معرض الحدائق في بيروت يفتتح موسما نابضا بالحياة

TT

توافد الزوار الى معرض «غاردن شو» للأزهار والشتلات الذي بات يشكل ملتقى سنويا ليس فقط للاختصاصيين في فن تزيين الحدائق، انما لكل محبي هذا الفن وروافده، ذلك ان الازهار لا تشغل سوى قسم محدد من المعرض الذي يقام للمرة الثالثة على التوالي في ميدان سباق الخيل في بيروت على مساحة 20 الف متر مربع، وسط أشجار الصنوبر وفي الهواء الطلق. وقال رئيس بلدية العاصمة عبد المنعم العريس الذي رعى الافتتاح في حضور عدد من السفراء والشخصيات الاجتماعية، ان البلدية «تولي اهتمامها لتجميل شوارع العاصمة وتخضيرها، لهذا طلبت من القيمين على المعرض ان يزرعوا وسطيات المدينة وجزرها بأنواع عدة من الازهار والشتلات تبدل باستمرار لتتلاءم مع كل الفصول»، واعدا بتعميم التجربة على كل المدينة اذا نجحت.

ولدى الدخول الى المعرض المزدحم كعادته بالسيارات والزوار و«صراخ» الاطفال، يتوقف الجميع عند «الفزاعات» التي اعدها طلاب مدرسة «إيسمود» للمناسبة. فقد صمموا لها ملابس منها عصرية ومنها استندت الى روايات، كما فعل كريكور جابوتيان وكريستال عطا الله اللذان استوحيا فكرتهما من احدى قصص موليار (الرجل البرجوازي). فألبسا فزاعتهما التي تنتمي الى طبقة حديثي النعمة، رداء مصنوعا من انواع عدة من الاقمشة الفخمة منها الجوخ والتافتا والمخمل، وفي الاسفل وضعا قطعا من «الخيش» لإظهار التناقض في شخصيتها. أما فزاعة تغريد الحاج فكانت امرأة خائفة وتريد ان تحمي نفسها من اياد تريد اذيتها بعدما ألبست ثوب زفاف اسود. ثمانية عشر نموذجاً ستخضع لتقويم لجنة مؤلفة من مصمم الازياء اللبناني ربيع كيروز والاعلاميين نايلة دو فريج وكريستيان طويل وتانيا سكاف ممثلة مؤسسة سكاف التي تولت تقديم الاقمشة.

وعلى بعد خطوات، خصصت حديقة للنائب والصحافي جبران تويني الذي استشهد في 12 ديسمبر (كانون الاول). جناح صغير انما مصمم بعناية، ثلاثة مقاعد بيضاء فارغة وكأنها تنتظر وصول مَن غيِّب فوضعت على الطاولة المقابلة صورته وهو يكتب ربما احدى مقالاته. حديقة جميلة لكنها مهدّدة بالجفاف.

نحو 140 جناحا موزعة بين خمسة اقسام لا تكفيها ساعات من التجول لما تحتويه من امور «غريبة» ومميزة. فإلى جانب «سوق الشتلات» والأزهار المعروضة قسم خاص بـ«فن العيش في الحديقة»، يتضمن مجموعة كبيرة من المفروشات وقطع الأثاث المصنوعة من القصب والحديد والأقمشة التي تناسب اصحاب الذوق الكلاسيكي أو العصري. هنا عائلة تسأل عن الاسعار ورجل متعب يستريح على احد المقاعد تحت مظلة من القش وفتاة ترفض اطاعة والدتها والنهوض عن الارجوحة التي تصر على شرائها. وفي الجوار وقد أفردت مساحة كبيرة للحرفيين والهواة الذين عرضوا أوانيهم وأدواتهم واكسسواراتهم التي تنبض بألوان الربيع والصيف، امرأة منهمكة بتفحص الاكواب وسيدة تطمئنها بأن الطلاء مقاوم للمياه. شباب يتأملون لوحات زيتية لهواة وأخرى مصنوعة بحسب الطريقة اليابانية في طيّ الاوراق من دون استعمال مقص أو مواد لاصقة (أوريغامي)، كما فعلت لور فياض. أوان مطبخية مطلية أو مطعمة بأحجار الموزاييك او الخرز وأخرى مصنوعة من الخشب. وفي أحد الاجنحة صابون بأنواع عدة من العطور ومطعّم باكسسوارات تناسب غرف الاطفال والراشدين أعدتهم بعناية جيسي سوكايم، وليس أجمل من مشهد أطفال يتفحصون فراشات ملونة ترفرف كلما هب الهواء... ولمحبي المغامرات استحدث قسم «العيش والاستمتاع في الطبيعة»، الذي يتيح للزوار التعرف على أمكنة لتمضية عطلاتهم الصيفية في الجبال أو الانهر، حيث نظمت ألعاب وبرامج رياضية. أما القسم الاكثر ازدحاما فهو «سوق الطيب» الذي يقدّم لمحبي الطعام التقليدي «مناقيش على الصاج».

أصوات تصدح وفرقة تدبك على وقع أغان تراثية وأولاد يلعبون في الأرجاء أو يتزلجون ويقفزون في «قرية الاطفال»، حتى بات يصعب عليهم الرحيل. ومهمة شاقة على الاهل، اذ ان العودة الى المنزل تفرض قطع وعود بالعودة مرة ثانية... جو مفعم بالحياة والمرح وبيروت تلتقط أنفاسها استعدادا لصيف متجدد.