حرب أعلام وإنهاء مبكر للعام الدراسي!

لبنان عشية المونديال

TT

أبدل اللبنانيون «حروبهم السياسية»، بحروب كروية تمثلت بـ«مباريات» بأعلام الدول المشاركة في كأس العالم 2006، وبالطبع حافظ الجميع على منسوب الحماسة والغضب الذي يرافق عادة خلافاتهم البعيدة عن الروح الرياضية. وهكذا ازيحت رايات الاحزاب اللبنانية، واحتلت شرفات المنازل وأسطح المباني والسيارات وحتى الشوارع، أعلام متنوعة الاحجام والالوان، مع فارق بسيط هو امكان تعدد هويات هذه الاعلام على شرفة واحدة او في حي واحد على عكس شبه احادية الانتماء السياسي الذي يطبع هذا البيت او تلك المنطقة.

ورغم تراجع جماهيرية كرة القدم خلال السنوات الاخيرة في لبنان لحساب كرة السلة، لم يقتصر «هوس المونديال» على هواة هذه اللعبة ومتتبعيها، انما طاول اللبنانيين باختلاف اعمارهم واهوائهم، لا فرق بين نساء واطفال وشباب ورجال، فالجميع يبدون حماسة تصل بالمشجع الى حد التماهي بفريقه وكأنه برازيلي الاصل او الماني الجنسية بقوله «انا برازيلي...» او «انا الماني»...، ما يؤكد مزاجية اللبنانيين الجاهزين للتطرف الى اقصى الحدود في كل الامور مهما كبرت او صغرت. وهذا التأييد لا يكتمل الا بالاعلان عنه من خلال الاكسسوارات المرتبطة بالمونديال، فاضافة الى الاعلام التي تغطي واجهات المحلات وترفرف على ارصفتها، هناك علب قماشية او بلاستيكية لاجهزة الخليوي والولاعات وحمالات المفاتيح، وصولا الى سوار اليد والفولار،.

واختلاف نوعية هذه الادوات المصنوع معظمها في لبنان، يؤثر على اسعارها ارتفاعا وانخفاضا لتلائم كل الميزانيات، ما ساعد في زيادة اقبال اللبنانيين عليها. فاعلام اكثر المنتجات جماهيرية كالبرازيل والمانيا وايطاليا والارجنتين التي تعلق على السيارات، يصل سعرها الى 4 دولارات اميركية، وتنخفض الى ما يقارب الدولار الواحد اعلام الدول التي يقلّ الطلب عليها، بينما يتراوح سعر العلم الذي يصل عرضه الى 5 امتار بين 25 و35 دولارا.

وفي لبنان مشاغل متخصصة لخياطة الاعلام، تفتح ابوابها وتجند موظفيها مرة كل اربع سنوات، اي فقط في موسم المونديال، لإنتاج كل المستلزمات وتوزيعها على المحال المنتشرة في كل المناطق اللبنانية التي ادخلت بيع الاعلام ضمن الخيارات المتوافرة لديها وان كانت في الاساس تبيع ما لا يمت الى الموضوع بصلة. ومشاركة ايران ودولتين عربيتين هما، تونس والسعودية، في كأس العالم لم تحل دون بقاء اللبنانيين على مواقفهم وتأييد فريقهم المفضل مع اكتساب السعودية تشجيعا عاطفيا عربيا اكثر من ذلك الذي تتمتع به تونس. وقد نجد بعض المحاولات الخجولة التي تتمثل بإبراز علم اميركي في مواجهة علم ايراني... هذه التحضيرات التي تجري على قدم وساق منذ بداية مايو (ايار) الماضي، شملت المقاهي والمطاعم واماكن السهر التي عمد اصحابها الى تركيز شاشات كبيرة تتيح لروادها مشاهدة المباريات.

وتبقى المشكلة الوحيدة التي يعانيها الاهل كل اربع سنوات عند اقامة المونديال هي تزامنه مع مواعيد امتحانات نهاية السنة المدرسية والجامعية، لتبدأ «المعارك» مع ابنائهم ولا سيما منهم من يستعد لتقديم الامتحانات الرسمية التي ستبدأ في منتصف يونيو (حزيران)، ولن تنتهي الا اوائل يوليو (تموز). اما في الصفوف العادية، فقد تنبهت بعض المدارس للموضوع وأنهت العام الدراسي قبل بدء المونديال فيما بقي معظمها على موعده المعتاد في منتصف يونيو. وهذا ما جعل الأهل يبدون استياءهم من التأخير الذي سيؤثر على الارجح سلبا على علامات أبنائهم ودراستهم.