غاب المحللون العسكريون وحضرت الأغنيات الوطنية

الحرب على لبنان على الفضائيات العربية

TT

الأوضاع الأمنية الخطيرة التي يعيشها لبنان هذه الأيام، انعكست على الشاشات العربية، لكن كل على طريقتها المختلفة باختلاف الخلفية السياسية للقائمين عليها، صحيح ان معظم القنوات الإخبارية المتخصصة أفردت معظم أوقات بثها لنقل آخر ما يستجد من أحداث، وهو ما ظهر جليا يوم الجمعة الماضي، عندما بدأ اللبنانيون يومهم بتفقد حجم الدمار، الذي انتشر في اكثر من مكان على امتداد بلدهم، الا انها لم تكن الوحيدة في هذه المهمة، بل منافسة واضحة من القنوات التي تصنف بقنوات المنوعات.

أما عن القنوات الإخبارية فقد تقاسمت قناتا «الجزيرة» و«العربية» اهتمام المشاهدين، تلتهما قناة «المنار» التي اختار المذيعون فيها لهجة التحدي والسخرية، اثناء قراءة نشرات الأخبار لابتسام أحيانا لإعطاء صورة مغايرة.

وحسب تقرير لوكالة الأنباء الفرنسية، فقد اعتمدت «العربية» و«الجزيرة» على تعليقات محللين عرب، واسرائيليين ايضا يتحدثون العربية، محاولين عرض وجهة نظر مختلفة للاحداث.

القنوات اللبنانية أوقفت معظمها برامجها المعتادة، ونشرت طاقم المراسلين والمصورين، ونقل هؤلاء تقارير مباشرة رغم أن القصف البري والجوي والبحري لم يترك لهم الوقت الكافي لالتقاط الانفاس، فمواقع الدمار تتزايد، والناس يحاولون البحث عبثا عن موقع، ربما يكون اكثر أمنا.

على الشاشات، ظهر المراسلون الصحافيون، وقد ارتدى بعضهم أغطية الرأس الواقية والشريط الأحمر، الذي يظهر أسفل الشاشة ناقلا الأخبار العاجلة، كلها تكمل صورة اجواء الحرب الحقيقة والظروف الخطيرة التي يواجها المراسلون، فرغم اختلاف ولاءاتهم وقناعاتهم بما يجري، سواء كانوا مساندين أو معارضين لسياسة حزب الله، الا ان القذائف الإسرائيلية تساوي بين الجميع ان صادف وجودهم في الموقع المستهدف. الجديد في تغطية وسائل الإعلام العربية للحرب القائمة اليوم، قلة استعانتها بالخبراء والمحللين العسكرين، كما حدث في الحرب على العراق، وهو ما فسره البعض بضعف الثقة التي بات يتمتع بها هؤلاء، بعد سيل التحليلات التي ثبت بطلان معظمها خلال الحرب المذكورة، واكتفت في معظم الأحيان باستضافة سياسيين واعلاميين لفك شيفرة ما يجري. في القنوات اللبنانية على وجه الخصوص، اختلف ايقاع المعركة، فقناة «المنار» التابعة لحزب الله، استمرت باذاعة برامجها رغم انباء عن استهدافها بالقذائف الاسرائيلية، وهو ما يؤكد اختيارها لأكثر من مكان لإنجاز عملها. وقد انفردت هذه القناة ببث خطاب حسن نصر الله (وهو أمر طبيعي)، باعتباره الخطاب الأول له بعد بدء الهجوم الاسرائيلي على لبنان، حيث نقلت اخبار هذا الهجوم وايضا اخبار الهجمات المضادة، التي قام بها حزب الله في البر والبحر، وخلال الفترات الفاصلة بين الاخبار بثت القناة اغنيات مصورة عن المقاومة، وعملياتها اثناء مواجهتها مع اسرائيل، التي بدأ ت قبل اكثر من عقدين.

الأخبار والأغنيات الوطنية ظهرت ايضا على شاشة تلفزيون الجديد (نيو.تي.في)، حيث ذكرت جوليا بطرس باجتياح الجنوب بأغنيتها الشهيرة عن الجنوب، الذي يرفض الموت. ولأن الألم يستحضر الألم، فقد اختارت المستقبل في فواصلها أغنيات عن رئيس الوزراء السابق رفيق الحريري لتكتمل صورة الدمار والموت الذي يعيشه لبنان.

ويعلق الدكتور محمد عايش عميد كلية الاتصال بجامعة الشارقة، على عدم استعانة القنوات الاخبارية المتخصصة بخبراء عسكريين، بسبب ما سماه المفاجأة في توقيت الحدث، على عكس ما كان في الهجوم الأميركي على العراق، عندما استعدت القنوات لذلك جيدا، ويضيف «ما يمكن ملاحظته بشكل قوي، هو دخول قنوات المنوعات على الخط، ومنافستها للقنوات المتخصصة، وكأن كل واحدة منها تريد الفوز بأكبر حصة من المشاهدين»، ويشير إلى مسألة إذاعة الأغاني الوطنية بأنها «من الأمور المهمة التي تثير الحماسة لدى المشاهدين».

أخبار الحرب والموت، تشكل دوما مادة دسمة لوسائل الاعلام، ولأن المنطقة عاشت حروبا متتالية، فإن قنوات الاخبار المتخصصة، التي انطلقت في المنطقة أخيرا لا تجد مشقة كبرى بتغطية ساعات البث، وفي هذا الحدث الخطير يتبارى كل طرف ليكون في مركز الحدث، ومهما اختلفت الآراء على مصداقية وحيادية هذه الوسائل، ومدى جماهيرية كل منها، الا انه لا يمكن اغفال الاقبال الكبير الذي تلاقيه هذه القنوات في مثل هذه الظروف.