عربي يعزف طريقه إلى موسوعة «غينيس»

TT

يتحدث جورج بربر بتواضع، يبلغ حد الاستخفاف أحياناً، عن نجاحه بصنع أطول آلة إيقاع (بارتشايمز) أدخلته موسوعة «غينيس»، وكأن ما انجزه لم يتخط مجرد تحقيق «حلم الطفل الموجود في داخلي». والآلة التي اقتحم بها الموسوعة، يبلغ طولها 15 مترا، تضم ألف شفرة من النحاس طول الأولى 5.1 سنتم والأخيرة 1.5 متر. وقد استلزمه تنفيذها اسبوعين لترتيبها بطريقة تسلسلية، بحيث يزيد طول الواحدة عن سابقتها ميلمترا واحدا فقط، لكي تصدر عند لمسها صوتا متدرجا ومتموجا وللتمكن من ضبط إيقاعها. وليس صدفة اختياره هذه المقاسات ذلك انه لو بدأ بشفرة طولها خمسة سنتمترات سيصبح طول الشفرة رقم 1000 نحو ثلاثة أمتار «وهذا ليس عمليا».

هذه الآلة التي طورها جورج، مستوحاة من الاجراس الصينية التي كانت تصنَّع قبل 3000 عام قبل ان تنتقل إلى اليابان بعد نحو 1000 عام، لتستخدم في الترانيم الدينية حتى أن وجودها يعتبر أساسيا في المعابد هناك. وفي القرن التاسع عشر، استعملها الموسيقيون الكلاسكيون فدخلت بذلك عالماً جديداً من الألحان. وسرعان ما تغلغلت في العديد من الأنماط الموسيقية منها الجاز والبوب. وقد وقع اختياره على هذه الآلة ليعيد هندستها ولكن هذه المرة بمقاسات تناسب حجم «حلمه الطفولي» الذي ظل يراوده حتى سن الـ39 ويحضه على دخول الموسوعة «كنت أحلم بأن يذكر اسمي وان في مقطع صغير، وقد فوجئت حين رأيت أنهم خصصوا لي مساحة كبيرة». والآلة التي تطلبت 4 أشهر ونصف الشهر «من العمل الشاق»، لا تركّب بسهولة لأنها تحتاج الى نحو ثلاث ساعات، وثلاث أخرى لفكها وتوضيبها ومن ثم وضعها في شاحنة صغيرة لنقلها من مكان إلى آخر بالإضافة إلى ما تحتاجه من صيانة وتنظيف ليحافظ النحاس على جودته. ورغم أنه استطاع مضاعفة طاقات هذه الآلة وتمكن من «استخراج» أصوات ونغمات لم تكن شفراتها العادية لتصل إليها، فهو لا يشعر بانه اخترع شيئا جديدا حتى أنه لا يفكر في تسجيل انجازه هذا في وزارة الاقتصاد.

والبارتشايمز بـ«النسخة المتطورة»، يمكن استعمالها إما عبر لمسها من اوّلها إلى آخرها وإما عبر لمس وحدات عشوائية منها، لتصدر نغمات متقطعة تستمر 30 دقيقة. واللافت أنه يمكن اعتماد الشكل الدائري في عرضها أما إذا وضعت بطريقة مستقيمة فتظهر الأمواج الذهبية التي تحدثها الشفرات النحاسية بتمايلها. وسيقيم برير حفلة موسيقية قريبا، يدمج فيها لحن البارتشايمز بنوع من الجاز أو «الفيوجن». ويطمح إلى تأليف موسيقى فيلمية بالارتكاز على هذه الآلة التي تستطيع إضفاء مؤثرات سمعية كفيلة بإغناء المشهد أيا يكن نوعه. فنغماتها قادرة على رسم مختلف الأجواء التي تتراوح بين الحزن والفرح وصولا إلى الرعب والإثارة. ويقر بأن البارتشايمز «لم تملأ نقصا في عالم الآلات الموسيقية خصوصا الشرقية لأن الشح في الألحان ناجم عن نقص في الافكار والإبداع ما يفسر سعي الملحنين إلى استيراد الألحان الغربية واستنساخها بدلا من إيجاد طرق جديدة في العزف». وقد درس جورج الموسيقى في جامعة الكسليك شمال بيروت وحاز دبلوما. ويعزف على 140 آلة، تجمع بين مختلف انواع الموسيقى الشرقية والغربية والإفريقية والكوبية والهندية. ويهوى جمع «الآلات القبلية» ذلك أنها «وليدة ثقافات متوارثة من آلاف السنين وتحمل نغمات أصيلة ومميزة». لكنه لا يكتفي بذلك بل يسعى دائما إلى تطوير هذه الآلات وضبطها وتعلم العزف عليها. وولعه بالموسيقى وغيرته عليها يدفعانه إلى إضافة مكان إلى موقعه الإلكتروني www.georgesbarbar.com، يعرض فيه نحو 150 آلة «مع أسمائها الصحيحة»، ومقتطفات من تاريخ كل واحدة منها ونوع موسيقاها.

وها هو يحلم باختراع آلة موسيقية، فهل ينجح ويضيفها إلى مجموعته؟