أبراج «تايم وورنر» معلم نيويوركي جديد بتصميم تركي واستثمار عربي

محام ثري يشتري شقة فيها بأكثر من أربعين مليون دولار

TT

دمر هجوم 11 سبتمبر الارهابي برجين في شارع ديمغايو في اسفل مدينة نيويورك، في مواجهة تمثال الحرية. لكن الاميركيين بنوا، بعد اربع سنوات، برجين آخرين في شارع برودواي في وسط المدينة، في مواجهة حديقة سنترال بارك. كان البرجان اللذان دمرا جزءا من مركز التجارة العالمي، واصبح البرجان الجديدان جزءا من مركز تايم وورنر. كان الاول سادس اعلى مبني في العالم 411 مترا، لكن الثاني اقل من ذلك كثيرا 229 مترا، غير ان الثاني اصبح اكبر واغلى مبنى في اميركا، لان فيه، بالاضافة الى الطوابق المكتبية، شققا سكنية وفنادق ومحلات تجارية ومسارح ومعارض ومطاعم.

يسمي اهل نيويورك المبنى البرجين التوأمين الجديدين، حتى يفرقوا بين القديم والجديد. ويستعملون حروفا متشابهة لأسم كل مركز: كان مركز التجارة العالمي «دبليو تي سي»، واصبح مركز تايم وورنر «تي دبليو سي». واستغرب اهل نيويورك وغيرهم، في السنة الماضية عندما نشرت الصحف ان ديفيد مارتنيز، وهو محام ثري في نيويورك، اشترى شقة في مركز «تايم وورنر» بأكثر من اربعين مليون دولار. كان ذلك رقما قياسيا، وكتبت جريدة «نيويورك ديلي نيوز» بخط كبير «هل هذه شقة ام قصر؟».

وتندرت نفس الجريدة، في السنة الماضية، على المنافسة بين المركز ومركز «ترمب»، الذي يقع على الجانب الآخر من شارع سنترال بارك، بالقرب من حديقة سنترال بارك. بنى هذا دونالد ترمب، بليونير العقارات، وكان يريد منافسة مركز تايم وورنر، لكنه فشل لأن مبناه اقل طوابق، واصغر حجما.

يملك الأمير السعودي الوليد بن طلال جزءا من مركز «تايم وورنر» بحكم امتلاكه لجزء من مجموعة «تايم وورنر» نفسها. وكان نصيبه في السنة الماضية بليون دولار تقريبا. وادلى الأمير بتصريحات صحافية في السنة الماضية اوضح فيها انه يريد زيادة نشاطه في مجموعة «تايم وورنر»، وقال انه يتوقع ان تشهد المجموعة عودة الحياة اليها. عكس تصميم المركز معالم في نيويورك قريبة منه: حديقة سنترال بارك، وشارع برودواي، ودوار كولمبس، ومركز لنكون المسرحي. واقتطف التصميم اشكالا من هذه المعالم، وجعلها جزءا من المبنى. اضف الى هذا انعكاس هذه المعالم، وغيرها، على جوانب المركز الزجاجية العملاقة، وكأن الواقف قرب المبنى يقدر على مشاهدة «نيويورك اخرى» على الزجاج.

ينتمي هذا التصميم النيويوركي الى مصمم ولد في اسطنبول، وهو التركي مصطفى عبدان. درس عبدان الهندسة المعمارية في جامعة كورنيل الاميركية، وهو الأن عضو مؤسس في شركة سكمور المعمارية في نيويورك. وهو نفسه الذي صمم المركز الاسلامي في نيويورك، على مسافة غير بعيدة. وصمم عبدان ايضا مبنى بنك «يو بي اس» في ستامفورد، في ولاية كونيتيكت، ومباني في القاهرة وبيروت واسطنبول ومانيلا وتايوان. وصمم مركز «الكوبري» على الحدود بين الاردن واسرائيل، وهو مشروع، الهدف منه توثيق العلاقة بين اسرائيل والدول العربية، وذلك بتأسيس مركز ابحاث علمية تاريخية تديره جامعتا كورنيل وستانفورد الاميركيتان.

تكون المحلات التجارية الطوابق الثلاث الاولى من مركز «تايم وورنر»، ومنها: بودر للكتب، وبوس للتكنولوجيا، وكرابتري للعطور، وموريس للجواهر، وبنلتون للملابس، ووليام سونوما للوازم المطبخ، وغودايفا للشكولاته. وفي المبنى فروع بنوك، واستوديوهات تمارين رياضية، ومتجر عملاق تابع لتلفزيون «سي ان ان»، يقدم معلومات عنه، ويبيع هداياه التذكارية، وعيادات اطباء. ويحتل طابقين في المبنى سوق «هول فود» للمأكولات والمشروبات. وتنتشر المطاعم في اكثر من طابق ومنها: شارلي تروتر المصمم على شكل فرن، واشياتيك، الذي تتدلى من سقفه شمعدانات في اشكال شجر، وهناك ايضا مخزن لزجاجات نبيذ ارتفاعه ثلاثة طوابق، ومقاه ليلية يكلف المشروب الواحد عشرين دولارا.

ويجب الا يستغرب اي شخص لارتفاع سعر المشروب، لان وجبة كاملة في مطعم من هذه المطاعم تكلف مائة وخمسين دولارا للشخص الواحد. اصبح مبنى «تايم وورنر» اكبر واغنى مبنى في اميركا، لأنه يخلط بين هذه المطاعم والمتاجر والشقق السكنية، ولأنه ليس مبنى مكتبيا فقط، ولأن فيه فندقا عملاقا. رغم ان تصميم المبنى خلط بين كل هذه الاماكن، قسمها في الداخل:

فصل فندق «ماندرين اورينتال» (خمسة نجوم) لضمان الهدوء والامن. ويتكون هذا من 250 غرفة راقية، ويعتبر من افضل فنادق نيويورك، وفيه غرف اجتماعات وقاعات مؤتمرات وصالات رقص عملاقة. وفصل شقق «سنترال بارك واحد» (مائتا شقة فاخرة) وكأنها في عمارة سكنية قائمة بذاتها، ووفر لها خدمات فندقية راقية. وفصل منطقة المتاجر والمقاهي والمطاعم الصاخبة والمزدحمة، ووضعها بالقرب من تقاطع الشوارع حتى يسهل الدخول اليها والخروج منها. وفصل مركز لنكون للجاز (الوحيد في العالم المتخصص لهذا النوع من الفنون)، وهو، في حد ذاته، خليط من فصول دراسية ومسارح ومراقص. ماذا في الشقة التي كلفت اربعين مليون دولار؟ تقع الشقة في اعلى طوابق المبنى، وتتكون من طابقين، ويحيط بهما الزجاج من كل مكان بارتفاع عشرة امتار تقريبا. وفيها مسبح كبير يقع على حافة الحائط الزجاجي، وامامه دوران حول المبنى لمشاهدة المدينة من اي اتجاه. (لا ينافس المبنى في مشاهدة كل نيويورك سوى مبنى أمبايار ستيت التاريخي). وتتحرك بعض جدران الشقة لتهيئة قاعة رقص عملاقة، او لفصل او دمج غرف الطعام والمطابخ، وتعتبر كل غرفة نوم شقة صغيرة، بكل تسهيلاتها.

وفيما كان مركز التجارة العالمي سادس اعلى مبنى في العالم، فإن مركز «تايم وورنر» اقل ارتفاعا منه كثيرا، ولا يدخل حتى ضمن قائمة اعلى مائة مبنى في العالم... إلا أنه لا يقل عنه أهمية.