إلغاء عرض مسرحي في نيويورك عن ناشطة أميركية قتلت دفاعا عن الفلسطينيين

مخرج المسرحية البريطاني: رقابة ذاتية ناجمة عن الخوف

TT

قبل ثلاث سنوات، في 16 مارس (آذار) 2003، سحقت الجرافات الإسرائيلية في قطاع غزة ريتشل كوري، الناشطة الأميركية في حركة التضامن الدولي المساندة للفلسطينيين، وهي تحاول منع الجرافات الاسرائيلية من هدم بيوتهم، الأمر الذي اثار زوبعة من الاحتجاجات عالميا خصوصا في بريطانيا، التي فقدت ايضا قبل ذلك بقليل الناشط البريطاني توم هرندل، 22 عاما، بطلقة في الرأس، والمصور جيمس ميلر، 34 عاما، في ظروف مماثلة. وفاة ريتشل كوري، 23 عاما، لم تثر حركة احتجاجية تدخلت فيها منظمات عالمية تطالب اسرائيل بالتحقيق فحسب، بل استمالت كبار الممثلين والمخرجين المسرحيين البريطانيين لتوثيق نشاطاتها وقناعاتها ومبادئها بعمل درامي، خصوصا الين ريكمان، الممثل البريطاني اليهودي الشهير، الذي لعب دور البروفسور سيفيروس سنيب في سلسلة افلام هاري بوتر، وافلام كثيرة اخرى تمتعت بنفس الشهرة عالميا، والذي طلب منه مسرح «رويال كورت» الشهير في «سلون سكوير» بجنوب غرب لندن تقديم حياتها في عمل درامي تحت عنوان «اسمي ريتشل كوري» مبنيا على مراسلات ريتشيل مع والديها في ولاية واشنطن على شبكة الإنترنت (إي ميل) خلال وجودها في غزة والتي نشرتها صحيفة «الغارديان» البريطانية على حلقات. ومع ان المسرحية عندما عرضت هنا في بريطانيا اثارت بعض الاحتجاجات الخفيفة في الصحافة من قبل اللوبي المؤيد لإسرائيل، الذي حاول تبرير قتلها، الا ان المسرحية عرضت بسلام وبدون رتوش وشهد العرض اقبالا منقطع النظير. الا ان الحظ لم يحالف العمل المسرحي عندما تقرر نقله وعرضه على أحد مسارح نيويورك. ولسبب ما فقد ألغي عرضها هناك هذا الشهر خلافا لما كان مقررا، كما قال مخرجها الين ريكمان، في صحيفة «الغارديان» هذا الأسبوع، الأمر الذي ينكره جيمس نيكولا، المدير الفني لمسرح «نيويورك ثياتر ووركشوب» في نيويورك.

وقال ريكمان معلقا على قرار الإلغاء «انها رقابة ذاتية ناجمة عن الخوف». ورفض نيكولا اتهام ريكمان في تصريح أوردته وكالة الأنباء الفرنسية، نقلا عن بيان نشر باسم المسرح على الإنترنت، قائلا «ان الكلام عن رقابة، في الوقت الذي لا نطلب فيه سوى بعض الوقت الاضافي، هو من قبيل الهذيان».

وقالت كاترين فاينر، محررة التحقيقات الصحافية في «الغارديان»، والتي شاركت ريكمان في كتابة السيناريو حول حياة ريتشيل «اذا كان صوت مثل صوتي لا يمكن اسماعه على خشبة مسرح نيويوركي، فماذا سيكون حظ الآخرين في ذلك؟». وأضافت فاينر في مقال «يجب ألا يحرم الاميركيون من الاستماع الى كلام ريتشل كوري، خصوصا عندما تكون حرية التعبير في صدارة الاهتمامات الدولية».

وفي مقابلة اجرتها معه صحيفة «نيويورك تايمز» أقر المدير الفني للمسرح ان قرار ارجاء بث المسرحية الى الموسم القادم 2006 ـ2007 اتخذ بعد التشاور مع مسؤولين يهود علمانيين ودينيين.

وقال نيكولا في مقابلته ان الجالية اليهودية هي حاليا في موقف متحفز، كما انها شديدة «التوتر» بسبب الاحداث الاخيرة في الشرق الاوسط وخصوصا مرض رئيس الوزراء ارييل شارون وفوز حركة «حماس» في الانتخابات التشريعية الفلسطينية الاخيرة.

وأوضح ان المسؤولين في المسرح لا يخشون كثيرا ردات فعل الاشخاص الذين سيشاهدون المسرحية بل ردود فعل الذين سيسمعون عنها وسيحاولون استخدامها للدعاية لطروحاتهم. الا ان فاينر رفضت بشدة هذا التبرير معتبرة انه «اذا كانت المسرحية كما يقول نيكولا ليست المشكلة، لماذا لا نحاول بالمقابل تشجيع الناس على مشاهدتها بدلا منعها». وقال ريكمان عندما بدأ عرض العمل على مسرح الرويال كورت في ابريل (نيسان) الماضي، انه اراد ان يقدم حياتها ليس كبطلة وليس كخائنة، كما قيل عنها في بعض الأوساط الأميركية، وانما كمثالية في عالم مادي استهلاكي بدأ يفقد هذا الجانب الانساني، خصوصا من الجيل الجديد. ومن خلال رسائلها لوالدها، الذي كان يقود جرافات قبل 30 عاما في فيتنام مشابهة للتي سحقتها، حاول ريكمان تقديم ريتشيل من خلال أشعارها حول قطتها والبيئة والأطفال. وأضاف ريكمان ان ريتشيل «شابة أميركية عادية جدا وغير عادية في آن واحد». وسوف يعاد عرض المسرحية «اسمي ريتشل كوري» على «مسرح بليه هاوس» بوسط لندن ابتداء من 28 مارس (آذار) الحالي. (للحجز: هاتف رقم 08700606631 ).