مذكرات المشاهير تتنافس مع اعترافات روسو في المناهج الفرنسية

TT

اختار ثمانية مدرسين لمادة الأدب في ثانوية ذائعة الصيت بمدينة مونبلييه الفرنسية، تدريس مذكرات المغني هيرفيه فيلار لطلبتهم وإدراجها في منهاج الامتحان الشفوي لصف البكالوريا لهذا العام. ويروي المغني في مذكراته المعنونة «الروح الوحيدة» مسيرته الصعبة في الحياة منذ أن كان طفلا نشأ في ملجأ للقطاء والأيتام.

وبرر باتريك لوباتيير، مدرس مادة الأدب الفرنسي في الثانوية وصاحب هذه المبادرة، قرار الخروج على الكتب الأدبية الشائعة من قصص وروايات لكتاب معروفين بالقول إن «مذكرات فيلار مكتوبة بأسلوب جيد وهي ذات قيمة أدبية حقيقية».

وذاعت شهرة المغني هيرفيه فيلار في السبعينات من القرن الماضي، لكنه ما زال يعتبر من المطربين المحبوبين وذوي الشعبية في أوساط الشباب في فرنسا. وقد دعي للالتقاء بطلبة ثانوية «جوفر» في مونبلييه، الاسبوع الماضي، للتحاور معهم حول كتابه المقرر عليهم في امتحانات آخر السنة التي تبدأ قريباً.

لكن هذه التجربة، التي ما زالت محدودة، لم تقتصر على مونبلييه، فقبل أيام دعيت الممثلة الحسناء كارول بوكيه لتتحدث عن حبها للكتابة وقراءاتها للأديب راسين، وذلك أمام طلبة احدى الثانويات في حي من أحياء الضواحي الساخنة في مدينة تولوز. وحاولت بوكيه أن تنقل لمستمعيها المراهقين جذوة التعلق بالعبارة الجميلة والمفردة التي تعبر عن المعنى. وفي ختام محاضرتها قالت طالبة من أصل عربي تدعى هندة ، ان ما استمعت اليه قد حفزها على اكتشاف المسرح.

أما لورنس، وهي مدرسة شابة في منطقة «ايفلين» قرب باريس، فتقول انها استغربت من نصيحة مفتش تربوي أوصاها بتدريس كتاب «الحجاب الأسود» للممثلة آني دوبيريه، وفيه تروي الفنانة المسرحية والتلفزيونية الشهيرة صدمتها بعد الحادث الذي أودى بحياة والديها. وترى هذه المدرسة ان ادخال روايات خفيفة ومذكرات مشوقة إلى مناهج الدراسة يهدف الى اجتذاب انتباه الطلبة والتسرية عنهم أكثر مما يسهم في تعليمهم.

لكن مدرسي ثانوية «جوفر» يدافعون عن مبادرتهم بالقول إن السيرة الذاتية هي فن كتابيّ من فنون الأدب، وإن بعض سير المشاهير ترقى الى هذه المرتبة. وهم يرون أن مذكرات المغني فيلار استحوذت على اهتمام الطلاب أكثر من كتاب «اعترافات» لأديب فرنسا الكبير جان جاك روسو، وهو المقرر التقليدي في منهاج تدريس السير الذاتية.

وتؤكد طالبة اخرى كلام مدرسها بالقول إن المذكرات الحديثة أكثر قرباً من الواقع الذي يعيشه الطلاب، كما أن سيرة فيلار كطفل يتيم تجاوز مأساته وحقق شهرة فنية تمس في الصميم مشكلات الشباب المعاصر. لكن آراء الطلبة لا تتطابق كثيراً مع توجهات المسؤولين عن وضع مقررات الثانوية العامة في فرنسا، وبينهم من يخشى أن يؤدي التساهل الى إدراج مذكرات لوانا، نجمة أحد برامج الفضائح في التلفزيون، في أسئلة البكالوريا.