طي صفحة قضية كتاب « شيفرة دافنشي» بات وشيكا

TT

محاكمة انتهاك «شيفرة دافنشي» حقوق النشر، التي انتهت الى قاعة محكمة في لندن يوم اول من امس، ربطت بين النظرات الحية الخاطفة واسلوب الكاتب الشهير وساعات من الأسرار القانونية العميقة، التي تتسم بكونها مخدرة، الى حد انها جعلت من المدعي الذي يرتدي الباروكة البيضاء ينام على مقربة من مكان جلوس الحاكم.

وعرف المعجبون بالكاتب الخجول دان براون، من وسائل الاعلام، ان الهامه لكتابة رواية جاء في اجازة قضاها في تاهيتي، عندما قرأ كتاب سيدني شيلدون الموسوم «مكيدة يوم القيامة». وفي اليوم التالي كان المحامون يجادلون حول نقاط غامضة في التاريخ الديني، مثل ما اذا كان ببين السمين قد قتل داغوبرت الثاني، ولماذا وما الذي كان يريده غوديفروي دي بويلون حقا خلال الحملة الصليبية الأولى.

وفي 12 يوما من الشهادات والادلة، وفي غضون ثلاثة اسابيع، حاول الكاتبان مايكل بيجنت وريتشارد لي، البرهنة على أن براون سرق فكرة روايته، التي ظلت الأفضل مبيعا من كتاب غير روائي نشراه عام 1982 الموسوم (الدم المقدس والكأس المقدسة). وقال القاضي بيتر سميث، وهو رجل شفاف رقيق الكلمات، انه يأمل في اصدار حكم في القضية بحلول الثامن من ابريل (نيسان) المقبل.

وهناك خطر يواجه براون، الذي بيع من كتابه ما يقرب من 40 مليون نسخة بملايين الدولارات، وسيعرض قريبا فيلم يقوم ببطولته توم هانكس، بحيث انه اذا ما وقف الحظ الى جانب «دافنشي»، فمن المتوقع ان تكون ايراداته خيالية. كما ستصدر الأسبوع المقبل خمسة ملايين نسخة من الرواية بطبعة غلاف ورقية لتملأ رفوف محلات الكتب الأميركية أخيرا.

وقال جون بالدوين، محامي «راندوم هاوس»، وهي الدار التي نشرت كلا من «دافنشي» و«الدم المقدس»، التي يدافع عنها في هذه القضية، قال في مطالعته الختامية ان قضية بيجنت ولي ليست قضية مدعومة بدلائل قوية. وقال بالدوين ان بينة بيجنت لا يعتمد عليها، الى حد انها اما «مهلهلة أو غير صادقة تماما أو حماقة كاملة».

وكان جوناثان رينر جيمس، محامي بيجنت ولي، غير متأثر بموقف براون، مدرس اللغة الانجليزية السابق، الذي جاء من عزلته في بيته بمنطقة نيو هامبشاير لقضاء ما يقرب من ثلاثة ايام للاستماع الى الشهود.

وجادل جيمس في مطالعته الختامية قائلا ان «بينته يجب ان تعامل بشك عميق»، واصفا براون بأنه غير متعاون. وأضاف ان براون شخص مراوغ بشأن الحقائق الأساسية، مثل موعد شرائه نسخة من كتاب «الدم المقدس»، الذي كتبه بيجنت ولي مع مؤلف ثالث هو هنري لنكولن، الذي هو ليس طرفا في القضية.

وفي قاعة المحكمة بدا براون مكابدا من اجل ان يبقى هادئا وصبورا، خلال استجواب طويل من قبل جيمس، أحد ابرز الأخصائيين في حقوق النشر. وبراون الذي أوضح أن زوجته بلايث براون قامت بالكثير من بحوثه واعترف بأنه قرأ كتاب «الدم المقدس والكأس المقدسة». وأشار إليه بشكل بارز في روايته «شفرة دافنشي» واعترف في المحكمة، بأنه عمل على مقاطع منه لاستخدامها في كتابه. لكنه أكد أنه لم يستنسخ مباشرة واستخدم مقاطع أعاد كتابتها انطلاقا من الكتاب. وهذا هو «ما تقوم به من دمج مواد بحث وتحويلها إلى رواية».

وقال براون، إن الكتاب كان واحدا من عدد من المصادر الأخرى التي استخدمها في روايته، وهو لم يرجع إليه، إلا بعد أن كان قد وضع حبكة الرواية. لكن جيمس يحاجج بأنه كانت لديه نسخة من الكتب قبل فترة أبكر من ذلك بكثير، وأنه أكثر أهمية من أن يكون مجرد بحث مثلما زعم براون. لكن القاضي تحدى بصرامة حجج جيمس، يوم الاثنين، وظل يسأل باستمرار حول الأساس للدعوى. وسأل جيمس كيف يمكنه أن يحاجج بأن براون يخفي الحقيقة عن كونه قرأ «الدم المقدس والكأس المقدسة»، حينما ناقش أبطاله في رواية «شيفرة دافنشي» بحب كبير في مشهد منها.

وتركزت الحجج يوم الاثنين حول قانون حقوق الطبع، وكيف يمكن لمؤلف أن يستخدم منتج مؤلف آخر كمادة للبحث تخص كتابا آخر.

وتضمن الكتابان فكرة أن المسيح تزوج من مريم المجدلية وولد لهما طفل وأن خط السلالة يمتد حتى يومنا الحالي. وهناك فروق مهمة بين الاثنين، مثل تضمين تأكيد بيجنت ولي على أن المسيح لم يمت على الصليب، بينما يصر براون على القصة التقليدية التي تقول إن المسيح مات على الصليب.

وحضر براون المحاكمة حتى تقديم شهادته، لكن مكانه وراء الطاولة المخصصة له كان فارغا يوم الاثنين. بينما كان لي وبيجنت على مقعديهما المعهودين. بالنسبة لبيجنت سيصدر كتابه الجديد في الشهر المقبل وعنوانه «أوراق المسيح»، وكان يرتدي سترة رمادية مع ربطة عنق. وفي القاعة حيث بدأ اليوم الأخير للمحاكمة قال إنه مستعد لانتهائها. وقال «أنا متعب جدا».

* خدمة «واشنطن بوست» ـ خاص بـ«الشرق الأوسط»