«تياترو محمد علي».. من مسرح سيد درويش إلى أوبرا الإسكندرية

شيده الفرنسي جورج باراك بطراز إيطالي على غرار قصر أوديون

TT

يحمل هذا المسرح ملامح العصر الذهبي لمدينة الإسكندرية خلال حكم أسرة محمد علي لمصر، فقد شيده في عام 1918 اللبناني بدر الدين قرداحي أحد أثرياء المدينة الساحلية على أطلال مسرح زيزينيا الشتوي الذي كان يمتلكه أيضا. وكان يطلق عليه «تياترو محمد علي»، وما زال هذا الاسم مدونا على اللوحة التأسيسية للمسرح في اعلى واجهته الرئيسية. وفي عام 1962 تم تغيير اسمه الى مسرح سيد درويش.

أراد قرداحي لمسرحه أن يكون تحفة معمارية فاستعان بالمهندس الفرنسي المعروف آنذاك جورج باراك الذي شيده على الطراز الإيطالي وعلى غرار قصر «أوديون» الشهير في فرنسا، كما زينه بمجموعة من العناصر الزخرفية الفريدة ذات الطابع الكلاسيكي الأوروبي الذي كان سائدا في بداية القرن العشرين في مصر، وقدمت عليه عروض مسرحية عديدة مصرية وأجنبية.

يقع المسرح في طريق الحرية في شارع فؤاد (سابقا) بمنطقه محطة الرمل بالإسكندرية وتم بناؤه على مساحة 4200 متر مربع، وسجل ضمن الآثار الإسلامية بالإسكندرية لما يحتويه من عناصر معمارية ومجموعة فريدة من الزخارف ترجع إلى عصر النهضة الأوروبية. ولفترات طويلة عانى المسرح من الإهمال والإغلاق حتى آل أمره إلى دار الأوبرا المصرية بعد إعادة ترميمه وتطويره التي استغرقت عاما ونصف العام بتكلفه 25 مليون جنيه، وافتتحه الرئيس محمد حسني مبارك عام 2004 ويعرف حاليا بـ «أوبرا الإسكندرية». وأثناء عملية ترميمه عثر على بعض الأشياء الطريفة منها ورقة قديمة عليها كتابات بالعربية والفرنسية والإنجليزية واليونانية وتحمل تاريخ «الجمعة 10 نوفمبر 1922» وتحتوي على إعلان عن عرض سينمائي باللغات الأربع. كما عثر على العديد من طوابع البريد والقطع والعملات المعدنية الأثرية، وهو ما يوضح الدور الذي قام به هذا المسرح منذ بدايات القرن العشرين، فلم يقتصر دوره على العروض المسرحية فقط وإنما قدم أيضا العروض السينمائية العالمية. ومع نهضة المسرح المصري على يد يوسف وهبي ويعقوب صنوع وجورج أبيض، بدأ المسرح في ظلال تلك النهضة عرض ما تمت ترجمته من أعمال مسرحية أجنبية في بداية الستينيات، كما قدمت عليه فرقة التلفزيون عددا من عروضها الشهيرة، وشكل ملجأ فنيا لفرقة الإسكندرية المسرحية، فقدمت عليه الكثير من عروضها بعد أن أغلقت معظم مسارح الإسكندرية وصارت مقاهي وبنايات ومراكز تجارية. تحت عباءة الوضعية الحالية للمسرح تأسست فرقة أوبرا الإسكندرية للموسيقى والغناء العربي، وأوركسترا وتريات أوبرا الإسكندرية إضافة إلى عدد من الفرق الموسيقية الاسكندرية التي قدمت عروضها لأول مرة على هذا المسرح. كما يستضيف المسرح أربعة مهرجانات عربية وعالمية ثابتة في أجندته الثانوية وهي «مهرجان أغنية البحر المتوسط» و«مهرجان الموسيقى العربية» و«مهرجان الإسكندرية السينمائي» و«المهرجان الثقافي والفني لدول حوض البحر المتوسط» «أيكوم» . يتكون المسرح من ثلاثة طوابق من «اللوجات» و«البناوير». وتعلو صالة العرض قبة مستديرة يحيط بها شريط زخرفي كتبت عليه أسماء لفنانين أوروبيين كان المسرح قد عرض أعمالهم أشهرهم موتسارت وفيردي. ويتجمل المدخل الرئيسي والواجهة بالزخارف النباتية والآدمية والتكوينات الهندسية ذات الطابع الكلاسيكي لعصر النهضة الأوروبية، كما توجد مجموعة من الزخارف على هيئة وجوه عابسة وأخرى باسمة تمثل المسرحيات التراجيدية والكوميدية التي استضافها.

أما بهو المسرح من الداخل فهو عبارة عن صالة مستطيلة الشكل بها مدخلان متقابلان يؤديان الى قاعتين، كما توجد بهذه الصالة مجموعة كبيرة من الأعمدة. أما أركان سقف البهو فزينت بزخارف قوامها مجموعة من الآلات الموسيقية المتداخلة عبارة عن عود ومزمار ونوتة موسيقية.