معرض «بليني والشرق» .. من فينيسيا إلى القسطنطينية

المعروضات تعكس تأثير التبادل الحضاري

TT

اللوحات الفنية المتعلقة بالشرق والحياة فيه تمثل جزءا مهما من التراث الفني الغربي. وقد تعددت الاسماء التي برعت في استكشاف الشرق عبر اللوحات ولا تزال تلك الاعمال خالدة ومؤثرة مثل اعمال ديلاكروا او جيروم او العدد اللانهائي من الاسماء التي خلقت انطباعا عن بلاد المشرق كبلاد الاساطير والنساء الجميلات والأجواء الغامضة.

وتشهد لندن حاليا معرضا في الناشيونال غاليري بعنوان «بليني والشرق»؛ يستكشف لوحات الفنان القادم من البندقية جنتيل بيلليني الذي زار القسطنطينية في أواخر القرن الخامس عشر ورسم العديد من اللوحات للسلطان محمد الثاني.

جاءت زيارة بلليني للقسطنطينية بعد ان اوفده مجلس الشيوخ في فينيسيا عام 1479 ليزور بلاط السلطان محمد الثاني (الفاتح) كجزء من اتفاقية السلام بين فينيسيا والقسطنطينية. ورغم ان زيارة بيلليني حملت الطابع السياسي كسفير لفينيسيا، إلا ان الأجواء الشرقية اثرت عليه بشكل واضح، حيث سحره البلاط السلطاني والمدينة والتراث الاسلامي، وهو ما كان مختلفا لبيلليني، خاصة وان الحركة الفنية في البندقية كانت ما تزال تحت تأثير الحضارة اليونانية. ونتجت عن هذا الافتتان مجموعة من اللوحات التي تزين قاعات المعرض في الناشيونال غاليري. وكان جزءا من مهمة بيلليني هو رسم مجموعة من اللوحات للسلطان محمد الفاتح، الذي كان مهتما بالفن الايطالي، وأراد ان يكلف رساما إيطاليا برسم لوحات شخصية له. تتصدر المعرض لوحة ضخمة على امتداد جدار كامل تصور استقبال السفير القادم من البندقية في دمشق. اللوحة تتميز بالألوان المشرقة لملابس اعضاء حاشية السلطان محمد الفاتح، والمساحات الشاسعة الرملية التي تمثل الفناء أمام القصر، اما السلطان فيجلس جانبا في مقعد خشبي دقيق التفاصيل ويظهر امامه اعضاء الوفد الذين يرتدون الملابس ذات الالوان الداكنة، في مقارنة واضحة بين الألوان الحية حولهم، وهي ربما مقارنة تقودنا الى نتائج اخرى حول الشخصيات في اللوحة والحضارات التي تمثلها. ومما يلفت النظر ايضا في اللوحة هو كيفية تصوير الاشخاص الذين يتميزون بالقامة الطويلة الشامخة والكبرياء.

من خلال المعرض يظهر تأثير التبادل الحضاري بين فينيسيا وحضارات دول حوض البحر المتوسط في القرن الخامس عشر، سواء في المعمار او الرسم أو المشغولات النحاسية او الزجاجية او المنسوجات. وفي احدى خزانات العرض هناك حاوية بديعة التفاصيل مصنوعة من النحاس تتميز بالنقوش الدقيقة ذات الطابع الاسلامي وعليها اسم السلطان محمد الثاني. وهناك ايضا الكتابات بالخط العربي التي تزين بعض اللوحات؛ مثل لوحة احد الاشخاص وهو يكتب ويبدو شريط من الكتابة العربية على يمينه كأنما يكمل التأثير البديع الذي تحدثه النقوش الدقيقة على ردائه.