رفيق الحريري فقضى وإلى جانبه النائب باسل فليحان والعديد من المواطنين. وإذ بالأمسية الفرحة تتشح بالأسود، غير أن الأحمر ظل سيد 14 فبراير (شباط) إنما أفرغ من محتواه الذي يكرس الحب والهدوء والرومانسية، ليرتدي ثوب الدم والعنف والدمار والألم لحظة وقوع الفاجعة. وأضحى هذا التاريخ بالنسبة إلى الغالبية من اللبنانيين نقطة تحول في مسيرتهم، إذ تسارعت وتيرة الأحداث بما يشبه سقوط أحجار الدومينو الواحد تلو الآخر.

ويبدو هذه السنة أن الذكرى الأليمة ترخي بظلالها على المواطنين رغم أن الأسواق والمحال التجارية تعج بإكسسوارات العيد وهداياه، فمنهم من اختار مواصلة الحياة بشكلها الطبيعي «لأن الحزن لن يغير شيئا، علينا تخطي آلامنا واجتياز كل الصعاب»، كما قال يوسف خليفة، ومنهم من يرى في المناسبة «محطة للحداد فقط، لم تعد تحمل معها أي معنى للعيد»، وفق ما علقت ليليان عربجي، في حين أبدى آخرون انزعاجا واستياء عند ذكر هذا التاريخ. وفي المقابل، يستعد بعض الشبان المحازبين إلى المشاركة في التظاهرة التي دعت إليها بعض الأحزاب والقوى اللبنانية لمناسبة حلول الذكرى السنوية الأولى للاغتيال.

وعلى خلاف العادة سيتوجه العديد من اللبنانيين، إضافة إلى زوجات الضحايا، لشراء أكاليل ورد لوضعها على أضرحة من استهدفتهم الأعمال الإرهابية ومن وقع ضحيتها «سهوا». ولأن عيد الحب لم يعد المحور الأساسي للرابع عشر من فبراير (شباط)، فقد اتخذ طابعا سياسيا وبعدا وطنيا، ولذا تستعد غالبية المحطات التلفزيونية لبث برامج وثائقية تلخص أبرز أحداث هذا العام الذي شهد سلسلة انفجارات واغتيالات.

كما ستغيب البرامج والريبورتاجات التي كانت تخصص لتسليط الضوء على هذا العيد الذي ينتظره عادة الأحباء والتجار معا. وفي هذا الإطار تقول كايتي سكاف «إن وسائل الإعلام ستؤدي دورا أساسيا في تذكير اللبنانيين بأهمية ما حصل».

وبدورها دور السينما لم تستعد هذه المرة لعرض أفلام رومنسية من وحي المناسبة «لأنها لم تعد عيدا وإنما ذكرى وطنية» كما يقول المسؤول في إحدى الشركات المستوردة للأفلام الأجنبية، بسام عيد. وفي موزاة ذلك يعلق بعض أصحاب محال الأزهار آمالا على العيد هذه السنة، لا سيما أنهم تعرضوا العام الفائت لخسارة فادحة، بعدما ألغى اللبنانيون كل نشاطاتهم وتسمروا أمام شاشات التلفزة لمتابعة مقابلات حاولت إيجاد تفسير لما حصل. وفي حين تساهم الواجهات المزينة بأنواع عديدة من الإكسسوارات والورود الحمراء في إعادة نوع من البهجة إلى قلوب اللبنانيين التي باتت مثقلة بهموم تطاول مختلف نواحي الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية. وتوقع وضاح العلبي أن «تعود الأمور إلى طبيعتها بعد بضع سنين، فالوقت كفيل بتلطيف الحزن والغضب وتحويلهما مجرد ذكرى تستحق الوقوف دقائق صمت وتأمل... ثم تستمر الحياة».