التوك توك: مركبة لنقل الركاب بثلاث عجلات تغزو الأقاليم المصرية

TT

باع هشام بقرة كان قد ورثها عن أمه، لكن البقرة، الكبيرة في السن، لم يكن ثمنها يكفي لشراء التوك توك، أهل الخير قالوا له أن يستأجر توك توك ويعمل عليه، لكنه قال لهم إنه لا يحب أن يعمل عند أحد، أهل الخير عادوا ليشيروا عليه بشراء توك توك بالتقسيط، وبرغم ارتفاع الفارق في السعر إلا أنه وافق، وأصبح أخيرا، هكذا قالها لي وهم يبتسم بفخر، من مالكي التوك توك.

التوك توك عربة صغيرة بثلاث عجلات، ذات أصل صيني مغطاة بغطاء بلاستيكي يحجب أشعة الشمس، لكنها بدون أبواب، بها مقود ومقعدين، واحد أمامي يجلس عليه السائق، وآخر خلفي يتسع لاثنين، يركب عليه من يريد الذهاب مسرعا لعمله أو العودة لبيته، ويعمل التوك توك عادة في نقل الركاب داخل المدن الصغيرة التي لا يوجد بها وسائل النقل المعتادة مثل التاكسي وما شابه، واستطاع في فترة وجيزة أن يحل محل عربات الحنطور، وسيارات الأجرة الكبيرة المستغلة، وتتراوح الأجرة بين الجنيه والنصف جنيه داخل المدينة، لكنه لا يتجاوزها بأية حال من الأحوال، كما أنه لا يخرج من المدينة للعمل على الطريق السريع.

التوك توك كما قال لي هشام هو دراجة بخارية في الأساس، فسبا بالتحديد، يعمل بنفس ماكينتها، ما زاد عليه، هو عجلة ثالثة في الخلف كي تحفظ توازن الجالسين في الخلف، بالإضافة إلى تاندا للتغطية.

انضم هشام بشرائه التوك توك بواحد وعشرين ألف جنيه، دفع أربعة آلاف في البداية والباقي بالتقسيط على أربع سنوات، إلى نادي مالكي التوك توك، في مدينة طهطا، أصبح يقف راكبا التوك توك أمام المحطة منتظرا العائدين من السفر، أو من المحافظة ليحملهم إلى بيوتهم البعيدة مقابل جنيه واحد في المشوار، ويقول لي «كان بإمكاني شرائه بخمسة عشر ألفا لو كان معي المبلغ كله، لكن الحمد لله على كل حال»، ويضيف أن البلد كلها اشترت توك توك، بعد أن عرفوا أنه يكسب كثيرا «أقوم بتغطية أكثر من ستين مشوارا في اليوم الواحد على الأقل» وهذا في رأيه ما أدى إلى رفع سعره بعد أن كان منذ خمس سنوات عندما دخل مصر بتسعة آلاف، ليرتفع هكذا إلى قرابة الضعف.

هشام الذي تخرج من كلية الآداب، جامعة جنوب الوادي، منذ أكثر من ثلاث سنوات، انتظر عمله الحكومي بلا جدوى، ولأن مجتمعه يقول أن الرجل لا بد أن يعمل، قرر هشام أن يشتري «توك توك» ويعمل عليه بدلا من الجلوس على المقهى في انتظار خطاب التعيين، لكن ما يضايقه في هذا العمل هو رجال المرور فهم على حد زعمه «لا يرحموننا، يطالبوننا برخص، وهم لم يمنحوننا رخصا من أصله».

عطية الذي كان يجلس على المقعد المجاور لي في المقهى بطهطا لا يحب التوك توك، ولا يحب أن يركبه، عطية لا ينسى أن التوك توك تسبب في عجز ابنته، «كانت عائدة ذات يوم من المدرسة، مع صديقاتها على الطريق الزراعي المؤدي إلى قرية بني عمار، عندما جاء توك توك سريع كان يقوده طفل لا يتجاوز عمره 14 عاما، ضربها، لم يستطع الولد أن يتحكم في مقود التوك توك، فأطارها لتسقط في مصرف المياه في الحقول المجاورة، بينما فرت كل واحدة من زميلاتها في جهة»، يقول عطية: لا تستطيع أن تسجن طفلا، أو تقول له: اجلس في البيت تحسباً لحوادث التوك توك، لكن مع ذلك فالحوادث التي يقوم بها التوك توك في المدن الريفية تزداد يوما بعد يوم، ربما لكثرة مركبات التوك توك التي ترتفع كل يوم، نظرا للربح الذي تدره على صاحبها، والسباقات بين سائقيها في شوارع القرى والمدن الضيقة وهو ما يؤدي إلى إصابة الكثيرين، ووفاتهم في بعض الأحيان. ما حدث لابنة عطية، بسبب الطفل الطائش، سببه البطالة أيضا، والتسرب من التعليم، حيث تلجأ بعض الأسر إلى تأجير مركبات التوك توك لأولادهم للعمل عليها بعد أن فشلوا في التعليم، أو لم يستطيعوا مواصلته لارتفاع مصاريفه، البعض يلجأ للعمل على التوك توك أيضا لزيادة موارده المالية.