«أوجريس» فرقة نوبية تفتش في كنوز التراث

تغني للحب والسلام وترفض النجومية

TT

هل من الممكن ان يكون الخوف باعثا للإبداع؟ سؤال يفرضه واقع فرقة «أوجريس» النوبية التي تخصصت في الغناء النوبي وعملت على نشره في مصر بعد ان شعر اعضاؤها بالخوف على تراثهم الموسيقي الذي كاد ان يندثر أمام هجمات الموسيقى الحديثة العصرية. «نوبا» كلمة هيروغليفية تعني أرض الذهب. ويعتبر النوبيون من أكثر الفئات حفاظا على موسيقاهم التي نشأت عن طريق القبائل النوبية الثلاث «الفاجيكي» و«الماكينز» و«الماتوكي»، والتي كانت تعيش بين أسوان ووادي حلفا جنوبا قبل تهجيرهم لبناء السد العالي. وتعتمد الموسيقى النوبية على السلم الخماسي بشكل اساسى، وهناك اسماء كبيرة قدمت الموسيقى النوبية للعالم، من بينهم حمزة علاء الدين وعلي كوبان واحمد منيب. وعلى الرغم من عراقة هذا الفن، الا انه يواجه خطر الاندثار لانخراط النوبيين في المجتمع المصري وعدم استخدام اللغة والفنون النوبية ضمن مفردات الحياة الحديثة.

ونظمت أخيرا ساقية الصاوي بالقاهرة أمسية غنائية لفرقة «أوجريس» والتي تعني بلغة أهل النوبة «حالة نوبية». وقد حاز عرض الفرقة اعجاب الحاضرين الذين تفاعلوا مع الموسيقى النوبية بكل ما فيها من عذوبة.

«الشرق الأوسط» التقت بمجدي النوبي رئيس الفرقة الذي قال ان فكرة الفرقة جاءت مع بدايتها منذ اربع سنوات «حيث اعتمدنا على ان يكون ما نقدمه حالة نوبية خالصة لها شقان، الاول تقديم التراث النوبي كما هو بلا تغيير، والثاني تقديم شكل معاصر ومتطور للموسيقى النوبية من خلال استخدام كلمة جديدة ولحن عصري بشرط الا يبتعد كثيرا عن السلم الخماسي الذي يميز الموسيقى النوبية، ونحن في فرقة «أوجريس» نقدم حياتنا كما نعيشها لذلك نحب تسمية الفرقة بـ«حالة نوبية». تقدم مفردات الحياة، من حب والم وسياسة، في الأغنية النوبية «فنحن نغني للكرسي واعمدة الإنارة والصورة الفوتوغرافية، كما نغني للسلام السياسي والسلام النفسي ونغني للفلوجة والقدس».

تعتمد الفرقة العمل الجماعي لأعضائها وهذا ما يميزها مقارنة مع غيرها وتقدم كل اعضائها باعتبارهم نجوما، حتى بوسترات الفرقة لا تحمل صورة أي منهم منفردا، «لان الفن النوبي هو فن المشاركة وليس فن النجم الواحد وهذا ما تعلمناه من مفردات البيئة النوبية ومن اجدادنا» يضيف مجدي.

الفرقة تضم بجانب ابنائها اعضاء من دول اجنبية، فهناك اثنان من الولايات المتحدة الأميركية، وعازفة من فرنسا، وقد سعوا للانضمام الى الفرقة لاعجابهم وانبهارهم بالموسيقى النوبية التي تعتبر شيئا جديدا بالنسبة لهم، وقد تعلموا العربية في مدة قصيرة ليستطيعوا فهم ما نقول حتى يتوحدوا مع الكلمات. ويبرر مجدي النوبي حالة الاغتراب التي تميز الموسيقى والغناء النوبي عن غيره من الوان الغناء المصري قائلا: صفة الاغتراب تأصلت داخل وجدان النوبيين نظرا لظروف التهجير التي مرت بهم وحنينهم للارض التي انبتتهم خاصة ان المكان الذي تم تهجيرهم اليه كان يطلق عليه «ارض الجن» لانها منطقة خالية من كل مظاهر الحياة ومليئة بالاشباح والثعابين والعقارب، فهي منطقة طاردة وليست منطقة جذب، «وقد عشت في هذه المنطقة لمدة 15 عاما وما زلت اقضي بها 3 شهور سنويا».

وعن تصنيف بعض الكتاب ذوي الاصول النوبية انفسهم على انهم اقلية مهضومة الحقوق في مصر يقول مجدي النوبي «ثقافتنا النوبية مكون اساسي من مكونات الثقافة المصرية، وانا ارفض هذا التصنيف لانه مجحف وغير صحيح فاذا تحدثنا من منطلق التفريق بين البيئات المصرية، يجب ان نشير الى أن من ينتمون الى البيئة الصحراوية اقلية والذين ينتمون الى البيئة الساحلية اقلية اخرى وان كلا منهما له حقوقه المهضومة، وما احب ان اقوله اننا ابناء لهذه الارض بخيرها وشرها وعدلها وظلمها وهذا هو المهم».