كلية طب أميركية تضيف مادة الفن إلى مقرراتها

لتمرين الطلبة على الارتقاء بحاسة النظر

TT

تعاون الفن والطب يدا بيد لفترة طويلة. ولتحسين مستوى فنه قام ليوناردو بتشريح الأجساد. ولتحسين اطروحته حول التشريح اعتمد اندرياس فيساليوس على فن الرسام الإيطالي تشيان.

لكن في جناح آخر للرسم الأوروبي بمتحف المتروبوليتان كان هناك سبب آخر وراء تقييم سبعة طلبة في طريقهم إلى أن يصبحوا أطباء لتقييم المشهد التوراتي الموضوع أمامهم والذي يعود إلى القرن السابع عشر. فقبل ثلاث سنوات بدأت كلية جبل سيناء الطبية بكورس يعلّم طلبته كيفية تقييم وتذوق الفن، وبذلك انضمت إلى الكثير من كليات الطب التي أصبحت تتبنى الدراسات الثقافية ضمن مناهجها.

فهذه السنة، أصبحت هناك، ولأول مرة، مادة مطلوبة في السنة الدراسية الثالثة، وهي حسب ما قال ديفيد موللر رئيس الكلية، درس يبين أهمية فن النظر لممارسة الطب، وكم هو مهمل ومقيَّم أقل مما يستحقه. وقال ضمن هذا السياق «بالنسبة لي، كي تكون طبيبا جيدا، يجب ألا ترى فقط المريض فقط بل الشخص».ويشبه الكورس، ذلك الذي تم وضعه قبل سنوات قليلة في جامعة يال بولاية كورنيل وكليات طبية قليلة ولكن التقليديين في كلية جبل سيناء لم يكونو ميالين إليه.وحينما سئل الدكتور موللر عن سبب إضافة هذه المادة الثقافية قال «أظن أنني أجبت عن السؤال استراتيجيا، وما أردت أن أقوله هو أنه في مركز طبي كبير هناك دائما العديد من وجهات النظر».

لكن دراسة صدرت في مجلة الجمعية الطبية الأميركية عام 2001 وجدت أن النظر إلى الرسوم والتماثيل يمكنه أن يحسن من قدرات طلبة الطب في الملاحظة.

و قال الدكتور ايروين بريفرمان بروفسور الطب في جامعة يال ومؤلف الدراسة «مع قدرات عالية في الملاحظة يستطيع الأطباء أن يطرحوا غالبا الأسئلة الضرورية كي يشخصوا بشكل صحيح بدون الاعتماد كثيرا على فحوصات الدم والأشعة العالية الثمن».

لكن آمالا طوبائية كهذه تبدو بعيدة المنال بالنسبة للطلبة السبعة الذين تجمعوا في رواق المتحف عند عصر أحد الأيام المشمسة. فكلهم مشغولون بأمور أخرى بعد تمكنهم من الانتهاء من الاختبارات لكنهم كانوا يقتربون من الوقت الذي يجب عليهم فيه أن يقرروا موضوع اختصاصهم.

لذلك كان الوقوف أمام لوحة مثل تلك التي رسمها نيكولاس مايس عام 1653 والمعروفة باسم «ابراهيم يقصي هاجر وإسماعيل» وهي تضم مشهدا ينتمي إلى فن الباروك في أحسن فتراته، وهذا ما جعلهم ينسون أنفسهم وهم يتابعون تفاصيل اللوحة. أشارت شيرلي ديلالو، 25 سنة، إلى سماء اللوحة الحزينة في أواخر النهار في خلفيتها وكيف التوى جسد إسماعيل بطريقة غير مريحة حينما كان يهبط سلالم بعيدا عن أبيه. وقالت معلقة «يبدو وكأن هناك عالما كبيرا سيذهب إليه ويبدو كأن هناك نبوءة تدفعه صوبه».

قالت ربيكا هيرشويرك استاذة مادة الفن هذه إن فكرة الكورس تطورت من زوجها الذي كان مقيما في كلية جبل سيناء. وبدأ يفكر كيف أن الأطباء لا يمتلكون وقت فراغ طويلا يمكنهم من النظر بدقة إلى مرضاهم خصوصا تحت ضغوط العناية الطبية.

وقالت هيرشويرك إنه باختيار ثمانية أعمال يشاهدها الطلبة في زيارتين للمتحف حاولت أن تبقى بعيدة عن اللوحات الشهيرة. فأعمال مثل مايس فيها الكثير من الالتباس ولغة الجسد والتفاصيل وكل هذه تستحق وقتا طويلا من الملاحظة. وفي تلك الزيارة قادت الطلبة إلى عمل هولندي آخر من مرحلة الباروك وهو من رسم جيرارد تير بورتش وفيه تظهر شابة أنيقة مع خادمتها، ثم الذهاب إلى نصب جياكوميتي «ثلاثة رجال يمشون» الذي يعود إلى عام 1949 قبل الانتهاء عند «الاقتراح» وهو رسم مشبع بالضوء لرجل وامرأة للرسام الفرنسي أدولف ويليام بوغورو من القرن التاسع عشر.

بدا الطلبة مرتاحين لتوفر الفرصة لهم كي يتحرروا من الأفكار المتعلقة بالطب والأمراض بعد وضعها وراء بوابة المتحف. وقالت طالبة الطب كومال كابور كاتاري، 27 سنة، «ذلك يذكّرني بالحياة قبل الالتحاق بكلية الطب حينما كنت ما زلت شخصا عاديا».

* خدمة «نيويورك تايمز»