الصينيات ينافسن المصريات على أبواب منازل القاهرة

يروجن الصين في حقائب

TT

في الوقت الذي استغرق فيه البرتقال المصري شهورا وأياما طويلة لاقتحام السوق الصيني بسبب عدم مطابقته للمواصفات التي وضعتها الحكومة الصينية، نجحت الصينيات في اختراق السوق المصري في هدوء وصمت ومن خلال عمل دؤوب، حين نجحن في إقناع ربات البيوت والنساء في المنازل أن يفتحن لهن الأبواب لشراء ما معهن من منتجات تبدأ بالقلم الرصاص وأدوات المطبخ البسيطة، وتنتهي بالملابس والأحذية وأدوات التجميل، كل هذا في حقيبة كبيرة يحملنها على ظهورهن ويجبن بها شوارع القاهرة متنقلات من حي إلى آخر، ومن منزل إلى منزل من دون كلل أو ملل.

كما ان ما يقمن به لا يعتبر مخالفا للقانون، اذ يحضرن الى مصر كسائحات ويقمن بعملية البيع خلال فترة وجودهن في البلد، ومع انه لا توجد احصائيات رسمية لاعدادهن، الا إنه يقدر بالمئات. الطريف أنهن اكتسبن من حياتهن في مصر لغة نسائها وسلوكهن في عمليات البيع والشراء، فتعلمن لغة التفاوض، أي «الفصال» للحصول على سعر أفضل.

تشانغ لي صينية تجاوز عمرها الأربعين تستيقظ كل يوم في العاشرة صباحا حيث تقيم في شقة بحي مدينة نصر لتنطلق بعدها حاملة على ظهرها حقيبة كبيرة كتلك المستخدمة في رحلات السفاري لتبيع ما بها من منتجات جاءت بها من الصين، وتستقل تشانغ لي خلال رحلتها تلك سيارات النقل العام حتى توفر ثمن المواصلات.

قالت بلغة عربية مكسرة: الأجور في الصين بسيطة وكلنا جربنا التجارة بما ننتجه في الصين في دول عديدة، مصر من أهم الدول التي نأتي لها حيث تلقى بضائعنا رواجا كبيرا، لقد جئت أول مرة إلى مصر منذ ست سنوات، وكنت وقتها أشارك ببيع ما معي من خلال بعض المعارض التي كنا نقيمها في النوادي والأسواق العامة، فتعلمت الحديث بالعربية وفهمت طبائع المصريين، ولكن هذه الأسواق والمعارض كانت تأخذ نسبة من الأرباح وهو ما يقلل من أرباحي، مما دفعني للتفكير في أن أبيع ما معي من منتجات صينية عبر الطرق على أبواب المنازل، حيث ترحب النساء بالشراء مني. وتضيف تشانغ قائلة: «عندما جئت إلى مصر في المرة الأولى لم أكن أعلم طباع أهلها في الشراء من المعارض المفتوحة وبخاصة النساء ولكن بمرور الوقت تعلمت ألا أذكر لهن السعر الحقيقي بل أقول لهن سعرا أعلى، حتى أبيع بالسعر الذي أريده بعد تفاوضهن معي».

وردا على سؤال عن أهم العقبات التي تواجهها في عملية البيع تلك؟ قالت: «حراس العمارات في كل مرة أدخل فيها إلى أية عمارة يستوقفونني ويسألونني عن هويتي، ومن أريد، وماذا أحمل على ظهري وغيرها من الأسئلة التي تحاصرني، رغم أنهم باتوا يعرفونني لأنني بات لي زبائني الذين ينتظرون الشراء مني».

تشانغ لم تكن الصينية الوحيدة التي احترفت عملية بيع ما لديها من منتجات صينية على ظهرها، فهناك غيرها المئات اللاتي بتن يحترفن تلك المهنة، وقد تلتقي بهن في أي وقت أثناء تجوالك في القاهرة أو حتى أثناء وجودك في منزلك.

شين نان إحداهن لكنها أكدت أنها ليست كغيرها لأنها لا تبيع سوى الملابس والأحذية الصينية لأنها لا تأخذ حيزا كبيرا، كما ان النساء لا يتوقفن عن شرائها «لانني أبيع بأسعار اقل من الأسواق»، وتحضر لهن دائما الجديد في عالم الموضة لهذه المنتجات. أما سبب حضورها إلى مصر فكان بسبب ما سمعته من زملائها الذين سبقوها بالحضور إلى مصر عن اتساع السوق المصري وقدرته على استيعاب البضائع الصينية في ظل الظروف التي يواجهها الشباب في الصين.

يذكر أن حجم التجارة بين الصين ومصر بلغ حسب بيان وزارة التجارة الخارجية في مصر في عام 2005 مليارا ومائتي مليون دولار تمثل واردات الصين لمصر 90% بينما تمثل صادرات مصر للصين 10% والواقع يؤكد أنه لم يعد هناك شيء لا تصدره الصين لمصر حتى الثوم الذي بات يملأ محال باعة الخضر في مصر وهو ما يهدد مستقبل الصناعة المصرية التي بات العاملون بها يشعرون بالخطر من تهديد الصينيين لهم. فجميع المنتجات الصينية رخيصة الثمن وتنافس مثيلاتها المصرية وبالتالي يقبل على شرائها المواطن البسيط، حتى أن الغرفة التجارية لصناعة الجلود في مصر تقدمت منذ أسابيع قليلة بشكوى لوزارة التجارة الخارجية تؤكد فيها تعرضها لخسائر كبيرة من جراء بيع الصينيين للحقائب والأحذية الصينية بأسعار رخيصة في مصر بشكل بات يهددهم بالإفلاس. والسؤال الآن: هل ترى النساء المصريات يطرقن ذات يوم أبواب المنازل في الصين ببضائع مصرية طالما عجزت الحكومة عن زيادة حجم صادراتها للصين؟!