مراسلو القنوات الفضائية في لبنان: معاناة وخطورة لنقل الخبر

TT

إذا كانت الهجمات الاسرائيلية على لبنان قد أعادت اللبنانيين إلى ذكريات حربهم الأهلية وما يواجهونه من مصاعب في الانتقال من مكان لآخر، فإن للعاملين في القنوات الفضائية في بيروت وما حولها من مدن لبنانية نصيب الأسد من هذه المعاناة المستمرة، فلا يكفي أنهم في قلق على أهلهم وعائلاتهم وهم يعملون باستمرار بعيدا عنهم، لتأتي مصاعب عدة حول كيفية قدرتهم على قيامهم بعملهم.

ومن الطبيعي أن تنسحب المعاناة من القصف الإسرائيلي الجوي في لبنان على الصحافيين الذين يجدون صعوبة كبيرة ومضاعفة في إيصال المعلومة إلى المشاهد أولا بأول في جو مليئ بشح في الموارد على اختلافها وصعوبة التنقل بين المناطق المختلفة، بالإضافة إلى خطورة عملهم وهم يتنقلون وراء الحدث، الذي هو اساسا عملية حربية لها من الخطورة الشيء الكثير، فكيف يعمل هؤلاء المراسلون لإيصال أخبارهم لبثها عبر القنوات الفضائية.

«الشرق الأوسط» سألت الدكتور نبيل الخطيب المدير التنفيذي لقناة العربية الإخبارية عن أبرز الصعوبات التي تواجه مكتبها في بيروت في نقل الحدث في ظل هذه الظروف الحالية، فقال إن الاتصالات الهاتفية مع المراسلين متوفرة وهي ليست المشكلة، «فالعقدة الأكبر تكمن في ثلاث نواح، أولها أن التنقل من منطقة إلى أخرى بالنسبة للمراسلين أصبحت محدودة ومستحيلة من الناحية العملية والأمنية، وبالتالي نحن غير قادرين على الحصول على التغطية التي نرغب بها». ويدلل الخطيب بمراسل العربية علي نون الذي توجه في أول أيام القصف إلى الجنوب كي يغطي الأحداث هناك، حيث تقطعت الطرق وأصبح لديه مع الوقت قليل في البنزين ولم يستطع بذلك التنقل بين القرى هناك كيلا يفقد مخزونه من الوقود «بالإضافة إلى أن الطاقة اللازمة لتشغيل جهاز البث الذي نتواصل معه من خلاله أضحى كذلك محدودا للغاية، وبناء على ذلك كما أسلفت لك لم يعد يستطيع أن يغطي ما يحصل إعلاميا كما هو يستطيع وكما نحن نأمل».

ويضيف الخطيب أن المشكلة الثانية «والأعقد أن صح التعبير هي في بيروت فأنت لا تغطين اشتباكا في الشارع وبصحبتك وحدة تصوير تستطيعين أن تغطي الحدث ومن ثم تنسحبي في الوقت المناسب من المنطقة التي مطلوب أن نبث منها بثا حيا ومباشرا ونعطيها حقها من التغطية والتصوير هي نفس المنطقة التي يتم استهدافها، وبعد قصفها سرعان ما يعود الطيران ويقصفها مرة أخرى، وبذلك فإن التعامل مع ظروف الحرب الجوية أصعب ألف مرة من التعامل مع ظروف الحرب البرية»، ويشير إلى أن المشكلة الأخيرة هي أنه ما بين المناطق المختلفة التي تم قصفها هناك شح في الموارد مثل وجود عدد محدود من أجهزة البث والتصوير مقارنة بالتطور في المجالات الأخرى «وما يحدث في لبنان حاليا ليس محط اهتمامنا نحن فقط بل محط اهتمام جميع وسائل الإعلام لذلك أصبحنا بحاجة إلى مستوى كبير من التجهيزات الحديثة للبث التي أضحت مسألة ارسالها مستحيلة بسبب الظروف الحالية». ويتفق سامر حمزة مستشار مركز الأخبار في تلفزيون دبي، مع الدكتور الخطيب في الوضع الذي يعانيه الصحافيون خلال نقلهم لمجريات الأحداث في لبنان، ويقول «إسرائيل لا تفرق بين صحافي أو مدني أو موظف في الصليب الأحمر أو أية منظمة مدنية وأكثر من مرة تعرضت حياة مراسلتنا سلام خضر للخطر من خلال قذيفة تسقط عليها خلال تغطيتها للأحداث خلال الايام الأربعة الأخيرة، حتى عندما نرغب بإبدال مراسلنا في الجنوب على سبيل المثال بزميل اَخر له لا نستطيع بسبب تقطع الطرق، ويؤكد «نحن لا نهتم في الوقت الحاضر بالسبق الصحافي بقدر ما يهمنا أبراز معاناة الناس هناك جراء ما يحدث».

من جهته، يؤكد أحمد القرشي إدريس رئيس تحرير في قسم الأخبار في قناة «إم بي سي» أن سلامة المراسلين تأتي على قمة الأولويات بالنسبة لهم، ويقول «رغم قيامهم بالمخاطرة لنقل المعلومة إلا أن الحرص على حياة مراسلينا تأتي في قمة أولوياتنا، الخطورة في الأمر أن القصف الجوي العشوائي لإسرائيل لم يدع أحدا بمأمن عن الخطر على الإطلاق، أسهل طريقة للتواصل مع مراسلينا هي عن طريق الهاتف».